أخبار

اتفاق عالمي للاتصالات اللاسلكية يهدد بخفض جودة الأرصاد الجوية

يقول علماء الأرصاد الجوية إن المعايير الدولية الواهية يمكن أن تضعِف جودة قياسات الأقمار الصناعية بالغة الأهمية.

ألِكسندرا ويتزي

  • Published online:
صورة ملتقَطة بقمر صناعي تابع للحكومة الأمريكية تُظْهِر بخار الماء فوق الأمريكتين.

صورة ملتقَطة بقمر صناعي تابع للحكومة الأمريكية تُظْهِر بخار الماء فوق الأمريكتين.

NOAA/GOES

في الواحد والعشرين من نوفمبر الماضي، وافقت وكالة دولية عالمية تضطلع بتنظيم الاتصالات عن بُعْد على معايير جديدة للترددات اللاسلكية. ويقول علماء الأرصاد الجوية إن هذا القرار - الذي طال انتظاره - يهدد مستقبل نشرات الأحوال الجوية على مستوى العالم؛ لأنه يسمح للبث الصادر عن شبكات الهواتف المحمولة بإضعاف جودة عمليات مراقبة الأرض من الفضاء.

وقد بدأت شركات الاتصالات اللاسلكية في طرح شبكات الجيل التالي الخاصة بها عالميًّا، التي يُشار إليها بشبكات الجيل الخامس (5G). وتهدف الاتفاقية الجديدة لهذه الشركات إلى تعيين الترددات اللاسلكية التي تُمَكِّن مُعدات شبكات الجيل الخامس من البث، غير أن بعض هذه يقترب - على نحو خطِر - من تلك التي تستخدمها الأقمار الصناعية لجَمْع البيانات الجوية والمناخية المهمة. ولمنع تداخل الإشارات، اقترح الباحثون خفْض كمية الضجيج المسموح بتسربه من عمليات بث معدات شبكات الجيل الخامس.

 وقد اتفق المتفاوضون في اجتماع الاتحاد الدولي للاتصالات في مدينة شرم الشيخ المصرية على مرحلتين من الحماية للترددات القريبة من 24 جيجاهيرتز، وهو نطاق قريب من النطاقات التي تَستخدمها الأقمار الصناعية في اكتشاف كمية الماء في الجو، حيث سَتَتِّبع الشركات التي تُدير شبكات الجيل الخامس معيارًا فضفاضًا نسبيًّا، بدءًا من الآن، حتى عام 2027. وبعد ذلك.. سوف يكون التشريع أكثر صرامة. والفكرة من وراء ذلك هي السماح لشركات شبكات الجيل لخامس بأنْ تبدأ في بناء شبكاتها الآن، ثم إضافة المزيد من إجراءات الحماية لعمليات مراقبة الأرض مع تزايُد كثافة بث هذه الشبكات.

إلا أنَّ سريان تشريعات متساهلة على مدى ثماني سنوات "يثير قلقًا بالغًا" للمتخصصين في التوقعات الجوية، كما يقول إيريك أليكس، وهو عالِم أرصاد في هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية بتولوز، يرأس مجموعة تابعة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO)؛ مختصة بتنسيق الترددات اللاسلكية. وقد أضاف أنّ المنظمة العالمية للأرصاد الجوية منزعجة للغاية، لدرجة أنها أرفقت بيانًا للتعبير عن قلقها في محضر الاجتماع.

وتقول رينيه ليدوك، وهي استشارية بشركة «نارايان ستراتيجي» Narayan Strategy بواشنطن العاصمة، تعمل على حل القضايا المتعلقة بمشارَكة الطيف الترددي بين جهات مختلفة: "إن السباق نحو شبكات الجيل الخامس سيكون سريعًا، وسنشهد في أوائل العقد التالي ووسطه ارتفاعًا كبيرًا في استخدامها". وتضيف رينيه قائلة: "ما زال يساورني قلق شديد حيال الفترة الزمنية الممتدة من يومنا هذا إلى ذلك الوقت"، وذلك بالرغم من أنه سيتم تفعيل المزيد من إجراءات الحماية لعمليات مراقبة الأرض في عام 2027.

