أخبار
كيف يستخدم قراء Nature روبوت الدردشة «تشات جي بي تي»؟
جرب أغلب المشاركين في الاستبيان أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية، وأوضح بعضهم أنهم يستخدمونها لمساعدتهم في أداء مختلف المهام المرتبطة بإعداد الأبحاث.
- Nature (2023)
- doi:10.1038/d41586-023-00500-8
- English article
- Published online:
ما انفك روبوت الدردشة «تشات جي بي تي» يثير الجدل منذ إزاحة الستار عنه في نوفمبر 2022.
Credit: Shutterstock
يحرص الباحثون على استكشاف طرق استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، ومنها روبوت الدردشة المتطور «تشات جي بي تي» ChatGPT، ليُعينَهم على أداء أعمالهم. وفي هذا الصدد، أجرَوا استبيانًا يستطلع آراء قراء دورية Nature. وهو حرصٌ لا يخلو من القلق إزاء إمكانية خطأ تلك الأدوات، أو اعتمادها على معلوماتٍ غير صحيحة.
أظهر الاستبيان، الذي أُجرى عبر الإنترنت، أن قرابة 80% من قراء المجلة المشاركين في الاستبيان، والبالغ عددهم 672 مشاركًا، قد استخدموا «تشات جي بي تي»، أو ما يشبهه من أدوات الذكاء الاصطناعي، مرةً واحدةً على الأقل، وأن ما يزيد على خُمس هذا العدد يستخدمون تلك الأدوات بصفة منتظمة. وذكر 8% من المشاركين أنهم يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي بصفةٍ يومية، في حين أوضح 14% منهم أنهم يستخدمونها عدة مرات على مدار الأسبوع. كما أوضح الاستبيان أن نحو 38% من المشاركين يعرفون باحثين آخرين يستخدمون تلك الأدوات في إجراء أبحاثهم أو في مهام التدريس (انظر: مستخدمو روبوتات الدردشة).
وذكر قسم كبير من المشاركين، تبلغ نسبته 57%، إلى أنهم يستخدمون «تشات جي بي تي» "بغرض الترفيه الإبداعي، لا لأغراض بحثية". ومن بين الأغراض قريبة الصلة بالعمل البحثي، كان العصف الذهني بمساعدة أدوات الذكاء الاصطناعي (أي مناقشة الأفكار معها) هو الأكثر شيوعًا بين المشاركين، بنسبةٍ بلغَتْ 27% منهم، في حين أوضح قرابة 24% من المشاركين أنهم يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية في كتابة الأكواد البرمجية، وذكر نحو 16% منهم أنهم يستخدمونها كي تساعدهم في كتابة المسوَّدات البحثية، أو إنشاء العروض التقديمية، أو في مراجعة المؤلفات والدراسات السابقة. أما استخدام تلك الأدوات في مساعدتهم على صياغة طلبات التقديم على المنح فلم تزد نسبته بين المشاركين على 10%، وهي النسبة ذاتها لمستخدمي الأدوات ذكاء الاصطناعي في إنشاء الرسوم البيانية والصور (تستند هذا الأرقام إلى مجموعة فرعية من المشاركين، يبلغ عددهم نحو 500 مشارك، ولخطأٍ فني في الاستبيان، لم يتمكَّن المشاركون من اختيار أكثر من خيار واحدٍ).
كما أفصح المشاركون، في إجاباتهم على أسئلة مفتوحة تضمَّنها الاستبيان، عن أفكارهم حول مدى إمكانات الذكاء الاصطناعي التوليدية، وأعربوا عن مخاوفهم من استخداماته. توقع بعضهم أن تكون لهذه الأدوات فوائد عظمى في مضمار البحث العلمي، لما ستقدمه من مساعدة على أداء التي تنطوي على شيء من الملل، أو الإرهاق، والتكرار، كمعالجة البيانات الرقمية، أو تحليل مجموعات كبرى من البيانات، وكتابة الأكواد البرمجية وتصحيح أخطائها، فضلًا عن البحث في الدراسات والمؤلفات السابقة. تقول جيسيكا نيافينت-جوري، الباحثة بالمعهد الوطني للتوثيق والابتكار والأبحاث التعليمية (INDIRE)، وهو معهد تابع لوزارة التعليم الإيطالية مختص بالأبحاث التعليمية والابتكار ويقع مقره في مدينة فلورنسا: "إنها أداة جيدة لأداء المهام الأساسية؛ ما يسمح للباحث بالتركيز على أداء المهام العقلية الأكثر تعقيدًا، وإجراء التعديلات على المحتوى المتولِّد عبر أدوات الذكاء الاصطناعي".
