أنباء وآراء
حصاد العلم في عام
قطوفٌ من ثمار العلم التي قُدِّمت على صفحات Nature، في باب «أنباء وآراء»، خلال عام 2022.
- Nature (2022)
- doi:10.1038/d41586-022-04429-2
- English article
- Published online:
Credit: Sherri & Brock Fenton
يناير
علم الأعصاب التطوري
تشريح الأذن يرسم لنا شجرة عائلة الخفافيش
كانت الخفافيش تُصنَّف في السابق ضمن رتبتين فرعيتين اثنتين، الخفافيش الصغيرة (Microchiroptera) والخفافيش الكبيرة (Megachiroptera)، لكنَّ دراسةً نُشرت عام 2000 استندت إلى أدلة مستقاة من تحليل الحمض النووي لتقدم تصنيفًا مغايرًا يضع فصائل الخفافيش المختلفة في رتبتين فرعيتين أخريين هما Yinpterochiroptera وYangochiroptera. ولم يكن العلماء قد وجدوا أي سمات تشريحية تفرّق بين هاتين الرتبتين الفرعيتين الجديدتين، لكن ريتشارد سولسر وفريقه يقدمون لنا أدلة على أن جزءًا معينًا من الأذن الداخلية، يُطلق عليه «قناة روزنتال» Rosenthal’s canal، يكون محاطًا بجدار في الخفافيش التي تنتمي إلى الرتبة Yinpterochiroptera، ويكون بلا جدار في خفافيش Yangochiroptera. وبالاستناد إلى بيانات مستمَدة من التشريح العصبي، يُقدم الفريق أدلة قوية تدعم هذا التصنيف الجديد الذي كان في السابق قائمًا على أساس جزيئي فقط، ليفتحوا بذلك آفاقًا جديدة للأبحاث المعنية بدراسة الخفافيش، بدءًا من فهم تفاصيل كيفية استخدام الخفافيش لظاهرة تحديد المواقع بالصدى وحتى بحث البنية المجتمعية لجماعات الخفافيش.
- اطلع على مقال إم. بروك فينتون حول هذا البحث: Nature 602, 387–388 (2022)
- البحث الأصلي: Nature 602, 449–454 (2022)
فبراير
علم الأحياء الدقيقة
لميكروبات الرئة دور في أمراض المناعة الذاتية المتعلقة بالحبل الشوكي
تتنامى الأدلة على أن أمراض المناعة الذاتية، وكذلك نمو الاستجابة المناعية الطبيعية في البشر، مرتبطان بالميكروبيوم، ويُقصد بالميكروبيوم تلك الكائنات الدقيقة التي تقدَّر أعدادها بالمليارات وتستوطن الأسطح المتنوعة في الجسم. كان تركيز غالبية الأبحاث منصبًّا على بكتيريا الأحشاء، لكن ظهرت الآن أدلة على أن التفاعلات بين الميكروبيوم والمخ تلعب دورًا في بعض اعتلالات المخ، فضلًا عن بعض أنماط السلوك المعقدة مثل السلوكيات الاجتماعية، إلا أن الجانب الأكبر من هذه الأبحاث ركّز على محور المخ والأحشاء في نماذج من الحيوانات. ومن هنا، تقصَّى ليون هوسانج وفريقه الدور الذي تلعبه المجتمعات البكتيرية في الرئة في نماذج فأرية لأمراض المناعة الذاتية، ومنها نموذج لمرض التصلب المتعدد. ورأى الباحثون تأثيرًا لم يكن معروفًا من قبل لميكروبيوم الرئة على الخلايا الدبقية الصغيرة التي تمثل الخلايا المناعية الرئيسية في الجهاز العصبي المركزي، وتوصَّلوا إلى أن أنواعًا بعينها من البكتيريا الموجودة في الرئة، ومعها بعض المواد التي تنتجها هذه البكتيريا، تُسبب اختلافًا في الالتهاب العصبي والأعراض المصاحبة له.
