موجزات مهنية

أزمات مالية تحاصر طلاب الدراسات العليا في شتى بقاع العالم

يواجه طلبة مرحلتي الماجستير والدكتوراه ضائقة مالية واسعة الانتشار، بسبب أزمة غلاء المعيشة.

كريس وولستون

  • Published online:

Illustration by Cathal Duane

لا يزال القلق يساور 85% من طلاب الدراسات العليا، الذين شاركوا في استطلاع دورية Nature لعام 2022، إزاء جني ما يكفي من المال لتدبير نفقات الطعام، وسداد إيجار المسكن، ونفقات العيش الأخرى، فيما يُعد شاهدًا على إحدى المشكلات الأكثر إلحاحًا التي تواجه قطاع التعليم العالي على مستوى العالم. وهذه الضغوط المالية المتعاظمة تهدد بإلقاء عراقيل في المشوار المهني لعدد من طلاب الدراسات العليا الواعدين. وتجدر الإشارة إلى أن  نسبة قوامها النصف تقريبًا ممن شاركوا في الاستطلاع سالف الذكر (45% منهم) أجمعت على أن أزمة غلاء المعيشة قد تدفعهم إلى ترك الحقل الأكاديمي.

وقد استقطب استطلاع الآراء، أكثر من 3200 مشارك به من جميع أنحاء العالم. ويُعد أول استطلاع أجرته دورية Nature لطلاب الدراسات العليا من حملة الماجستير والدكتوراه. وفي إجابات وتعليقات بصيغة النص الحر على أسئلة الاستطلاع (انظر الشكل: "ضائقة مالية حقيقية")، أفاد طلاب الدراسات العليا بصعوبة استكمال دراساتهم مع السعي لتغطية نفقاتهم. وقد أتاحت مقابلات لاحقة، مع المُستطلعين في مدن شتى مثل: بنجالورو، والهند، وبوسطن، وماساتشوستس، تفاصيل أخرى عن الأزمة العالمية المستبعد أن تنحسر عمَّا قريب. وعنها، يقول ناثان جارلاند، اختصاصي علم الرياضيات من جامعة جريفيث، الواقع مقرها في مدينة بريسبان بأستراليا، والذي راجع أجوبة المشاركين على الاستطلاع: "لا يمكن كبح جماح الأزمة في الوقت الراهن".

تهيمن هذه المخاوف المالية على أمريكا الشمالية على وجه التحديد، حيث أدرج أكثر من ثلاثة أرباع (76%) من المُستطلعين تدبير "التكلفة الإجمالية لنفقات المعيشة"، كأحد أكبر التحديات التي تواجههم في سعيهم لنيل درجة علمية. كذلك أجمع أغلب المُستطلعين في أمريكا الشمالية على مواجهتهم لهذه المخاوف، إذ أيد 95% منهم، أو أيدوا بشدة كون غلاء المعيشة باعث قلق لهم (تجدر الإشارة إلى أنه في سبتمبر من عام 2022، بلغ معدل التضخم السنوي في الولايات المتحدة 8.2%). بينما ارتفع مؤشر كلفة المعيشة في المملكة المتحدة بنسبة 10.1% خلال العام السابق). وفي قسم التعليقات بالاستطلاع، أعرب طالب دكتوراه في علم الأحياء، في الولايات المتحدة، عن امتعاضه، قائلًا: "يصعُب التركيز على البحث، والتدريس، والإرشاد، وكتابة الأوراق البحثية، والتقدم للحصول على المنح، إن كنت لا تملك حتى مالَا كافيًا لشراء الطعام".

