موجزات مهنية

مسابقة التصوير الفوتوجرافي السنوية لدورية Nature

بعد انقطاع بسبب الوباء، مسابقة صور «عالِمٌ في العمل» ScientistAtWork# تعود أخيرًا إلى الانعقاد.

جاك ليمنج

  • Published online:

Credit: Bing Lin

الصورة الفائزة التقطتها عدسة الباحث في سلوك الرئيسيات بينج لِن، وهي عن فريقٌ بحثي تعقَّب قردة أبو قلادة (Theropithecus gelada) لعامٍ كامل.

على مدار عامٍ كاملٍ بين مرتفعات إثيوبيا، تتبع بينج لِن قردة أبو قلادة حاملًا في يده مفكرةً رقمية. ويقول شارحًا طبيعة بحثه: «كنا نتابع أفرادًا بعينها من هذه القردة؛ فنتتبعُ قردًا معينًا لربع ساعة ونرصد ونسجِّلُ كل ما يُقدم عليه من سلوك؛ أي أفعاله وتفاعلاته مع غيره من الكائنات، وما يأكله من طعام، والدروب التي يسلكها». غير أنه عندما اشتدتْ رياح تلك البقعة، توقف لين قليلًا عن هذه المتابعة اللصيقة، كي يلتقط صورةً لأحد المواكب المارة لهذه القردة.

قردة أبو قلادة هي من آخر ما نجا من الانقراض من فصائل القرود التي تقتات بالدرجة الأولى على العشب. وقد عَمِلَ لين مديرًا لفريق بحث ميداني في إثيوبيا لمدة ثلاثة عشر شهرًا بدايةً من يونيو عام 2017، درس خلالها هذه القردة بصحبة زميلين آخرين، حيث عاش ثلاثتهم في خيامٍ طيلة العام. ويمين الصورة، تقف آيرِس روبي فوكستروت، وهي المديرة المشاركة للِن في البحث الميداني.

فازت هذه الصورة التي تضجُّ بحركة الموكب بالمركز الأول في دورة عام 2022 لمسابقة دورية Nature للتصوير الفوتوجرافي، والتي تنطلق سنويًا تحت عنوان «عالِمٌ في العمل» ScientistAtWork# ، وتعود إلى الانعقاد هذا العام بعد توقفها بسبب الوباء. وللاشتراك في تلك المسابقة، تقدَّم بالصور 123 متنافسًا من جميع أنحاء العالم. وفي هذا المقال، نسلطُ الضوء على الصور التي حازت جوائز. ومن المقرر أن يتلقى جميع الفائزين جائزة، فضلًا عن الفوز باشتراكٍ خاص في دورية Nature لمدة عام. وقد اختار خمسة أفراد من فريق تحرير الصور بدورية Nature مع ضيفين مُحكِّمين المُشارَكات الفائزة.

التقطت عدسة كاميرا لِن الصورة في أثناء دراساته للحصول على زمالةٍ تدريس بعد تخرَّجه من جامعة برينستون في ولاية نيوجيرسي الأمريكية، ونيله درجة البكالوريوس في علمي البيئة وعلم الأحياء التطوري. واليوم، هو في السنة الثالثة من دراسات الدكتوراة، ومتخصصٌ في العلوم، والتكنولوجيا، والسياسة البيئية في الجامعة نفسها. ويسترجعُ ذكرياته مع القردة باعتزاز مشوب بشعور بالمفارقة، قائلًا: "عندما أذكَّر موسم الأمطار هناك، يبدو لي أنني على الأرجح كنت أغرق في الماء حتى أخمص قدماي".

Credit: Hannes Keck/Alfred Wegener Institute

في جُنح ظلام الليل القُطبي

التقط هانز كيك هذه الصورة لنفسه باستخدام مؤقت مضبوط بحيث يُسدل حاجب عدسة الكاميرا على فترات من التعرض الضوئي قدرها 15 ثانيةً، ليلتقط بذلك إحدى صور السيلفي الأبرد في ظروف الطقس التي أُخذت خلالها، عند درجة حرارة بلغت 35 درجةٍ مئويةٍ تحت الصفر، بـ«محطة نيوماير 3»، في جرف القارة القطبية الجنوبية الجليدي «إكستروم»، حيث أقام كيك لعامٍ كامل، قضاه في أخذ قياسات لظروف الغلاف الجوي بالقطب الجنوبي. وقد احتضنت حاويات الشحن التي تقبع خلفه في الصورة مختبره.