- اطلع على مقال أوبري إم. شونهوف وسركيس كيه. مازمانيان حول هذا البحث: Nature 603, 38–40 (2022)
- البحث الأصلي:Nature 603, 138–144 (2022)
مارس
تصوير الأعصاب
صور الأشعة تكشف تأثير «كوفيد-19» على المخ
في عام 2020، أطلق البنك الحيوي البريطاني (وهو قاعدة بيانات طبية حيوية ومورد بحثي واسع النطاق) دراسةً لإعادة تصوير مرضى «كوفيد-19»، بحيث يعود المشاركون فيها، الذين كانوا قد أجروا جلسة تصوير أشعة طبية قبل الجائحة، ليجروا جلسة ثانية مطابِقة لسابقتها. وفحصت الباحثة جفينيلّي دواد وفريقها هذه البيانات، وقارنوا بين صور الأشعة قبل الجائحة وبعدها، ووجدوا أن المشاركين الذين ثبتت إصابتهم بفيروس «سارس-كوف-2» بعد صورة الأشعة الأولى قد ظهر على القشرة المخية لديهم بعض التغيرات التي ترتبط عادة بتدهور صحة المخ، كما ظهرت لديهم زيادة في الإشارات الدالة على تضرر الأنسجة في مناطق المخ المرتبطة بحاسَّتَي الشم والتذوق. لكن لا يزال ثمة الكثير من العمل اللازم إتمامه حتى يتمكن الباحثون من استخلاص كل المعلومات المفيدة من حزمة البيانات القيمة هذه. ويمكن القول إن مشاركة البنك الحيوي البريطاني لبياناته، وكذا نشر دواد وفريقها للبرنامج الذي استعانوا به في تحليل البيانات، دعوةً مفتوحة للانضمام إلى هذا المسعى.
- اطلع على مقال راندي إل. جولَب حول هذا البحث: Nature 604, 633–634 (2022)
- البحث الأصلي: Nature 604, 697–707 (2022)
Credit: Yury Suvorov & CUORE Collaboration
أبريل
الفيزياء النووية
التبريد الفائق يسهم في مساعي رؤية المادة أثناء تكوُّنها
كشفت لنا عمليات الرصد الفيزيائية الفلكية أن الكون كله تقريبًا يتكون من المادة، فلا نكاد نرى شيئًا من المادة المضادة، غير أننا لم نشهد في تجارب المختبرات ومُصادِمات الجزيئات سوى تكوين كميات متساوية من المادة والمادة المضادة. والنظريات القائمة على فكرة الانفجار العظيم، والتي تسعى لتفسير عدم التساوي الذي نراه في المواد الكونية، تذهب إلى أنه من الممكن أن تتكوّن مادة دون أن يقابل ذلك تكوُّن مادة مضادة، وذلك في "انفجار صغير" يحدث أثناء عملية نووية فائقة الندرة تُسمى «انحلال بيتا المزدوج عديم النيوترينوات". وتتولى تعاونية «كوري» CUORE أدق عملية بحث تُجرى حتى الآن عن هذا النوع من الانحلال باستخدام نظائر التيلوريوم. صحيح أن العلماء لم يتمكنوا من رصده بعد، إلا أن العملية في حد ذاتها تمثل إنجازًا هندسيًا استثنائيًا؛ إذ تتطلب أن تعمل بشكل مستقر معدات اختبارية يفوق وزنها مجتمعة الطن، وذلك عند درجة حرارة فائقة البرودة تقترب من 10 ملّيكلفن وعلى مدار سنوات عدة. ولذا، يُشار بشكل غير رسمي إلى مُبرّد «كوري» على أنه أبرد متر مكعب في الكون المعروف كلّه.