كذلك تثقل الصعوبات المادية كاهل كارلي جولدن، وهي طالبة في السنة الثانية من دراسات الحصول على درجة الدكتوراه بجامعة بوسطن، الواقعة في ولاية ماساتشوستس الأمريكية، وهي مؤسسة بحثية تقع في إحدى مدن الولايات المتحدة الأعلى كلفة معيشيًا، حيث تتقاضى جولدن راتبًا يبلغ نحو 40 ألف دولار أمريكي سنويًا، وهو أجر زهيد مقارنة بتكلفة المعيشة هناك، على حد وصفها. فتقول: "يقترب هذا الراتب من [خط] الفقر في بوسطن". (تشير إحصاءات الراتب المعيشي الصادرة عن معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، بمدينة كامبريدج، إلى أن هذا الراتب للشخص البالغ في بوسطن يبلغ حوالي 47 ألف دولار سنويًا). وقد تابعت جولدن كلامها قائلة: "أنفق أكثر من 60% من راتبي على إيجار المسكن فقط". وقد تنجح جولدن في توفير بعض المال إذا تشاركت السكن مع آخرين، لكنها ستفقد في المقابل المساحة الشخصية، والجو الهادئ اللذين تحتاجهمها للدراسة بجد. كذلك يمكنها ادخار بعض من نفقات السكن إذا انتقلت إلى ضاحية أخرى أقل تكلفة، لكن هذا سيقابله إهدار المزيد من الوقت في وسائل النقل للوصول إلى مختبر دراساتها، الذي يستغرق وصولها إليه حاليًا ساعة بالفعل. تعليقًا على هذا الوضع المُأزوم، تقول جولدن: "إذا أتيحت لي فرصة إعادة التقدم لبرنامج للحصول على درجة الدكتوراه، فلربما كنت سأعمد إلى اختيار الالتحاق ببرنامج تقدمه ولاية يسيرة التكاليف المعيشية".

ويقول أميت كورين، اختصاصي علم البيئة الاجتماعي الذي أجاب عن أسئلة الاستطلاع عقب حصوله على درجة الدكتوراه من مؤسسة صندوق أشوكا للأبحاث في مجال الإيكولوجيا والبيئة، الواقع مقرها في مدينة بنغالور بالهند، إن طلاب الدراسات العليا عادة ما يُضطرون إلى العيش في المناطق التي تتسم بغلاء المعيشة. وأضاف قائلًا: "الجامعات المرموقة تقع في العواصم، والمدن الكبرى، في مراكز الأجواء الصاخبة". ويشير إلى أن مدينة بنغالور – وهي مركز لصناعات تكنولوجيا المعلومات – تأوي عددًا متزايدًا من المتخصصين الشباب، العاملين في مهن مختلفة ذات دخل لائق، يختلف عنه لدى نظرائهم من طلاب الدراسات العليا الذين يحاولون كسب ما يكفي لتلبية حاجاتهم الأساسية فقط. وكان كورين يجني نحو 4 آلاف دولار سنويًا خلال فترة دراسته لنيل الدكتوراه، وهو مبلغ "زهيد"، بحسب وصفه. إذ يؤكد أنه كان يعتمد جزئيًا على دعم والديه، وهي ميزة غير متاحة للجميع.

التعليقات بصيغة النص الحر التي وردت في استطلاع دورية Nature لآراء طلاب الدراسات العليا من جميع أنحاء العالم، توضح وتفصل المخاوف المالية التي تساور طلبة الماجستير والدكتوراه. وقد خضعت هذه التعليقات لتحرير بسيط، مراعاةً لطولها ووضوحها، كما تُرجم بعضها إلى اللغة الإنجليزية.

لن تحصل على أجر كافٍ لتأمين احتياجاتك المعيشية. لذا، عليك التركيز على مشروعك البحثي والاستمرار في المضي قدمًا به إلى حين انتهائه، كي لا تظل عالقًا في وظيفة ذات أجر منخفض لفترة أطول من اللازم. ولتعلم أن إنهاء المشروعات البحثية وإعداد أوراقها البحثية للنشر أكثر أهمية من الحصول على نتائج تفجر ثورة أو تكون مثيرة للاهتمام. تحل بالثقة، يمكنك النجاح في هذا! - طالب دكتوراه في الولايات المتحدة

ليتني فطنت إلى أن استجابة جامعتي للتضخم السريع وغلاء المعيشة وتكاليفها التي تفوق أجور الخريجين والطلاب المتخصصين ستكون ضعيفة للغاية. - طالبة دكتوراه في الولايات المتحدة

الدكتوراه هي وظيفة بدوام كامل، ويجب التعامل معها على هذا النحو. وأحد الأسباب التي دفعتني للالتحاق ببرنامج دكتواره في إحدى دول أوروبا الشمالية هو أنني أحصل على عقد عمل، وأتقاضى أجرًا جيدًا نظير ممارسة شيء أحبه، وذو أهمية بالغة للمجتمع. لم أكن لأواصل عملي البحثي في بلد تفتقر جامعاتها ومؤسساتها لمنظومة كهذه.- طالب دكتوراه في السويد

يمثل المال إشكالية كبيرة لا ريب. لذا، أضطر إلى تشارُك السكن مع غرباء، أو التفكير مليًا قبل شراء طعام مناسب لميزانيتي. – طالب دكتوراه في المملكة المتحدة