اتسم الجو بالهدوء في هذه الليلة من يوليو عام 2022، والتي التُقطت فيها هذه الصورة بعدسة كيك، العالم المتخصص في كيمياء الغلاف الجوي، من معهد ألفريد فاجنر في بريمرهايفن بألمانيا، الذي يقول مُعلقًا على صورته: "أمكن رؤية المجرَّات المجاورة، كسحابة ماجلان الكبرى والصغرى، بالعين المجردة، حيث تراقصت أضواء الشفق القطبي في الأفق الجنوبي، وأطبق هدوء تام، وخيمت أجواء ساحرة من البرودة". 

Credit: Lynne J. Quick

الباحث المساعد سباركلز

التقطتْ لين كويك، اختصاصية علم البيئات القديمة من جامعة نيلسون مانديلا في كابيخا (Gqeberha) بجنوب إفريقيا، هذه الصورة لأربعة من زملائها بفريقها البحثي خلال عملهم الميداني في خور ڤيرلورينڤلي على ساحل البلد الغربي في سبتمبر من عام 2022. وتتوسطُ الصورة ستيلَّا موشر (في الخلف)، وهي طالبة دكتوراه متخصصة في تحليل تاريخ الحرائق في المنطقة. وينضمُ إلى الفريق كمساعد، وحيد القرن المنفوخ «سباركلز»، الذي خدم كـ"منصةً عائمةً مضحكة لكن رائعة وثابتةً، يجري من على متنها تشغيل مُجمد العينات اللُبية"، حسبما تقول كويك. ويتطلب بحث موشر أخذ عينات من رواسب قاع البحيرة، ثم تجميدها في مكانها، للحفاظ على طبقاتها، ثم أخذ شرائح قليلة السمك للغاية من هذه العينات اللبية المُجمدة أسطوانية الشكل، لاكتشاف العلاقة بين مستويات الكربون الحالية بالرواسب والحرائق التي اندلعت على مدى تاريخ تلك المنطقة. وتنتظر العوامة سباركلز مفاوضة الباحثين على حقوق مشاركتها في وضع البحث.

Credit: Natalia Égüez

عاصفة رملية

"كانت الرمال تدخل في عيوننا وآذاننا وأفواهنا، إلى حد أن الرؤية كانت عسيرة، بسبب سرعة الرياح الكبيرة".

ثارت وتناثرت سُحب من غبار أكسيد الحديديك مع الرياح، حين عاودت مجموعة من علماء الآثار دخول موقعٍ أثري بعد التنقيب به في مقاطعة زونخانجاي شمال غرب منغوليا في يونيو من عام 2018. إذ لما كان رُعاة الماشية في المنطقة يرون أن حفر الخنادق لا يُبشر بخير، لأن ماشيتهم قد تسقطُ فيها، وتعجز عن الخروج، عمدت ناتاليا إجويز مع أفراد فريقها البحثي، الذي ضم علماء من جنسيات شتى، بعد جمع المعلومات المطلوبة عن رحَّالة العصر البرونزي هناك (في عام 5000 تقريبًا قبل الميلاد)، إلى طمر الحفرة التي صنعوها بالموقع الأثري قبلها بشهر. وتشير إجويز، عالِمة الآثار الجيولوجية من جامعة لا لاجونا في تِنِريفي بإسبانيا، إلى أن الرياح جعلت هذه المهمة بالغة الصعوبة، ما أوضحته قائلة: "كانت الرمال تدخل في أعيننا وآذاننا وأفواهنا، إلى حد أن الرؤية كانت عسيرة، بسبب سرعة الرياح الكبيرة".

Credit: Morgan Bennett-Smith

حَقن المرجان

تُظهِر هذه الصورة الملتقطة في أعماق المياه راكيل بيكوستو، عالمة الأحياء الدقيقة البحرية، وهي مستغرقة في الاهتمام بالشعاب المرجانية التي تدرسها في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في مدينة ثول بالمملكة العربية السعودية. ففي تلك الأعماق السحيقة، في البحر الأحمر، تحقِنُ مزيجًا من عدد من الأنواع البكتيرية في حيد مرجاني، يُشار إليه باسم قرية المعززات الحيوية المرجانية المختبرية، بهدف دراسة العلاقة التكافلية بين نوعي الكائنات الحية هذين تحت المياه. وقد التُقطت هذه الصورة في شهر أكتوبر من عام 2021، والحر متقد في أعماق البحر، حيثُ أمكن أن تصل درجة الحرارة إلى 32 درجةٍ مئوية.