- اطلع على مقال جيسون دِتويلر حول هذا البحث: Nature 604, 42–43 (2022)
- البحث الأصلي: Nature 604, 53–58 (2022)
مايو
أصل الحياة
طريق محتمل للوصول إلى تخليق البروتين المرمَّز
يتكون الحمض النووي (DNA) والحمض النووي الريبي (RNA) بالأساس من أربعة أنواع فقط من النيوكليوتيدات «المحورية»، يحوي كل منها نوعًا معينًا من القواعد النيتروجينية. لكنَّ الحمضين كليهما كثيرًا ما يضمّان أيضًا نيوكليوتيدات غير أساسية، وهي نُسَخ معدلة من النيوكليوتيدات المحورية. وقد بيَّن لنا فيليكس مولر وفريقه أن جزيئات الحمض النووي الريبي التي تضم نيوكيلوتيدات غير محورية ربما تكون قد لعبت دورًا في دفع عملية تخليق الببتيدات خطوة بخطوة على كوكب الأرض، حين كان في مرحلته السابقة على ظهور الحياة. ويصف لنا الباحثون عملية يُحمَّل فيها جزئ حمض أميني أو جزيء ببتيد على إحدى القواعد غير المحورية للنيوكليوتيدة الأخيرة في جزئ الحمض النووي الريبي (ويطلق عليه حينها «الشريط المُعطي»). وقد تبيّن أن تَكوُّن شريط مزدوج من جزيئين من الحمض النووي الريبي يضمّ كل منهما نيوكليوتيدات معدلة بهذا الشكل يُمكِّن جزئ الحمض الأميني أو جزيء الببتيد بأن يُنقَل إلى قاعدة غير محورية – أو إلى ببتيد قيد التكوّن متصل بتلك القاعدة – في الشريط المقابل ضمن الشريط المزدوج (الشريط المُستقبِل). وهكذا، يمكن القول إن خطوة النقل هذه إما أنها تبدأ عملية تخليق الببتيد على القاعدة غير المحورية للشريط المُستقبِل، أو أنها تكمل إطالة ببتيد قيد التكون موجود على تلك القاعدة.
- اطلع على مقال كلوديا بونفيو حول هذا البحث: Nature 605, 231–232 (2022)
- البحث الأصلي: Nature 605, 279–284 (2022)
يونيو
التطور الجزيئي
الطفرات مؤثرة وإن لم يترتب عليها تغيير في البروتينات
بعض الطفرات التي تطرأ على الجينات تُخلِّف تغييرًا في سلسلة الأحماض الأمينية في البروتين الذي يرمّزه الجين (وتسمى حينها طفرات غير ترادفية)، لكن البعض الآخر لا يسبب ذلك (وهي الطفرات الترادفية). فهل يعني ذلك أن الطفرات الترادفية ليس لها تأثير؟ للإجابة عن هذا السؤال، أحدث شوكانج شِن وفريقه آلافًا من الطفرات الترادفية وغير الترادفية في 21 جينًا من جينات الخميرة. وعلى عكس المتوقع، تبيَّن أن الضرر الذي أحدثته الطفرات غير الترادفية كان في المتوسط أدنى من ضرر الطفرات غير الترادفية بفارق ضئيل وحسب. فلماذا إذن نجد فرقًا بين معدل بقاء كل من هذين النوعين من الطفرات في المجموعات السكانية؟ وفقًا للباحثين، ربما يكون السبب وراء ذلك راجعًا إلى أن تأثيرات الطفرات غير الترادفية تتفاوت وفقًا للبيئة المحيطة، إذ عادةً ما تُسبِّب تأثيرات ضارة في بيئة واحدة على الأقل من البيئات التي تعرض لها النوع. وفي المقابل، وجد الفريق أن الطفرات الترادفية تسبب التغيّر ذاته دائمًا، وهو تغيُّر إما أن يكون أثره سلبيًا أو متعادلًا. ومحصلة ذلك أن الطفرات غير الترادفية لا تبقى طويلًا إلا في القليل النادر، خلافًا للطفرات الترادفية، التي يكون أثرها دائمًا متعادلًا، ما يتيح لها أن تبقى. من شأنه دراسة شِن وفريقه أن تدفع الباحثين إلى إعادة التفكير في افتراضات التطور الجزيئي التي بقيت سائدةً زمنًا طويلًا.
