مخاوف إزاء ارتفاع استخدام المضادات الحيوية البيطرية

وفقًا لدراسة نُشرت مؤخرًا، من المتوقع أن يشهد استخدام المضادات الحيوية في تربية الحيوانات ارتفاعًا بنسبة قدرها 8% بين عامي 2020 و2030، رغم الجهود الدؤوبة المبذولة للحد منه. ويُعد هذا الاستخدام من أبرز العوامل التي تسهم في نشوء ظاهرة المقاومة البكتيرية (R. Mulchandani et al. PLOS Glob. Public Health 3, e0001305, 2023).

ويُعتقد أنَّ فرط استخدام المضادات الحيوية في مجال الزراعة من أهم محركات ارتفاع معدلات إصابة البشر بالعدوى البكتيرية غير القابلة للعلاج بالمضادات الحيوية. إذ تُستخدم المضادات الحيوية في أغلب الأحيان لإسراع وتيرة نمو الحيوانات والوقاية من الأمراض، في البيئات المزدحمة الضارة بالصحة.

تعقيبًا على ذلك، يقول توماس فان بوكل، اختصاصي بيئات الأوبئة من «المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا» (ETH) في مدينة زيورخ السويسرية، وأحد المشاركين في وضع الدراسة، إن الباحثين واجهوا صعوبة بالغة في حساب كمية المضادات الحيوية المُستخدمة في عدة دول، لأنَّ غالبية الدول تحجم عن الإفصاح عن بيانات استخدامها للمضادات الحيوية الزراعية. وكبديل، يعمد عديد منها إلى نشر هذه البيانات لدى «المنظمة العالمية لصحة الحيوان» (WOAH)، التي تدرج بيانات استخدام الدول للمضادات الحيوية في صورة مجموع لاستخدام القارة المنتمية إليها الدولة، وهو كل ما يمكن للباحثين الاطلاع عليه في هذا السياق. بل إنَّ نحو 40% من الدول لا يفصح للمنظمة عن حجم استخدامه للمضادات الحيوية من الأساس.

تعقيبًا على ذلك، يقول فان بوكل: "أغلب بيانات استخدام المضادات الحيوية بالعالم لا يُعتد بها".

من هنا، سعيًا إلى وضع تقديرات لاستخدام المضادات الحيوية في 229 دولة، تضافرت جهود فان بوكل ورانيا مولشنداني، اختصاصية علم الوبائيات من المعهد ذاته، وعدد من زملائهما الآخرين، بهدف جمع البيانات حول هذا الخصوص من حكومة كل بلد على حدة، ومن مسوحات المزارع والمقالات البحثية التي أفادت ببيانات حول استخدام المضادات الحيوية في الطب البيطري. بعد ذلك، عكف الباحثون على مقارنة هذه البيانات بتلك المتعلقة بأعداد المواشي وأنواعها حول العالم، وبمبيعات المضادات الحيوية البيطرية في 42 من الدول التي أعلنت هذه البيانات. ومن ثم، عمدوا في هذا الصدد إلى استقراء اتجاهات الدول المتبقية (وعددها 187 دولة).

وخلص الفريق البحثي إلى تقديرات تشير إلى أن استخدام المضادات الحيوية في إفريقيا يبلغ على الأرجح ضعف ما تُعلن عنه المنظمة العالمية لصحة الحيوان، وأنَّ استخدام هذه المضادات في قارة آسيا أعلى من المُعلن بنسبة 50%؛ وهو ما يعزوه واضعو الدراسة إلى أن دولًا كثيرة في تلك المناطق ترفض التعاوُن والتجاوُب مع مسوحات المنظمة. وبأخذ هذه البيانات في الاعتبار، قدّر واضعو الدراسة أنَّ حجم المضادات الحيوية المُستخدمة في تربية الماشية من المتوقع أن يبلغ 107,500 طن سنويًا تقريبًا بحلول عام 2030، بعدما قارب بلوغ مائة ألف طن فقط في عام 2020. وقد استأثرت آسيا بأعلى نسبة استخدام لهذه المضادات، لاسيما في الصين (انظر "استهلاك المضادات الحيوية لكل دولة")، وهو اتجاه من المتوقع أن يستمر حتى عام 2030. ويقدر الباحثون أيضًا أن استخدام المضادات الحيوية سيشهد معدله أسرع نمو له في قارة إفريقيا، حيث يُتوقع أن يرتفع بمقدار 25% في الفترة ما بين العام 2020 والعام 2030، بسبب تزايُد الطلب على منتجات اللحوم.