أخبار

دراسة حكومية أمريكية ضخمة ستقدم استشارات وراثية

استعانت معاهدُ الصحة الوطنية الأمريكية بشركة؛ لمساعدة المشاركين في الدراسة على التأقلم مع النتائج.

جوناثان لامبرت

  • Published online:
يهدف الباحثون الذين يديرون مشروعًا لتعيين التسلسل الجيني في الولايات المتحدة إلى إلحاق مليون مشارك بالمشروع.

  يهدف الباحثون الذين يديرون مشروعًا لتعيين التسلسل الجيني في الولايات المتحدة إلى إلحاق مليون مشارك بالمشروع.

HYDROMET/GETTY

من المقرر أن يقوم مشروع حكومي أمريكي، يهدف إلى تعيين تسلسل جينومات مليون متطوع، بعقد شراكة مع شركة استشارات وراثية؛ لمساعدة المشاركين في المشروع على فهْم نتائج فحص جينوماتهم. وسيشكل هذا المشروع أكبر دراسة حكومية أمريكية تقدم خدمة من هذا النوع.

وتقود معاهد الصحة الوطنية الأمريكية (NIH) - في بيثيسيدا بولاية ميريلاند - هذا المشروع المسمى «جميعنا» All of Us. وفي الواحد والعشرين من شهر أغسطس من العام الجاري، أعلنت المعاهد عن رصد منحة بقيمة 4.6 مليون دولار أمريكي، تمتد إلى خمس سنوات، لصالح شركة «كولور» Color، إذ من المقرر أن تقدم الشركة - التي يقع مقرها في بورلينجيم بولاية كاليفورنيا - استشارات لكل المشاركين في الدراسة ممن يحملون متغيرًا جينيًّا، من شأنه أن يسبب آثارًا صحية خطيرة - مثل طفرات الجين BRCA المرتبطة بسرطان الثدي - وذلك عندما يتسلمون نتائجهم. كما ستطور شركة «كولور» أيضًا مواد تعليمية لجميع المشاركين في الدراسة، وستقدم استشارات هاتفية إلى الراغبين في مناقشة نتائجهم مع استشاري.

وتقول بارثا كنوبرز، مدير مركز علم الجينوم والسياسة من جامعة ماكجيل في مونتريال بكندا: "إن هذه سياسة تنم عن حس مسؤولية بالغ، وتُعَد طريقة أكثر إنصافًا لإبلاغ جميع المشاركين بنتائج البحث". وتضيف قائلة: "إن الشركة تؤسس لبناء علاقة وطيدة بين النتائج والجمهور".

وتهدف دراسة «جميعنا»، التي انطلقت في مايو من عام 2018، إلى إشراك مليون شخص - على الأقل - في البحث. وسيُطلب من المشاركين تقديم مجموعة من المعلومات الصحية؛ تشمل السجلات الصحية الإلكترونية، والبيانات الجينومية، وعينات الدم والبول. كما يخطط باحثو الدراسة أيضًا إلى جمع البيانات التي تسجلها أجهزة تتبع الأنشطة الشخصية؛ مثل تلك الموجودة على الهواتف الذكية. وسيقومون بتخزين المعلومات في قاعدة بيانات على الإنترنت، بحيث يتسنى للعلماء من خارج الدراسة الوصول إليها بإذن من برنامج الدراسة.

ويعطي منظمو الدراسة أولوية لتسجيل المشاركين من المجموعات العرقية، والاجتماعية، والاقتصادية، التي تحظى عادة بتمثيل غير كافٍ في أبحاث الطب الحيوي. فغالبية أبحاث الجينوم التي أُجريت حتى الآن كانت تتناول أشخاصًا من البِيض غير المنحدرين من أصول لاتينية. وأشارت مراجعة حديثة إلى أنه منذ عام 2018، كان 78% من المشاركين في الدراسات الجينومية الخاصة بالأمراض ينحدرون من أصل أوروبي (G. Sirugo et al. Cell 177, 26–31; 2019). وهذا التحيز يحدّ من إمكانية استخدام النتائج المستخلَصة من دراسات الفحص الجيني، ويمكن أن يؤدي إلى تفسيرات مضللة - أو خطيرة - للمتغيرات الجينية الموجودة في مجموعات سكانية أخرى.