- اطلع على مقال ناثانيِل شارب حول هذا البحث: Nature 606, 657–659 (2022)
- البحث الأصلي: Nature 606, 725–731 (2022)
Credit: Jonathan Chancasana/Shutterstock
يوليو
علوم المناخ
دراسة الرواسب تفسح المجال أمام رسم نبض الأنهار الجليدية المدارية
خرج علينا دي. تي. رودْبِل وفريقه، في دراسةٍ حديثة لهم، بفكرةٍ مفادها أن توقيت التغيرات في الأنهار الجليدية في المنطقة المدارية من سلسلة جبال الأنديز يشابه بشكل لافت نظيره عند ارتفاعات أعلى، وذلك خلال فترة امتدت 700 ألف سنة تقريبًا. لنا أن نقول إن انحسار الأنهار الجليدية عند أعالي الجبال في جميع أنحاء العالم، الذي وقع على مدار القرن المنصرم تقريبًا نتيجةً للاحترار العالمي الذي جاء مصاحبًا للعصر الصناعي، يمثل عرضًا جليًّا للتغير المناخي الذي لا يزال آخذًا في الحدوث. وبالمثل، سجَّلَتْ الأنهار الجليدية بحساسية عالية التغيرات المناخية في الماضي. وكي يحصل القائمون على الدراسة على سجل طويل الأمد للتغيرات في الأنهار الجليدية المدارية، استخلصوا عينة مثيرة للإعجاب من الرواسب طولها 95 مترًا، وذلك من بحيرة خونين (الظاهرة في الصورة) التي تقع بين السلسلتين الشرقية والغربية لجبال الإنديز البيروفية. ومن البيانات التي حصلوا عليها استنتجوا أن رواسب يرجع أصلها إلى الأنهار الجليدية قد وجدت طريقها لتصل إلى حوض البحيرة. وأصبح من الواضح، بفضل السجل المبتكر الذي قدمه الباحثون، أن أي فرضية تسعى لتفسير عوامل حدوث دورات الحقب الجليدية سيتوجب عليها أن تفسر التزامن التام تقريبًا للعصور الجليدية في منطقة الأنديز المدارية، والتغيرات المناخية، وتغيرات الأنهار الجليدية عند ارتفاعات عالية عند المناطق القطبية في نصفي الكرة الأرضية.
- اطلع على مقال إيرون إي. بتنام حول هذا البحث: Nature 607, 241–243 (2022)
- البحث الأصلي: Nature 607, 301–306 (2022)
أغسطس
علوم المعادن
سبائك لينة مغناطيسيًا.. متينة ميكانيكيًا
المواد اللينة مغناطيسيًا هي المواد التي تتمغنط بسهولة حين تُعرَّض لمجال مغناطيسي ضعيف، وتزول عنها المغنطة بسهولة حين يزول عنها أثر المجال المغناطيسي أو يُعكس بشكل طفيف. وتُعد المقاومة المغناطيسية القسرية إحدى الخواص الرئيسية المميِّزة لهذه المواد، وهي خاصية تقيس قوة المجال المغناطيسي المعاكس، اللازمة لإزالة مغنطة المادة تمامًا، وينبغي أن تكون هذه المقاومة منخفضةً حتى يكون الفاقد من الطاقة قليلًا عندما تُستخدَم هذه المواد في تطبيقات مختلفة. لكن ثمة تطبيقات معينة تتطلب أن تكون هذه المواد اللينة مغناطيسيًا قويةً ومتينةً ومطاوِعةً ميكانيكيًا، إلا أن الارتباط بين الخواص الميكانيكية والخواص المغناطيسية يكون عادةً ارتباطًا عكسيًا، فنكون مضطرين إلى اختيار حل وسط بين المقاومة المغناطيسية القسرية المنخفضة والقوة الميكانيكية العالية. لكن ليوليو هان وفريقه بيَّنوا إمكانية الفصل بين التأثيرات المتعارضة للمترسبات (الجزيئات التي تنتمي لطور جديد للسبيكة، وهي تتكون أحيانًا داخل المحلول الجامد للسبيكة) بحيث نستفيد من القوة الميكانيكية دون أن نخسر المقاومة المغناطيسية المنخفضة. هذه النتائج مما يبعث على التفاؤل؛ إذ يُنتظر أن تقودنا نحو المزيد من التحسينات في خواص المواد اللينة مغناطيسيًا، وأن تستفيد من هذه التحسينات الجهود الساعية لتصغير المعدات الكهربائية والأجهزة الميكانيكية، وتحسين كفاءتها.
