كيف توجِّه خرائط الطوبوغرافيا في الدوائر العصبية الاستجابة الحركية؟

للبقاء على قيد الحياة، يتعين على الحيوانات ترجمة المعلومات الحسية للخروج باستجابة مناسبة لها. وتُعد حاسة الإبصار من الحواس التي يشيع استخدامها بين الحيوانات لتحديد موضع المحفزات المؤثرة في سلوك الحيوان والموجهة لاستجاباته الحركية. غير أن الكيفية التي تُترجم بها الدوائر العصبية إحداثيات الأجسام على شبكية العين، إلى اتجاه للحركة وفق إحداثيات أبعاد جسم الحيوان، لا يزال يكتنفها الكثير من الغموض.

من هنا، في هذا البحث المنشور، من خلال سلوكيات ذبابة الفاكهةDrosophila ، وخصائصها الفسيولوجية والتشريحية ووصلاتها العصبية، يبرهن الفريق البحثي على أنَّ عملية ترجمة البيانات البصرية الموجهة للحركة تحدث عبر تحويل بيانات طوبوغرافية في الزوائد الشجرية للخلايا العصبية المسؤولة عن التمثيل البصري (VPNs) للبيانات المكانية والراصدة لمعالم الأجسام، إلى قيم مرجحة متدرجة في المشابك العصبية، نتيجة لعمليات التمثيل البصري تلك، لتنتقل أنماط هذه التدرجات إلى الخلايا العصبية بالجهاز العصبي المركزي. ويوضح الفريق البحثي أنَّ أنماط هذه التدرجات تقوم عليها ترجمة موقع أي محفز بصري يقترب من الذبابة من الأمام أو الخلف، لينتج اتجاه هروب الذبابة. وعلى وجه أدق، اكتشف الفريق البحثي أنَّ خليتين عصبيتين، تقعان في مؤخر المشابك العصبية الخاصة بالخلايا العصبية المسؤولة عن هذا التمثيل البصري ، تحفزان إقلاع الذبابة في اتجاهات متعاكسة.

ويؤدي انتقال بيانات هذه الأنماط المتدرجة المتعاكسة عبر المشابك العصبية إلى خلايا الجهاز العصبي المركزي في شتى مناطق مجال الرؤية، من الخلايا العصبية المسؤولة عن التمثيل البصري والاستجابة للأجسام المقتربة إلى تحفيز هروب الذبابة في الاتجاه الصحيح، لتلافي مصدر التهديد المقترب بعد تحديد موقعه. كذلك يبرهن الفريق البحثي على تدرج وتباين استجابة جسم الذبابة للتهديد على امتداد المحور الظهراني البطني لها، في حال ورود بيانات موضع التهديد من نوع ثان من الخلايا العصبية المسؤولة عن التمثيل البصري للبيانات المكانية. ويوضح الفريق البحثي أن نمط التدرج سالف الذكر في المشابك العصبية يكون هو نفسه عبر الأنواع العشرين الأساسية للخلايا العصبية المسؤولة عن التمثيل البصري، وأنَّه ينشأ في كثير من الأحيان بغض النظر عن طوبوغرافيا محاور الخلايا العصبية المسؤولة عن التمثيل البصري.

وبناءً على ذلك، ربما يُعد نمط التدرج الطوبوغرافي لمعالم الأجسام آلية عامة لترجمة الخواص المكانية للمعلومات الحسية إلى اتجاهات حركية عند الاستجابة.