حديث المهن

حيث أعمل - أسميريت بيرهي

  • Published online:
التقط الصورة لدورية Nature تي.إيه. جيزيهي.

التقط الصورة لدورية Nature تي.إيه. جيزيهي.

Credit: T.A. Ghezzehei for Nature

بطبيعة الحال، يعتمد البشر على التُربة للحصول على الغذاء. لكن ما قد لا يدركه كثيرون أن التنوّع البيولوجي الغني للتربة يساعد على ضبط تركيبة الغلاف الجوي للأرض، من خلال إعادة تدوير المغذّيات، مثل الكربون، وتخزينها.

بحكم نشأتي في إريتريا، انصبَّ اهتمامي العلمي على دراسة تربة شرق إفريقيا، تلك المنطقة التي احتضنت أقدم نشاطات الزراعة البشرية، والتي تُعاني في الوقت الراهن إزالةَ الغابات والتصحّر. كما عُنِيْت بفهم عملية فَقْد الكربون جرَّاء اضطراب التربة وتدهورها.

أقطن في ولاية كاليفورنيا الأمريكية منذ عام 2000، وبحكم كوني اختصاصية في الكيمياء الجيولوجية والحيوية، فإنني أدرس تأثير التغيرات الفيزيائية التي تطرأ على التربة - نتيجة التعرية أو الحرائق أو تغيّر الظروف المناخية - في حركة الكربون، وكيف تُسهم الأرض في تحقيق التوازن بمستويات الكربون.

يثير اهتمامي احتفاظُ بعض أنواع التربة بالكربون العضوي لمئات، بل آلاف، السنين دون أن يطرأ عليه التدهور، وكيف يتحكّم استقرار التربة بكمية الكربون المنبعثة في الغلاف الجوي. وقد اكتشف الفريق البحثي الذي أعمل معه في جامعة كاليفورنيا بمدينة ميرسيد، أن التربة في بعض المناطق المعتدلة يمكنها تخزين أكثر من 70٪ من الكربون داخلها على أعماق تصل إلى 10 أمتار، ولفترات طويلة، الأمر الذي يبقيه بمعزل عن الغلاف الجوي، ومن ثمَّ يحول دون التعجيل بعملية تغيّر المناخ.

من أجل التوصل إلى هذه النتائج، علينا الحفر في التربة أو جمع عيّناتها لفهم ما يحدث في أعماق الأرض. لهذا، تشاهدونني في هذه الصورة أرقد على بطني (بعد إصابة لحقت مؤخرًا بقدمي) لفحص كُتل التربة التي استخرجناها من وهدة محمية «ميرسيد فيرنال بول آند جراسلاند ريزيرف» Merced Vernal Pool and Grassland Reserve بمدينة ميرسيد، حيث أعلّم الطلاب أساليب وصف أنواع التربة، من ناحية اللون، ونسبة الطين بها، وقدرتها على تكوين تكتّلات متماسكة.

إن مجال علم الأرض والتربة بحاجة ملحّة إلى مزيدٍ من التنوّع في رقعة العاملين فيه. ولهذا، يتمثَّل هدفي، بصفتي أستاذة وعميدة مشاركة لشؤون التعليم العالي، في خلق بيئة مواتية تجذب الطلاب الذين ينتمون إلى المجموعات الأقل تمثيلًا. فإذا استمرَّت النزعة نحو إقصاء الباحثين من الأقليات، فإننا لا نُوقع الأذى بهم وحدهم، بل نعصف بمصلحة العلم الذي يساعدنا على التكيّف مع تغير المناخ.

 

أسميريت بيرهي اختصاصية الكيمياء الجيولوجية والحيوية بجامعة كاليفورنيا في مدينة ميرسيد الأمريكية، ومديرة  قطاع العلوم بوزارة الطاقة الأمريكية. أجرت المقابلة فرجينيا جيوين.