ماضي الجليد النهري العالمي ومستقبَله

يُستنزَف أكثر من ثلث كتلة اليابسة على كوكب الأرض بفعل الأنهار التي يغطيها الجليد موسميًّا. ويغيِّر ذلك الجليد الوظائف الهيدرولوجية لممرات الأنهار، وكذلك وظائفها المناخية، والاجتماعية، الاقتصادية، ووظائف أنظمتها البيئية. ورغم أنَّه قد ثبت تراجع مساحة الجليد الذي يغطي الأنهار في عديدٍ من مناطق العالم، لم تُقدَّر بعد - على مستوى العالم - الطبيعة الموسمية لكلٍّ من مساحة ذلك الجليد، ومدة استمراره، ولا التغيرات التاريخية والتغيرات المستقبلية المتوقعة في كلٍ منهما. ومن الجدير بالذكر أن الدراسات السابقة للجليد النهري - التي أشارت إلى أنَّ التراجع في كلٍّ من مساحة الجليد ومدة استمراره يمكن أن يُعزى إلى ارتفاع درجات الحرارة - قد استندت إلى بياناتٍ من مواقع قليلة متفرقة. وإضافةً إلى ذلك، لا تستند التوقعات الحالية لمساحة الجليد في المستقبل إلا إلى مستوى التجمد.

وفي هذا البحث المنشور، يوضح الباحثون باستخدام أرصاد الأقمار الصناعية أنَّ المساحة العالمية للجليد النهري آخِذة في الانخفاض، ويتوقعون انخفاضًا في مدة استمرار الجليد الموسمي يبلغ في المتوسط 6.10 ± 0.08 يوم لكل زيادةٍ تبلغ درجةً مئوية واحدة في متوسط درجة الحرارة العالمية للهواء السطحي.

وتابع الباحثون التغيُّر في مساحة الجليد النهري باستخدام أكثر من 400 ألف صورة، التُقِطَت أثناء صفو السماء باستخدام أقمار «لاندسات» في الفترة من عام 1984 إلى عام 2018، ورصدوا انخفاضًا في مساحة الجليد العالمية، بلغ في المتوسط 2.5% في العقود الثلاثة الماضية. ولتوقع التغيُّرات المستقبلية في مساحة الجليد النهري، طوَّر الباحثون نموذجًا، جرت معايرته، وثبتت صحته عبر الأرصاد. واعتمد هذا النموذج على درجة الحرارة، والموسم، وهو ما أدى إلى خفض القيمة المتوسطة للانحياز بنسبة 87%، مقارنةً بالمقارَبة المعتمِدة على مستوى التجمد. وقد طبّق الباحثون هذا النموذج على توقعات المناخ المستقبلية للفترة من عام 2080 إلى 2100، وتبيَّن أنَّه مقارنةً بالفترة من عام 2009 إلى 2029، ستنخفض المدة المتوسطة لاستمرار الجليد النهري بمقدار 16.7 يوم في حال تحقُّق سيناريو المسار رقم 8.5 من مسارات التركيز التمثيلية، التي وضعتها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، في حين أنه في ظل المسار رقم 4.5 ستنخفض المدة بمقدار 7.3 يوم. وتوضح نتائج الباحثين وجود انخفاضٍ ملحوظ على مستوى العالم في مساحة الجليد النهري، وأنه سيستمر في الانخفاض خطيًّا مع الزيادات المتوقعة في درجة حرارة الهواء السطحي قرب نهاية هذا القرن.