لا بد من زيادة رواتب الخريجين زيادة معقولة. فمن الصعب أن أشعر بتقدير لمكانتي كباحث، عندما تشغل بالي مصروفات إصلاح السيارة، أو نفقات شراء البقالة من بنك الطعام. لقد أرهقتني محاولات تجنب الوقوع في مشكلات مادية، أكثر مما أرهقني العمل الأكاديمي. - طالب ماجستير في الولايات المتحدة

يتعين على المؤسسات إيلاء اهتمام لحاجات الطلاب الأساسية، من خلال منحهم رواتب مناسبة تغطي تكاليف المعيشة، وتوفير وحدات سكنية يسيرة التكلفة في إطار مشروعات داعمة. فكيف يُتوقع منا إحراز تقدم في مشوارنا المهني، وأن نكون منتجين كباحثين، ونحن نكافح لجني قوت يومنا؟ - طالب دكتوراه في الولايات المتحدة

العمل بوظيفتين

يقول جارلاند، الذي شارك في يونيو من عام 2022 في تأليف مقال نُشر على موقع «ذا كونفرزيشن» The Conversation، حول الضائقة المالية التي يعاني منها طلاب الدراسات العليا في أستراليا: "لا يتدبر نفقات العيش من الطلاب إلا من يتلقون دعمًا ماليًا من عائلاتهم، أو من يتمتع شريك حياتهم بوظيفة ذات أجر لائق". (انظر: go.nature.com/3fcqvjj).

تجدر الإشارة إلى أن كثيرًا من طلاب الدراسات العليا يلجأون إلى تولِّي مهام تدريس إضافية لتساعدهم في توفير نفقات العيش. ويفيد جارلاند بأن "الجامعات يمكنها استغلال هذه القوة العاملة الأقل تكلفة بدلًا من تعيين أعضاء هيئات تدريس دائمين". ووفقًا لتقديراته، فرواتب طلاب الدراسات العليا في أستراليا تعادل حوالي ثلثي الحد الأدنى الوطني للأجور، وهو ما يدفع كثيرًا من الطلاب إلى البحث عن فرص عمل خارج الجامعة، أملًا في تأمين مصدر دخل إضافي. ويضرب لنا جارلاند أمثلة على ذلك بقوله: "البعض يلجأ إلى العمل سائقًا لدى شركة «أوبر» Uber، أو إلى العمل في محلات البيتزا".

Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit, sed do eiusmod tempor incididunt ut labore et             dolore magna aliqua.

Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit, sed do eiusmod tempor incididunt ut labore et dolore magna aliqua.

كبر الصورة

© Replace me

وقد أفاد واحد تقريبًا من كل أربعة أشخاص شاركوا في الاستطلاع بأنه يعمل في وظيفة إضافية (انظر: "المال إشكالية")، وهو ما يوضح مقدار المساعي التي قد يبذلها هؤلاء الطلاب في سبيل مواصلة المضي في برامج الدراسات العليا المُلتحقين بها. وتشيع هذه الظاهرة تحديدًا بين طلاب الماجستير، بنسبة تصل إلى (31%). وقد يُعزى هذا إلى أن رواتبهم أقل من رواتب طلاب مرحلة الدكتوراه. ومع أن العديد من طلاب الدكتوراه مُلزَمون بموجب عقود بالامتناع عن تولِّي وظائف خارجية (وهي نواهي قد يلتزمون باتباعها أو لا)، يتاح لبعض طلاب الماجستير مرونة أكبر على هذا الصعيد.

في هذا الصدد، يوضح إيثان سولومون، وهو طالب ماجستير في السنة الثانية بجامعة تورنتو في كندا، أن عقد برنامجه لا يتضمن أي مواد تمنعه من العمل في وظيفة إضافية خارج الإطار الأكاديمي. وفي حين يلجأ بعض الطلاب إلى العمل كسائقين في شركات تقاسم الركوب، أو العمل نادلين في مطاعم، يجني سولومون دخله الإضافي عبر العمل كـ"ممثل لعلامة تجارية"، وهو ما يعني أنه يعمل على الترويج للمنتجات، وتوزيع القمصان، وغيرها من السلع الترويجية في الحفلات الموسيقية، ومهرجانات الجاز، وغير ذلك من الفعاليات، مثل نسخة مايو لعام 2022 من فعالية «جونوس» JUNOs، وهو حفل توزيع جوائز مرموق للموسيقيين الكنديين. ونظرًا إلى أن مثل هذه الفعاليات تقام عمومًا في عطلات نهاية الأسبوع، يتسنَّى لسولومون حضورها. ويقول حول ذلك: "لا تتداخل هذه الوظيفة مع عملي في المختبر، وما زلت أحرز تقدمًا في دراساتي، لذا لا أواجه أي مشكلة من هذه الناحية".