وقد انضم مورجان بينيت-سميث، الذي التُقطت الصورة بعدسة كاميرته، إلى مختبر بيكوستو حين كان طالب ماجستير في عام 2018، وأوضح أنه انتقل إلى جامعة بوسطن في ماساتشوستس في سعيه للحصول على درجة الدكتوراه. إلا أنه أضاف مستدركًا: "مع ذلك، ما زلتُ أسافر في رحلاتٍ إلى البحر الأحمر، فتلك البقعة أصبحَت نوعًا ما، موطني البعيد عن موطني".

Credit: Anthony Ambrose

عاليًا فوق أشجار الصنوبر

تُهيمن المسطحات الخضراء بحديقة سيكويا الوطنية في ولاية كاليفورنيا الأمريكية على هذه الصورة التي التقطها أنتوني أمبروز، المؤسس المشارك لمنظمة "مجتمع الغابات القديمة"، وهي منظمةٌ غير ربحية مقرَّها ولاية كاليفورنيا الأمريكية، معنيةٌ بإجراء أبحاث حول أثر التغيُّرات البيئية على الأشجار، والغابات العتيقة. وقد التقط أمبروز هذه الصورة صيف عام 2017، ويظهر فيها المتطوع إيثان جيكر خلال جمعه لأوراق من قمم الشجر بغرض إجراء عددٍ من التحليلات التي يعتزم أن يستكملها في مختبره الذي يقع على بُعد 443 كيلومترًا وعلى انخفاض قدره 60 مترًا من هذه القمم.

وحول تلك اللقطة، يقول أمبروز، عالم البيئات الفسيولوجية النباتية، إن عمر أشجار السيكويا التي يجمع منها فريقه البحثي العينات يتجاوز الألفي عام، ويُضيف: "إنه لشعورٌ مدهشٌ أن تصل إلى هذا الارتفاع الشاهق. إذ يشعر المرء بضآلة وتفاهة قدره في حضرة كائنٍ حي بهذه الضخامة، وبهذا العمر. لن ينتابك شعورٌ مماثل أبدًا وأنت عند سفح هذه الأشجار".

Credit: Michela Milani

جائزة مجتمعية للقطة عن مشكلة لافتات الباحثين في المؤتمرات

قرر الحُكَّام إضافة جائزةٍ أخرى بعد الاطلاع مباشرة على هذه الصورة، التي يُتوقع أن تلقى صدى في نفوس كثير من العلماء المعتادين على مشكلة ظهور طيات في لاَّفِتاتهم القماشية خلال المؤتمرات الدولية. فلأن اللاَّفِتات الورقية لا تُعد عملية خلال السفر، يلجأ كثير من العلماء كحل لاستخدام اللافتات القماشيَّة وطيِّها بين ملابسهم.

بيد أن ميكيلا ميلاني (التي التقطتْ الصورة) وزميلتها إيلينا باربون، الباحثتان في مرحلة ما بعد الدكتوراه من معهد سان رافائيل تيليثون للعلاج الجيني في مدينة ميلانو بإيطاليا، سرعان ما اكتشفتا أن استخدام اللاَّفِتات القماشية لا يخلو بدوره من المشكلات، حين وصلتا إلى مؤتمر الجمعية الأوروبية للعلاج الجيني والخلوي في إدنبرة بالمملكة المتحدة في أكتوبر من عام 2022.

ورغم تلك العثرة البسيطة، سار المؤتمر على ما يُرام، حسبما أفادت ميلاني التي استعرضت نتائج أبحاثها حول نقل الجينات إلى الخلايا الجذعية عن طريق ناقلٍ فيروسي. وأضافت: «سارت الجلسة التي عرضنا فيها نتائج البحثَ باستخدام هذه اللافتات على نحو رائع، وتفاعل معي خلالها بدرجة كبيرة بقية الحضور. وبوجه عام، حَظَت ورقتنا البحثية بكثير من الاهتمام».

 

جاك ليمنج: محررٌ في دورية Nature في لندن.