حديث المهن
حيث أعمل: نجاة صليبة
- Nature (2022)
- doi:10.1038/d41586-022-01000-x
- English article
- Published online:
Credit: Diego Ibarra Sánchez for Nature
أقف هنا بين أشجار الصنوبر في قرية رأس المتن، على بُعد نحو 40 دقيقة بالسيارة من مدينة بيروت، حيث لا تزال الثلوج عالقة بقمم التلال في مشهد بديع.
يحفل بلدُنا لبنان بالمناظر الطبيعية الخلَّابة، لكنه للأسف يعاني تلوثَ الهواء والمياه والإهمال وسوءَ التخطيط العمراني، كما أنه يعاني الاضطرابات العميقة. ولا زلنا نصارع مع جائحة «كوفيد-19»، مثلما هي الحال في جميع دول العالم، لكننا في الوقت ذاته نعاني الانهيار الاقتصادي والاضطرابات السياسية. ثم جاء انفجار مرفأ بيروت عام 2020، الذي نتج عن سوء تخزين مواد كيميائية، ليصبح أكبر انفجار غير نووي في العالم.
أعكفُ على دراسة تلوث الهواء في لبنان منذ عدّة سنوات، فأجمع البيانات في محاولة لإقناع الحكومة بالتحرّك، لكن دون نتائج حقيقية. فعلى سبيل المثال، يبلغ مستوى تلوث الهواء بالجسيمات العالقة في بيروت 3.8 ضعف المستوى الذي تعُدّه «منظمة الصحة العالمية» آمنًا.
ولَمَّا وجدت نفسي مُحاطة بكل هذه الكوارث، أدركتُ أنني إذا أردت المساهمة في إحداث تغيير حقيقي، فعليَّ الخروج من الحرم الجامعي والعمل مع المجتمعات المحلية. وكنت قد شاركت عام 2019 في تأسيس «أكاديمية البيئة» التي تضم مجموعة من الباحثين المتخصصين في مجالات تتنوَّع بين إدارة مياه الصرف والهندسة ودراسة التُربة من الناحية الفيزيائية-الحيوية، والذين تجمعهم رغبةٌ في تسخير خبراتهم لمساعدة سكّان لبنان. ونحن في «الأكاديمية» نتلقَّى الطلبات المُقدَّمة من المجتمعات المحلية الراغبة في الحصول منَّا على الدعم في مشروعاتها المتنوعة، إذ نتولَّى توصيلها بالخبراء المتخصصين.
ترونني في هذه الصورة أقف داخل أحد هذه المشروعات. فقد طلب منا المجتمع المحلي في قرية رأس المتن والقرى المجاورة استشارةً حول سُبل حماية الغابة من الحرائق - وهي المشكلة التي ربما تفاقمت بسبب ظاهرة التغيّر المناخي - وكذلك بشأن وسائل إعادة إحياء النباتات التي أتت عليها ألسنة اللهب. وقد تولَّت الأكاديمية توصيلهم بـ«مبادرة إعادة تشجير لبنان»، وهي منظمة غير حكومية تُقدِّم الاستشارات حول أهم أنواع النباتات التي ينبغي زراعتها مرة أخرى، وإنشاء ممرات تساعد رجال الإطفاء على الوصول إلى أماكن الحرائق في الغابات.
لا شكَّ أن مثل تلك التحركات المباشرة، التي تجعل للبحث العلمي دورًا في خدمة المجتمعات المحلية، تُشعِر الباحثين بجدوى ما يقومون به.