- اطلع على مقال إيسو بي. جورج حول هذا البحث: Nature 608, 270–271 (2022)
- البحث الأصلي: Nature 608, 310–316 (2022)
سبتمبر
الكيمياء
اكتشاف مواضع تآزرية في المواد الحفَّازة الصلبة
يُصنع أكثر من 80% من الكيماويات التي تُنتَج على مستوى العالم باستخدام مواد حفَّازة صلبة (يطلِق عليها العاملون في المجال اسم «مواد الحفز غير المتجانسة»)، إذ يَسهل فصلها عن النواتج التي تتكون على صورة موائع. غير أن عددًا من العمليات الصناعية الهامة لا تزال تستخدم مواد حفازة قابلة للذوبان (مواد حفز متجانسة) لأن أفضل المواد الحفازة غير المتجانسة المتاحة لا تحفز تكوين النواتج المرغوبة بدرجة الانتقائية العالية التي تتطلبها الاستخدامات التجارية. ويصف لنا إنسو رو وفريقه عاملًا حفازًا صلبًا قد غيَّر ذلك الوضع بالنسبة لعملية صناعية معينة يَشيع الاعتماد عليها، وهذا العامل الحفّاز يضم نوعين من المواضع النشطة، ما يمكِّنه من تحفيز خطوتين مختلفين ضمن دورة التفاعل المُحفَّز، وأن يتموضعا بشكل مشترك ليُشكّلا أزواجًا منعزلة، تُسمى المواضع المزدوجة. وقد دفع هذا العامل الحفَّاز إلى حدوث التفاعل بمعدل أسرع بكثير، وبانتقائية أعلى للنواتج المطلوبة، مقارنةً بمواد الحفز التي لا تحوي بنيتها مواضع مزدوجة، وذلك نتيجة عمل المواضع النشطة معًا بشكل تآزري. ولأن بنية هذه المواضع المزدوجة واضحة المعالم وبسيطة نسبيًا، فقد تمكن الباحثون من التوصل إلى آلية التحفيز بأن ربطوا بين البيانات الحركية التجريبية وبين النماذج الحاسوبية.
- اطلع على مقال تيفنج وانج حول هذا البحث: Nature 609, 253–254 (2022)
- البحث الأصلي: Nature 609, 287–292 (2022)
Credit: Bence Viola, University of Toronto
أكتوبر
علم الجينات القديمة
أول صورة شخصية كاملة الجينات لعائلة من النياندرتال
تمكّن لوريتس سكوف وفريقه من تعيين تسلسل الحمض النووي في عظام 11 فردًا من النياندرتال، عُثر عليها في كهف تشاجِرسكايا الواقع في شمال آسيا (يظهر في الصورة)، بالإضافة إلى عظام فردين من كهف أوكلادنيكوف المجاور. الحصول على هذه البيانات يمثل إنجازًا بارزًا يشهد على التقدم المستمر الذي تشهده دراسات استخلاص الحمض النووي القديم وعزله، وهي الدراسات التي تتصدَّرها هذه المجموعة البحثية. ما يميز هذا العمل عن غيره أن الأفراد الذين جرى تعيين تسلسل الحمض النووي لهم لم يأتوا من مناطق متناثرة على امتداد البقاع الشاسعة التي انتشر فيها إنسان النياندرتال، وإنما تركَّزوا جميعًا في بقعةٍ بعينها، في نقطة زمنية واحدة، لنحصل من ذلك على أول لقطة لمجموعة أسرية. واحتوى جينوم أفراد كهف تشاجِرسكايا على آثار مميزة لتزاوج الأقارب، ليطرح سؤالًا حول ما إذا كانت هذه الدرجة من تزاوج الأقارب شائعة بين بشر النياندرتال في عمومهم، أم أنها سمة خاصة بالمجموعات السكانية التي تنعزل وسط ظروف جغرافية قاسية. ولا يزال في جعبة كهف تشاجِرسكايا وغيره من المواقع في جميع أرجاء أوروبا وآسيا الكثير من الأسرار التي لم يُكشف عنها النقاب بعد.
