أخبار
توأمتا «كريسبر» قد تعيشان حياة قصيرة
الطفرة الجينية المضادة لفيروس نقص المناعة البشرية تعزز احتمالات الوفاة قبل عُمْر 76 عامًا.
- Nature (2019)
- doi:10.1038/d41586-019-01739-w
- English article
- Published online:
ساعَد عالِم الفيزياء الحيوية هُو جيانكوي في ولادة أول طفلتين محرَّرتين جينيًّا في العالم.
MARK SCHIEFELBEIN/AP/SHUTTERSTOCK
ربما أدّى العالِم الذي حرر جينات الطفلتين التوأمتين، في محاولة منه لتحصينهما ضد فيروس نقص المناعة البشرية، إلى جعل متوسط عمرهما المتوقع أقصر عن غير قصد. فوفقًا لدراسة نُشرت في دورية «نيتشر ميديسين» (Nature Medicine (X. Wei et al. Nature Med. http://doi.org/c6pj; 2019، في الثالث من شهر يونيو من العام الحالي (2019)، فإن الأشخاص الذين يمتلكون نسختين معطلتين من جين CCR5 – النسخة التي تقي من عدوى فيروس نقص المناعة البشرية – هم أكثر عرضة للوفاة قبل عمر 76 عامًا بنسبة 21% من أولئك الأشخاص الذين لديهم نسخة واحدة نشطة على الأقل من الجين. وسبب هذا الاختلاف غير معروف.
ويستند التحليل إلى بيانات وراثية وصحية مُستقاة من 410 آلاف شخص تقريبًا، مسجَّلين في المشروع البحثي التابع للبنك الحيوي بالمملكة المتحدة. ولم يكن لدى واضعي الدراسة القدر الكافي من البيانات اللازمة لتقدير احتمالات البقاء على قيد الحياة بعد سن الـ76 عامًا.
وقد واجه هُو جيانكوي - عالِم الفيزياء الحيوية من الجامعة الجنوبية للعلوم والتقنية في شنجن بالصين - حملة واسعة من الإدانات، بعد أن كشف في نوفمبر من العام الماضي (2018) عن استخدامه لتقنية «كريسبر» CRISPR؛ لإنتاج أول طفلتين بجينومات مُحرَّرة. وما زال العلماء، وأخصائيو الأخلاقيات في مجال الأبحاث يناقشون تبعات تغيير جينات شخصٍ ما بطرق يمكن أن تورَّث إلى الأجيال التالية.
وشكك العديد من العلماء في الجين الذي اختاره هُو، إذ يرمِّز جين CCR5 بروتينًا يسمح لفيروس نقص المناعة البشرية بالدخول إلى الخلايا المناعية. وقد يؤدي حذف جزء من هذا الجين إلى تعطيله، في عملية تحاكي طفرة تَحْدُث بشكل طبيعي، هي طفرة CCR5-Δ32، التي تمنح وقاية من فيروس نقص المناعة البشرية. كما اعترى العلماء القلق في هذا الصدد، بسبب أدلة تشير إلى أن الطفرة تجعل الأشخاص أكثر عرضة لتأثيرات فيروسَين؛ هما: فيروس الإنفلونزا، وفيروس غرب النيل.
يقول فيليب ميرفي - المتخصص في علم المناعة الجزيئي، من المعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المُعدية في بيثيسدا بولاية ميريلاند - إن هذا الاكتشاف الأخير يشكك بدرجة أكبر في حكمة تعطيل جين CCR5، لكنه يستدرك قائلًا: "إذا كان من المستبعَد أن تعيش حتى السنة الثالثة من عمرك، ويمكنك أن تعيش أكثر من ذلك إذا قمت فقط بتحرير جين بعينه، فإن تلك مجازفة تستحق خوضها"، غير أن العلاجات الحالية لفيروس نقص المناعة البشرية تسمح لكثير من المصابين بالفيروس بالعيش حتى عمر متقدم.
وفي وقت قريب من إعلان هُو عن تجربته، كانت إبريل فاي – المتخصصة في علم الأحياء التطوري، من جامعة كاليفورنيا في بركلي - تعمل على تطوير أداة حاسوبية؛ لإيضاح العلاقة بين الطفرات الجينية، والمدى العمري، وذلك باستخدام بيانات مأخوذة من البنك الحيوي للمملكة المتحدة. وقد قررت - بالتعاون مع عالِم الوراثة راسموس نيلسِن، الذي يعمل أيضًا في بيركلي - اختبار الأداة على جين CCR5. وتقول فاي: "إنه جين مثير للاهتمام في حد ذاته".
وتحتوي جينومات جميع الثدييات على نسخة من جين CCR5، وهو ما يشير إلى الدور المهم الذي يلعبه في النظام البيولوجي لهذه الحيوانات. ومع ذلك.. فإن طفرة CCR5-Δ32 شائعة في بعض المجموعات البشرية. فعلى سبيل المثال.. يحمل حوالي 11% من سكان المملكة المتحدة الطفرة في نسخة واحدة على الأقل من نسختي الجين CCR5. ويقول ميرفي إن انتشار طفرة CCR5-Δ32 يشير إلى أنه - في بعض الحالات على الأقل - يمكن لتعطيل جين CCR5 أن يمنح الفرد ميزة تطورية، لكن العلماء لا يعرفون ماهيّة هذه الميزة.
ويقول ديفيد ميلتزر - عالِم الأوبئة في جامعة إكستر بالمملكة المتحدة - إن العلاقة الواضحة بين طفرة CCR5-Δ32، ومتوسط العمر المتوقع مثيرة للاهتمام، لكنها ليست مفاجِئة، إذ يرتبط أحد الواسمات الجينية التي استخدمَتها فاي، ونيلسِن للكشف عن الطفرة بأمراض مناعة ذاتية يمكن أن تجعل عمر الأشخاص أقصر؛ مثل داء كرون، والنوع الأول من داء السكري، لكنّ ميلتزر يقول إن العثور على دليل على وجود صلة بين جين CCR5، وطول العمر بعيد المنال، كما هو الحال فيما يتعلق بتأثير العديد من الجينات الأخرى على طول العمر.
ويقول ميرفي إن الدراسة يشوبها القصور، لأن بياناتها جاءت من أشخاص تبلغ أعمارهم 41 عامًا، أو أكثر، وهو ما يَستبعِد أي شخص توفي في عمر أصغر.
وفي منظور فاي، فإن النتائج تعزِّز كون تعطيل جين CCR5 في الأجنة البشرية فكرة سيئة. وقد قالت في هذا الصدد: "من الصعب حقًّا إثبات أن الجين مفيد بشكل مطلق". وأضافت: "فحتى لو تغلبنا على المصاعب التقنية، والمشكلات الأخلاقية، فهل يمكننا حقًّا تحرير جين، إنْ كنا لا نعرف ما إذا كان لذلك تأثير ضار، أم لا؟".
ويوافقها الرأي ألتشينو سيلفا، عالِم الأعصاب في جامعة كاليفورنيا بولاية لوس أنجيليس، إذ يقول: "في هذه المرحلة، يُعَد المضي قدمًا، وبدء إحداث طفرة في الجينات في البشر مجرد تهوُّر". ويضيف قائلًا: "بغَضّ النظر عن مدى حُسْن نِيّتنا عند تصميم هذه التغييرات الجينية، فإننا – ببساطة - لا نمتلك المعرفة الكافية للقيام بذلك".