ويضيف سولومون أن نيل درجة الماجستير سيكون المحطة الأخيرة له في التعليم النظامي. ويُعزى ذلك، في جانب كبير منه، إلى أنه لا يستطيع تخيُل تحمُّل وطأة الفقر وتدني أجره لمدة أربع أو خمس سنوات أخرى، إلى حين الحصول على درجة الدكتوراه. وفي الاستطلاع، أعرب عدد يزيد قليلاً عن نصف طلاب مرحلة الماجستير، عن اعتزامهم مواصلة مشوارهم الأكاديمي والتسجيل في برنامج للحصول على درجة الدكتوراه. (ستتطرق دورية Nature إلى تجارب طلاب مرحلة الماجستير بمزيد من التفصيل في تحقيق إخباري لاحق).

هذا المقال هو الثاني من بين ستة مقالات ذات صلة باستطلاع دورية Nature العالمي لطلاب الدراسات العليا. ومن المُزمع نشر المقالات الأخرى خلال الأسابيع اللاحقة، بما في ذلك استقصاءات تستطلع عن كثب آراء طلاب الماجستير، وآفاق التطور الوظيفي، ومشكلات التنقل، وغيرها من الجوانب الحياتية لطلاب الدراسات العليا في جميع أنحاء العالم. وقد انطلق هذا الاستطلاع بالتعاون مع مؤسسة «شيفت ليرننج» Shift Learning، وهي شركة في مجال أبحاث السوق في لندن، وقد أُعلن عنه عبر موقع «نيتشر»، في قسم منتجات «سبرينجر نيتشر» Springer Nature الرقمية، ومن خلال حملات بريد إلكتروني. والاستطلاع متوفر باللغات الإنجليزية، والماندارينية، والإسبانية، والفرنسية، والبرتغالية. وتتوفر مجموعات بيانات الاستطلاع كاملة على موقع https://go.nature.com/3dyefwg.

ديون الخريجين

أفاد حوالي خُمس المستطلعين بأنهم يتوقعون تعاظُم ديونهم خلال فترة الدراسة (انظر "أكبر المخاوف"). وبعض هذه الديون قد يصل إلى عشرات آلاف الدولارات. بينما أعرب 11% آخرون عن عدم ثقتهم في قدرتهم على استكمال برنامجهم الدراسي دون الغرق في الديون. وبوجه عام، أفاد 71% من الطلاب أنهم لم يتوقعوا الاستدانة، على الرغم من أن هذه المجموعة يُحتمل أن تضم العديد من الطلاب الذين يحظون بدعم مادي من الأسرة أو شريك الحياة. وتضيف جولدن أنها كانت ستلجأ إلى الاستدانة على الأرجح لولا حصولها على وظيفة في مجال الأبحاث قبل بدء دراساتها العليا. فتقول في ذلك الصدد: "كنت سأضطر إلى الاقتراض لولا امتلاكي مدخرات كافية من سنوات عملي الأربع في مجال الأبحاث".

Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit, sed do eiusmod tempor incididunt ut labore et             dolore magna aliqua.

Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit, sed do eiusmod tempor incididunt ut labore et dolore magna aliqua.

كبر الصورة

© Replace me

تجدر الإشارة إلى أن 33% من المُستطلعين الذين كانوا قائمين على رعاية آخرين توقعوا الاستدانة خلال دراساتهم. وتعقيبًا على هذه النقطة، يفيد جيسون لاسك، الاقتصادي من جامعة بوردو، الواقعة في مدينة ويست لافاييت بولاية إنديانا، بأن الطلاب الذين يعولون أسرًا أكثر عرضة للوقوع في الديون. ففي نوفمبر من عام 2020، عندما ساعد لاسك في إجراء استطلاع لأكثر من 1400 طالب من طلاب الدراسات العليا في الجامعة، كشف الاستطلاع أن متوسط مدخرات الطلاب الذين لا يعولون يبلغ 1100 دولار سنويًا، في حين تجاوز متوسط العجز المالي السنوي للطلاب الذين يعولون 20 ألف دولار. 