وحتى الآن، اشترك في دراسة«جميعنا» 175 ألف شخص من مختلف أرجاء الولايات المتحدة. وحوالي 50% منهم من الملونين غير البِيض، وينتمي 80% منهم إلى مجموعات لم تحظ بقدر كاف من التمثيل في أبحاث الطب الحيوي على مدى التاريخ. وتقول ستيفاني ديفاني - نائبة مدير مشروع »جميعنا« - إنه ما زال على علماء الدراسة أن يقوموا بتعيين تسلسل جميع جينومات المشاركين. ورغم ذلك.. فهم يأملون في تزويد المشاركين بالنتائج في النصف الأول من عام 2020.

ومن أجل إنشاء مجموعة البيانات طويلة الأمد تلك، اللازمة لتحقيق إنجاز في مجال الطب الدقيق - وهو أحد مجالات الطب التي تستخدم البيانات الجينومية، والفسيولوجية، وغيرها من البيانات؛ لتصميم علاجات مخصصة للأفراد - يجب على الدراسة أن تَبقَى على اتصال بهؤلاء المشاركين طوال حياتهم، للحصول على أفضل النتائج. وهنا يأتي دور الاستشارات الوراثية.

وتقول ديفاني: "من الضروري لمهمتنا أن تعود بالنفع على مشاركينا، وأن نبلغهم بنتائج [بحثنا]".

الخوض في التفاصيل

وتقول آيمي ماجواير - عالمة أخلاقيات الطب الحيوي من كلية بايلور للطب في هيوستن في ولاية تكساس - إن هذا المشروع هو خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكنها تضيف قائلة: "إن المعضلة تكمن في التفاصيل".

وتحتاج ديفاني وزملاؤها إلى التخطيط للكثير من هذه التفاصيل، بما في ذلك المعلومات التي سيعرفها المشاركون عن الجينومات الخاصة بهم من خلال البرنامج، وكيف سيتم إبلاغهم بها. وسيقدم استشاري في علم الوراثة للمشاركين معلومات عن المتغيرات الجينية ذات الآثار الواضحة والموثوقة على الصحة؛ مثل تلك التي تحدث في الجين BRCA، لكنّ منظمي الدراسة ما زالوا يناقشون كمّ المعلومات التي سيخبرون المشاركين بها حول المتغيرات الجينية التي ليس لها ارتباط واضح كهذا بالأمراض.

ومما يُعَقِّد مهمتهم.. أن المعارف بالمتغيرات الوراثية يمكن أن تتغير بمرور الوقت.. فالطفرة التي يَعتقِد العلماء الآن أنها حميدة قد تُعتبر يومًا ما مؤشرًا على تزايد خطر الإصابة بالسرطان. ويقول براد أوزِنبرجر - مدير برنامج علم الجينوم في مشروع »جميعنا« - إنه تم إخبار المشاركين في الدراسة بأن الآثار المترتبة على نتائج اختباراتهم الجينية يمكن أن تتغير مع معرفة العلماء المزيد عن طفرات بعينها، لكنه لا يزال يعمل هو وزملاؤه على تحديد معدل إخطار المشاركين بمثل هذه التطورات.

يمكن أن تعتمد آثار المتغير الجيني أيضًا على الأصل العرقي.. فبعض الاختبارات الجينية التي يستخدمها الأطباء للمساعدة في تحديد ما إذا كان يجب على شخص مصاب بالسرطان أن يخضع للعلاج الكيميائي، أم لا، قد أُجريَ فقط على أوروبيين بِيض. وليس من الواضح ما إذا كانت تعطي نتائج دقيقة عند استخدامها مع الأشخاص الملونين غير البِيض. وتفيد إدارة مشروع »جميعنا«، وشركة «كولور» أنهما يعملان على الوصول إلى أفضل طريقة لإخبار المشاركين في الدراسة بهذه الشكوك.

وقد لكن الشركة صرحت بأنها مستعدة لإجراء هذه المحادثات. وتقول أليشيا تجو، نائبة رئيس الأبحاث والشؤون العلمية في شركة «كولور»: "لقد عملنا مع العديد من المجتمعات المتنوعة". وأضافت أن هذه المجتمعات تشمل شركات تكنولوجيا وتصنيع، وعمال سكك حديدية في ألاسكا، وسكانًا مقيمين في ترينداد، وتوباجو.