يأمل البعض أن يسهم الذكاء الاصطناعي في تسريع إيقاع الكتابة البحثية، وأداء هذه المهام بسهولة أكبر، عبر توفيره إطارًا مبدئيًا سريعًا يَسهُل تعديله وإدخال التغييرات عليه إلى أن يصبح في صورته النهائية أكثر تعقيدًا وأدق تفصيلًا.
يقول ديليفان مادهاف، عالم الأحياء بالمعهد المركزي لبحوث الجلود الكائن في مدينة تشناي بالهند: "تعود النماذج اللغوية التوليدية بفوائد جمَّة على شخصٍ مثلي، ليسَتْ اللغة الإنجليزية لغتَهُ الأولى؛ فهي تيسِّر لي الكتابة بمهارة وسرعة أكبر، لم أعهدها قبل الآن. فالأمر يشبه وجود محرر لغوي محترف بجواري في أثناء كتابة الورقة البحثية".
وعلى جانب آخر، ثمة مخاوف تراود الباحثين حول مدى إمكانية الاعتماد على تلك الأدوات والوثوق في مُخرجاتها، وكذا حول احتمالات إساءة استخدامها. فقد أعرب كثيرٌ من المشاركين عن قلقهم إزاء إمكانية احتواء الإجابات التي يأتي بها الذكاء الاصطناعي على أخطاء أو تحيزات. تقول ساناس مير بشيري، عالمة البيولوجيا الجزيئية في جامعة لودفيج ماكسيميليان الواقعة في ميونيخ بألمانيا: "لقد اختلق «تشات جي بي تي» لي ذات مرةٍ قائمة زائفة من الدراسات السابقة، فلم يكن لأيٍ من المنشورات التي ضمَّتها تلك القائمة وجود حقيقي؛ وما أظنُّ إلا أن هذا سلوكٌ ينطوي درجة عالية من التضليل".
وعبَّر آخرون عن مخاوفهم من إساءة استخدام تلك الأدوات، كأن تُستخدم، على سبيل المثال، في أن يؤدي عن الطلاب واجباتهم المدرسية، أو في إنتاج معلومات مغلوطة، وإن بَدَت على المستوى الظاهري معقولةً ومقبولة. وثمة مسألة طُرحَتْ للنقاش مرارًا، وهي أن الذكاء الاصطناعي قد يوظَّف على النحو الذي يغذي نزعات التزييف والانتحال العلميَّين، إذا ما استُخدمت أدوات الذكاء الاصطناعي لاختلاق أبحاث زائفة. كما أُثيرت مخاوف إزاء الاعتماد – الزائد عن الحد – عل الذكاء الاصطناعي في أداء مهام الكتابة، أخذًا في الحسبان ما لذلك من تأثير في تحجيم قدرات الباحثين الإبداعية، والانتقاص من قدرتهم على التعلُّم.
ذهب الكثيرون إلى أن السبيل الأرشد يتمثل في اعتبار الذكاء الاصطناعي بمثابة أداة تُعين على أداء مهام العمل، لا كأداة تنهض بأعباء العمل برمَّتها. تقول ماريا غراتسيا لامبوجناني، عالمة البيولوجيا المتقاعدة من مدينة ميلان الإيطالية: "الذكاء الاصطناعي أداة لها فوائدها، شريطة أن تظل أداةً من جُملة الأدوات؛ ويجب أن نَتَنبَّه دائمًا لما يعتورها من عيوبٍ وأوجه قصور، وأن نعمل على التحكم فيها."