التنوع الفيروسي في المحيطات

تحفِّز ميكروبات المحيطات التدوير البيوجيوكيميائي على المستوى العالمي، إلا أن هذا التدوير تُقَيِّده الفيروسات التي تؤثر على تركيب تجمُّعات الكائنات، ونشاطها الأيضي، ومساراتها التطورية. وبسبب الصعوبات في جمْع عيِّنات الفيروسات وزراعتها، يظل هناك عجز في الوصف الدقيق والدراسة الموسعة للتنوع الفيروسي على مستوى الجينوم، حيث لا يُعْرَف مِن الفيروسات الملاحَظة على أسطح المحيطات سوى أقل من 1%. فقد جَمَع الباحثون جينومات كاملة، وشظايا جينومية كبيرة من كلٍّ من فيروسات أعماق المحيطات، وأسطح المحيطات، وذلك أثناء حملات تارا أوشنز Tara Oceans، ومالاسبينا Malaspina البحثية، وحللوا مجموعة بيانات "خريطة الفيروسات المحيطية" الناتجة؛ لوضع خريطة عالمية للفيروسات مزدوجة شرائط الحمض النووي الوفيرة، وسياقاتها الجينومية والبيئية. حَدَّد الباحثون ما مجموعه 15,222 تجمُّعًا فيروسيًّا من سطح المحيطات والمناطق وسيطة العمق، تتضمّن 867 عنقودًا فيروسيًّا (مُعَرَّفة بكونها مجموعات على مستوى الجنس تقريبًا)، ما يرفع تقريبًا عدد تجمُّعات الفيروسات المحيطيّة المعروفة ثلاثة أضعاف، ويضاعف عدد أنواع الفيروسات البكتيرية والجرثوميّة العتيقة، ويقدِّم عيّنات شبه كاملة لمجتمعات سطح المحيطات على مستويات التجمُّعات الفيروسية، والعناقيد الفيروسية. وجد الباحثون أن 38 من العناقيد الفيروسية الـ867 كانت وفيرة، سواءً محليًّا، أم عالميًّا، وهو ما يفسِّر حوالي نصف التجمعات الفيروسية في أيّ عيّنة من خريطة الفيروسات المحيطية عالميًّا،  بينما ثلثا هذه العناقيد يحمل فيروسات موصوفة حديثًا، لا توجد منها عيّنات مزروعة، إلا أن أغلبها يمكن ربطه حسابيًّا بعوائل ميكروبيّة سائدة ومناسبة بيئيًّا. وإضافة إلى ذلك.. فقد تعرَّف الباحثون على 243 جينًا أيضيًّا مساعِدًا لم يكن معروفًا منها من قبل سوى 95 جينًا فقط. وكشفت تحليلات أعمق لأربعة من هذه الجينات الأيضيّة المُساعدة ( dsrC، وsoxYZ، وP-II ـ المعروف أيضًا بـglnB ـ وamoC) أن الفيروسات الوفيرة ربما تتلاعب مباشرةً في تدوير الكبريت والنيتروجين في مناطق أسطح المحيطات. وتقدِّم هذه القائمة الفيروسية والتحليلات الوظيفية أساسًا مهمًّا لتضمينٍ ذي معنى للفيروسات في النماذج البيئيّة، لتتخذ فيها دور اللاعب الأساسي في تدوير المواد المُغَذِّية، وفي الشبكات الغذائية.