حديث المهن
حيث أعمل.. أليساندرو روسّي
- Nature (2021)
- doi:10.1038/d41586-021-02224-z
- English article
- Published online:
لقطة من تصوير أليكساندرا رالوكا دراجوي، بتكليف من دورية Nature
Credit: Alecsandra Dragoi for Nature
بحكم طبيعة عملي، متخصصًا في هندسة الكم، أتنقلُّ بين أداء دورين مختلفين. فأُجري أبحاثي في مجال علم القياس الكَمي، الذي يختصّ بالدراسة العلمية للقياسات استنادًا إلى مبادئ فيزياء الكمِّ، في المختبر الفيزيائي الوطني بلندن (NPL)، حيث التُقطت هذه الصورة في أبريل الماضي. أما الجهاز الذي يظهر في الصورة، فهو جهاز يُسمَّى مُبرّد التمديد، ويسمح لنا بتبريد الأجهزة الكمية القائمة على العناصر شبه الموصِّلة إلى درجة حرارة تبلغ0.007 كلفن، أي فوق الصفر المُطلق بجزء من الدرجة (ما يعادل سالب 237.15 درجة مئوية). ودرجة الحرارة هذه لا توجد في أي بقعة من الكون بصورة طبيعية.
وفي بعض التجارب التي نُجريها في المختبر الفيزيائي الوطني بالمملكة المتحدة، يتعيّن علينا قياس الوقت الذي يستغرقه انتقال الإلكترونات المفردة، بدقة شديدة تسمح لنا بتحديد عدد الإلكترونات التي تتحرك خلال وحدة زمنية معينة بموثوقية تامة. وأستطيع، بالتحكم في كل إلكترون على حدة داخل نظام التبريد المستَخدم ذاك، توليد تيار كهربائي بدقة متناهية. ويساعدني هذا التحكم بهذه الدرجة من الدقة على إجراء أبحاثي في جامعة ستراثكلايد بمدينة جلاسجو بالمملكة المتحدة، حيث أعمل أنا وفريقي على تطوير حواسيب كمّية باستخدام تقنيات العناصر شبه الموصلة. ويتيح لنا تحريك الإلكترونات كل على حدة، نقل المعلومات بين شتى أجزاء الحواسيب الكمية التي تعتمد في تشغيلها على عناصر شبه موصلة.
وجدير بالذكر، أن الحوسبة الكمية تستخدم وحدات تسمى البِتات الكمّية والتي تملك قدرة على اتخاذ عدة حالات في الوقت نفسه، ما يعني أن الحواسيب الكمية تستطيع إجراء حسابات معينة بصورة أسرع كثيرًا من الحواسيب العادية. كذلك يمكن لهذه الأجهزة أن تحاكي التفاعلات الكيميائية، لأنها تعتمد على المبادئ الكمية نفسها التي تحكم التفاعلات بين الذرات والجزيئات المفردة.
إن وجود شيء ما في حالتين أو مكانين مختلفين في الوقت نفسه، منافٍ للبداهة، ما يجعلني أشعر أنني شخصيًا أعيش مغالطة منطقية من نوع ما، فعلم فيزياء الكم الذي أدرسه، هو أكثر فروع العلوم غموضًا وغرابة وافتقارًا إلى الحتمية. من ناحية أخرى، فأنا أطبّق نظريات هذا العلم على مجال القياس، الذي يفترض أنه من أكثر مجالات البحث العلمي إحكامًا ودقة وقابلية لتكرار نتائجه البحثية. والتفكير في طرق تسمح بالتوفيق بين هذين المجالين يمثل تحديًا شديد الإثارة.
أليساندرو روسّي عضو بزمالة علم القياس في مختبر الفيزياء الوطني بمدينة لندن، وكبير محاضرين من جامعة ستراثكلايد بمدينة جلاسجو البريطانية، وعضو بزمالة قادة المستقبل التابعة لهيئة البحث والابتكار بالمملكة المتحدة (UKRI) في الجامعة نفسها.
أجرت المقابلة جوسي جلاوزيوس