خطط لبناء مصادم فائق جديد

كشف مختبر«سيرن» CERN النقاب عن حلمه الجريء لبناء مُسرِّعٍ جديد، يبلغ مساره حوالي 4 أمثال محيط مصادم الهادرونات الكبير (LHC) - أكبر المصادمات في العالم - البالغ 27 كيلومترًا، وأقوى منه بست مرات. كان المختبر الأوروبي لفيزياء الجسيمات (سيرن) - الواقع بالقرب من جنيف في سويسرا - قد عرض الخطة بإيجاز في تقريرٍ تقني صدر في 15 يناير الماضي (انظر:https://fcc-cdr.web. cern.ch).

تضمنت وثيقة التقرير عدة تصميمات أولية مختلفة لما يُعرف باسم «المصادم الدائري المستقبلي» FCC - الذي يمكن لأحدها أن يشكل أقوي محطم للجسيمات في العالم – بتكلفة تتراوح من حوالي 9 مليارات جنيه إسترليني (10.2 مليار دولار أمريكي) إلى 21 مليار جنيه إسترليني، على حسب كل طراز. ويُعَد المصادم الجديد أوّل جهود المختبر في عمليةٍ لتحديد الأولويات، تُعرف باسم «تحديث الاستراتيجية الأوروبية لفيزياء الجسيمات»، التي سوف تُنَفَّذ على مدى العامين القادمين، وسوف تؤثر على مستقبل المجال لفترةٍ طويلة من النصف الثاني من القرن الحالي.

يقول جيان فرانشيسكو جوديشي، الذي يرأس قسم النظريات التابع لمختبر «سيرن»، ويمثل المختبر في فريق الإعداد الفيزيائي في عملية تحديث الاستراتيجية: "إنَّها قفزة هائلة، تشبه التخطيط لرحلة لكوكب أورانوس، وليس المريخ".

منذ الاكتشاف التاريخي الذي حققه مصادم الهدرونات الكبير في عام 2012 باكتشاف جزيء بوزون هيجز الأوّلِي، لم يكتشف المصادم أيّ جسيماتٍ جديدة. ويقول جوديشي إنَّ ذلك يشير إلى الحاجة إلى زيادة طاقات المصادم إلى أعلى مستوى ممكن، مضيفًا: "استكشاف أعلى مستويات ممكنة من الطاقة في مشروعات جريئة يمثل اليوم أَمَلَنا الأكبر لحل بعض ألغاز الطبيعة الأكثر أهمية".

وتقول هالينا أبراموفيتش - الفيزيائية بجامعة تل أبيب في إسرائيل، التي ترأس عملية تحديث الاستراتيجية الأوروبية - إنَّ الإمكانات المحتملة لآلة مثل المصادم الدائري المستقبلي "مثيرة للغاية". وتضيف قائلة إنّ إمكانات هذا المصادم ستُناقَش بالتفصيل كجزءٍ من تلك العملية، وستُقارَن بمشروعاتٍ أخرى مقترحة. وبعدها، سيتخذ مجلس مختبر «سيرن» - الذي يضم علماء ومندوبين من حكومات الدول الأعضاء في المختبر - القرار النهائي بشأن ما إذا كان سيمول المشروع، أم لا.

وجدير بالذكر أنه لا يتفق الجميع على أنَّ المصادم فائق القوة يمثل استثمارًا جيدًا، إذ تقول سابين هوسنفلدر، عالمة الفيزياء النظرية بمعهد فرانكفورت للدراسات المتقدمة بألمانيا: "ليس هناك ما يدعو للاعتقاد أنّ هناك فيزياء جديدة في نظام الطاقة، قد يصل إليها مثل هذا المصادم. هذا هو الكابوس الذي أزعج الجميع، لكن لا يرغب أحد في التحدث عنه".