ومن الجدير بالذكر أن عمليات بث شبكات الجيل الخامس ستنطوي على تردداتٍ عديدة، لكن التردد الأهم الخاضع للمناقشة هو 23.8 جيجاهيرتز، لأن بخار الماء في الجو ينتِج - في المعتاد - إشارة ضعيفة عند هذا التردد، وتستخدمها الأقمار الصناعية في قياس الرطوبة؛ ومن ثم تتم تغذية نشرات الأحوال الجوية بهذه البيانات، لكنْ إذا كانت إحدى محطات شبكات الجيل الخامس ترسل إشارة قريبة من هذا التردد، فقد يلتقطها قمر صناعي جوي، ويفسرها عن طريق الخطأ، باعتبارها تمثل بخار الماء.

ويقول علماء الأرصاد الجوية إن المشكلة يمكن السيطرة عليها، لكنّ هذا لا يكون إلا في وجود عزل كاف للضجيج، يفصل بين بث شبكات الجيل الخامس، وإشارة بخار الماء. ويُشبِه العزل – المُقاسة قيمته بالديسيبل وات - مقياسًا لمقدار خَفْضِك لصوت المُسَجِّل الخاص بك، حتى لا تضايق جيرانك.

وخلال فترة الإعداد لمؤتمر شرم الشيخ، كانت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تدفع باتجاه عزل 55 ديسيبل وات. وقد استقر المُشَرِّعون الأوروبيون على توصيةٍ أقل صرامة، تنصح بعزل 42 ديسيبل وات في محطات شبكات الجيل الخامس الأساسية. أمّا هيئة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية، فقد أيّدت عزل 20 ديسيبل وات فقط.

ويُعتبر المعيار الجديد للتردد اللاسلكي أقرب ما يكون إلى الاقتراح الأوروبي؛ فهو يقضي بعزل 33 ديسيبل وات حتى سبتمبر عام 2027، و39 ديسيبل وات بعد ذلك.

و"جرى تحديد هاتين القيمتين الجديدتين خلال مفاوضات طويلة بين الدول الأعضاء"، كما ذكر ديفيد بوثا، المستشار بالاتحاد الدولي للاتصالات، في موجز لوسائل الإعلام بتاريخ 22 نوفمبر، حيث أضاف قائلًا: "اعتبرت هذه القيم كافية، من ناحية أنها ستوفر حماية للأقمار الصناعية الجوية في أنظمة استكشاف الأرض، القائمة على هذه الأقمار. ومع ذلك.. فقد لاحظنا أنه كان هناك تعبير عن بعض المخاوف".

وترى ليدوك أنه حتى المستويات الأكثر صرامةً غير كافية لتفادي التشويش على قياسات بخار الماء. وقد اكتشفت دراسة أَجْرتها حكومة الولايات المتحدة أن محطات شبكات الجيل الخامس الأساسية تحتاج إلى إجراء عمليات البث مع عزل 52.4 ديسيبل وات؛ لحماية عمليات مراقبة بخار الماء.

وسيكون من الضروري على المتخصصين في الأحوال الجوية تحديد كيفية تخفيف الآثار الواقعة على عمليات مراقبة الأرض، ربما بالتعاوُن مع العاملين في مجال الاتصالات اللاسلكية؛ للبحث عن طرق لتعطيل - أو إعادة توجيه - بث شبكات الجيل الخامس، حين تقوم الأقمار الصناعية بأخْذ القياسات.

وقال بوثا إن الاتفاق يتطلب "مراقبة متواصلة" لكيفية تأثير شبكات الجيل الخامس على عمليات مراقبة الأحوال الجوية، لكنه لم يقدم أية تفاصيل عما يتضمنه هذا.