- اطلع على مقال لارا إم. كاسيدي حول هذا البحث: Nature 610, 454–455 (2022)
- البحث الأصلي: Nature 610, 519–525 (2022)
نوفمبر
الفيزياء الإحصائية
العوائق لا تعرقل جهود التعاون بالضرورة
نعلم بالحدس أن العيوب قادرة على تخريب النظام، مهما تكن تصفته؛ تتساوى في ذلك الجماعات السياسية الانشقاقية وشوائب البلورات. لكن ليمينج تشِن وفريقه البحثي يخبروننا أن الوضع لن يكون كذلك إذا كان الأشخاص أو الجسيمات في حالةٍ نشطة؛ ففي نظام من مثل هذا النوع، يمكن الإبقاء على التعاون قائمًا طالما حافظت العناصر النشطة على سلوكها متّسقًا مع سلوك جيرانها المحليين، لكن ثمة نقطة يجب الاحتراس منها، وهي أن هذه النتيجة ليست صالحة سوى للأنظمة التي تكون الكثافة فيها عالية جدًا. ومن ثم فإن قطيعًا من حيوانات النّو يتفادى الأشجار في حركته لن يتمكن من فرض الانتظام على امتداد طويل إلا إذا كان الزحام بين أفراد القطيع هائلًا إلى الحد الذي يجعلهم محشورين في المكان حشرًا. ومن أوجَه النقاط التي خلصت إليها الدراسة، إمكانية تصميم العوائق بحيث تحفّز التعاون. من شأن هذه المعلومات أن تمدَّ المهندسين بمعايير يمكن الاستناد إليها في تصميم مواد تستخدم عناصر فعالة كي تحقق الأداء المطلوب عند مقياس عياني.
- اطلع على مقال سام كامِرون وتاني ليفربول حول هذا البحث: Nature 611, 668–669 (2022)
- البحث الأصلي: Phys. Rev. Lett. 129, 188004 (2022)
Credit: Alba Pérez-Cantero
ديسمبر
علم الأحياء الدقيقة
كيف يصبح طفيل الملاريا ذكرًا
الطفيل الأوَّلي «بلازموديوم فالسيبارم» Plasmodium falciparum هو المسؤول عن الغالبية العظمى من حالات إصابة البشر بالملاريا، وما ينجم عنها من حالات الوفاة. وتتضمن دورة حياته المعقدة نقطتين اثنتين يتقرر عندهما مسار نموه. عند أولى هاتين الخطوتين، يقرر الطفيل ما إذا كان سيستمر في دورة تكاثر لا جنسي أو سيتمايز إلى أشكال التكاثر الجنسية التي يُطلَق عليها الأمشاج، وهي التي تتيح نقل الطفيل من البشر إلى البعوض. وعند النقطة الثانية يختار الطفيل ما إذا كانت الخلية الجنسية ستصبح ذكرًا أم أنثى (الخلية الوردية اللون الظاهرة وسط الصورة هي خلية جنسية مذكرة). تسلط إيه. آر. جوميز وفريقها الضوء على لغز ظل قائمًا لزمن طويل بخصوص آلية اختيار الجنس الذكري. أوضح الباحثون أن عدة أنواع من الحمض النووي الريبي (RNA) تُنتَج من المنطقة md1 في جينوم الطفيل، وأن التعبير عن نسخة موجبة الدلالة كاملة الطول من الحمض النووي الريبي المرسال (mRNA) سيؤدي إلى إنتاج بروتين Md1، ومن ثم اختيار الجنس الذكري. أما نمو الطفيل ليصير أنثي فهو مرتبط حصرًا بالتعبير عن حمض نووي ريبي يُنسَخ من الشريط المقابل في الشريط المزدوج من الحمض النووي (DNA)، وذلك الحمض النووي الريبي يتعذَّر إنتاج بروتين منه.
- اطلع على مقال إليزابيت تينتو-فونت وألفريد كورتِس حول هذا البحث: Nature 612, 408–409 (2022)
- البحث الأصلي: Nature 612, 528–533 (2022)