ووجد الاستطلاع الذي أجرته جامعة بيردو أن الطلاب الذين توقعوا جني قدر أكبر من الدخل في حياتهم المهنية كانوا الأقل ادخارًا للمال خلال دراساتهم. يعلق لاسك على ذلك قائلًا: "بعضهم يفعل ذلك على سبيل الاستثمار؛ إذ يبدي استعدادًا للاقتراض الآن مقابل جني أموال كثيرة في المستقبل".

وينوِّه لاسك إلى أن معظم طلاب الدراسات العليا في بيردو يتلقون رواتب لقاء عمل بدوام جزئي، من خلال وظائف كباحثين مساعدين أو مدرسين مساعدين. فتجدر الإشارة إلى أنه في أغسطس من عام 2022، بلغ الحد الأدنى لرواتب طلاب الدراسات العليا السنوية بهذه الوظائف 24124 دولارًا. ويضيف لاسك أن هؤلاء الطلاب يعفون عادةً من الرسوم الدراسية، ويتمتعون بميزات إضافية مثل التأمين الصحي، والعطلات المدفوعة. حول ذلك، يقول لاسك: "لا يجني الطلاب ثروة كبيرة في مرحلة الدراسات العليا، لكنني لا أجد في هذا استغلالًا لهم".

خطوات صغيرة

بيد أن بعض المؤسسات تتخذ خطوات لمساعدة الطلاب على مواكبة ارتفاع تكاليف المعيشة. على سبيل المثال، في معهد بابراهام لبحوث علوم الحياة في جامعة كامبريدج الذي تعمل فيه آيمي داشوود، وهي طالبة في السنة الثانية من دراسات الحصول على درجة الدكتوراه، نالت داشوود  زيادة في راتبها بعد المشاركة في الاستطلاع. وقد تعهد المعهد اعتبارًا من الأول من أكتوبر الماضي، ألا يتقاضى أي طالب دراسات عليا راتبًا أقل من 19 ألف جنيه إسترليني (أي ما يعادل 21,700 دولارًا أمريكيًا) سنويًا. وقد مثل هذا لها زيادة إضافية قدرها 250 جنيهًا إسترلينيًا شهريًا بالإضافة إلى تمويلها الأساسي المعتاد، والذي يأتي من مجلس البحوث الطبية، وهو أحد فروع مؤسسة الأبحاث والابتكار في المملكة المتحدة (UKRI)، أكبر ممول للأبحاث في البلد. وقد شهد الأول من أكتوبر أيضًا، رفع المؤسسة الحد الأدنى لراتب الطلاب إلى 17,668 جنيهًا إسترلينيًا، ليزداد بأكثر من ألفي جنيه إسترليني سنويًا.

وتفيد داشوود بأن هذا التمويل الإضافي من شأنه أن يخفف كثيرًا الضغوط المالية التي تفرضها برامج الدراسات العليا. وتضيف: "هذا سيخفف العبء المُلقى على كاهلي، وسيساعدني في التركيز على نحو أفضل على دراستي. ويعني أنني سأتمكن من شراء البقالة بكل أريحية. فعلى حد ما آمل، لن أضطر إلى التحقق من قيمة المبلغ الذي يحتويه حسابي المصرفي باستمرار". كما تستطرد مُعقبة أنها مع ذلك ستستمر في اتباع أسلوب حياة مقتصد، من مظاهره تشارك المنزل مع شخصين، والاكتفاء بشراء احتياجاتها الأساسية من البقالة، وعدم الخروج للنزهات إلا قليلًا. فهي لا تستطيع تحمل نفقات التسكع مع الأصدقاء، والذهاب في عطلة، أو ممارسة أي نوع من الأنشطة التي قد تساعدها على الاسترخاء وتصرف ذهنها عن عملها. وتستطرد قائلة: "إن نمط حياة كهذا من شأنه أن ينعكس سلبًا على صحة المرء النفسية".

وفي أستراليا، يرى جارلاند أن وزير التعليم قد يتعين عليه اتخاذ إجراء تشريعي، أو ربما إصدار إعلان طارئ لتحسين الدعم الفيدرالي لطلاب الدراسات العليا تحسنًا جذريًا. لكنه، مع ذلك، يرى أن صدور هذا الإعلان مُستبعد، رغم أن سوء الوضع المادي لطلاب الدراسات العليا يُعد  حالة طارئة بلا شك. فهو يقول: "يحدونا أمل في أن تتحسن الأوضاع في وقت ما، بيد أن ذلك لن يتحقق ما لم نسلط الضوء على هذه المشكلة".