أخبار
الموافقة على دعوى قضائية تاريخية للشباب تتعلق بالمناخ
شباب يَدّعون أنّ الحكومة الأمريكية انتهكت حقوقهم بفشلها في تفادي الاحترار.
- Nature (2018)
- doi:10.1038/d41586-018-07214-2
- English article
- Published online:
مجموعة من الأطفال والشباب (يظهرون في الصورة مع محاميتهم جوليا أولسون) يقاضون الحكومة الأمريكية لإجبارها على اتخاذ إجراءات أقوى لمواجهة التغير المناخي.
Robin Loznak/ZUMA Wire
قضت المحكمة العليا الأمريكية - في الثاني من نوفمبر - بإمكانية النظر في الدعوى القضائية التاريخية حول التغير المناخي، التي رفعها شباب ضد الحكومة الأمريكية. وكان المقرر أن تبدأ إجراءات المحاكمة في القضية المعروفة باسم "جوليانا ضد الولايات المتحدة" في 29 أكتوبر في يوجين في ولاية أوريجون في محكمة فيدرالية بالمقاطعة، لكنْ هذه الخطط أُلغيت في الشهر الماضي، بعد أن طلبت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من المحكمة العليا التدخل؛ لرفض النظر في الدعوى.
ويزعم المدعون، الذين يبلغ عددهم 21 فردًا وتتراوح أعمارهم بين 11 و22 عامًا، أنّ الحكومة انتهكت حقوقهم الدستورية في الحياة، والحرية، والملكية، بفشلها في منع التغير المناخي الخطير، ويطلبون من محكمة المقاطعة أن تُلْزِم الحكومة الفيدرالية بوضع خطة تضمن خفض مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي تحت مستوى 350 جزءًا في المليون بحلول عام 2100، مقارنة بمتوسط 405 أجزاء في المليون في عام 2017.
وعلى النقيض.. احتجّت وزارة العدل الأمريكية بأنه "ليس هناك حق قانوني في "نظام مناخي قادر على الحفاظ على الحياة البشرية""؛ على عكس ما يؤكده مُدَّعُو قضية جوليانا.
وبالرغم من أن المحكمة العليا - في الوقت الحالي - رفضت طلب إدارة ترامب برفض الدعوى، إلا أن الطريق أمامها غير واضح. وفي قرارها في الثاني من نوفمبر، اقترحت المحكمة العليا أن تنظر محكمة استئناف فيدرالية في حجج الإدارة الأمريكية، قبل أن تبدأ أيّ محاكمة في محكمة مقاطعة أوريجون، بينما كان من المقرر أن يضغط محامو الشباب على محكمة المقاطعة؛ تحديد موعد جديد للمحاكمة خلال الأسبوع الثاني من شهر نوفمبر.
وقالت جوليا أولسون، المحامية المشاركة للمُدَّعين في تصريح لها: "فاز شباب أمتنا اليوم بقرار مهم من المحكمة العليا، وهو ما يُظْهِر أنّ حتى أقوى الحكومات في العالم ينبغي أن تَتَّبِع قواعد وإجراءات القضاء في ديمقراطيتنا".
وبالرغم من كون التغير المناخي مشكلة عالمية، إلا أن محامين حول العالم رفعوا قضايا مرتبطة بالتغير المناخي ضد حكومات محلية ووطنية وشركات منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي. سعت هذه الدعاوي القانونية عمومًا إلى فرض نوع من الإجراءات المكثفة ضد التغير المناخي، التي كان من الصعب تحقيقها من خلال الطرق السياسية.
وقد فشلت قضايا عديدة، لكن في عام 2015 حققت مجموعة أهلية تسمَّى «أورجيندا فاونديشن» Uregenda foundation نصرًا تاريخيًّا ضد الحكومة الهولندية، حيث أمر القاضي في هذه القضية الحكومة الهولندية بتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري؛ لتقل عن مستويات عام 1990 بـ25% على الأقل بحلول عام 2020، مستنِدًا إلى إمكانية وقوع أضرار مرتبطة بالمناخ "للأجيال الحالية والمستقبلية من مواطني هولندا"، وكذلك "واجب العناية المنوط بالحكومة لمنع التغير المناخي الخطير". وأيدّت محكمة استئناف هولندية الحُكْم في شهر أكتوبر الماضي.
وتقول جيلان لوبو، المحامية المتخصصة في القضايا المرتبطة بالتغير المناخي في منظمة «كلاينت إرث» ClientEarth في لندن إنه على مدار الأعوام القليلة الماضية، برزت القضية الهولندية كنموذج للدعاوى القضائية المتعلقة بالمناخ في دول أخرى، مضيفة أن قضية جوليانا ألهمت في الآونة الآخيرة عددًا من المُحاكين لها؛ بعضهم مضوا قدمًا أبعد من جوليانا ذاتها". وتعقّب بقولها: "إنها ظاهرة عالمية".
وحققت إحدى القضايا التي أقيمت على غرار نموذج قضية جوليانا انتصارًا لافتًا. ففي يناير الماضي، قام 25 شابًا بمقاضاة الحكومة الكولومبية؛ للدفاع عن حقهم في بيئة صحية، في قضية عُرفت باسم «قضية أجيال المستقبل» ضد وزارة البيئة والتنمية المستدامة Demanda Generaciones Futuras v. Minambiente.
وأيّدت المحكمة الكولومبية العليا حق المدعين في إبريل الماضي. ولم تكتفِ بإلزام الحكومة باتخاذ إجراءات للحدّ من إزالة الغابات، والتغير المناخي، ولكنها حكمت كذلك بأنّ غابات الأمازون المطيرة في كولومبيا تُعتبَر "كيانًا له حقوق"، ويستحق "الحماية، والحفظ، والصيانة، والترميم".
ويقول المُدَّعون الشباب في قضية جوليانا إنهم عانوا بالفعل من أضرار بسبب التغير المناخي. فقد غادرت جايمي - البالغة من العمر 17 عامًا –وأفراد أسرتها منزلهم الواقع في محمية نافاهو الوطنية في الكاميرون بولاية أريزونا في عام 2011، بسبب جفاف الينابيع التي تمدهم بالماء. كما تضرر منزل جايدين - البالغة من العمر 15 عامًا - الواقع في لويزيانا ضررًا بالغًا بسبب الفيضانات في عام 2016، وأغلقت مدرسة فيك - البالغ من العمر 19 عامًا - في وايت بلينز بنيويورك أبوابها بشكل مؤقت في عام 2012، بعد أن ضربها الإعصار (ساندي).
وتأمل منظمة «كلايمت هوكس» climate hawks في الولايات المتحدة أن ينتصر المدعون في قضية جوليانا في النهاية، لكنْ إدارة الرئيس ترامب بدأت في تصعّيد دفاع متعدد الجوانب. وتنفي وزارة العدل أن تكون لدى محكمة المقاطعة في أوريجون صلاحية قضائية على السياسات الفيدرالية المتعددة في بعض القضايا، كما تنفي أنّ الحق في الحياة والحرية والممتلكات - المقرَّر في الدستور - يُترجَم في صورة (الحق في مناخ مستقر). وفي كل الأحوال، تقول الوزارة إنه لا يمكن تحقيق أي إصلاح ذي قيمة، إذ إن التقليل الشديد من الانبعاثات في الولايات المتحدة لن يحرك مؤشر التغير المناخي كثيرًا، إذا استمرت انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الدول الأخرى في ازدياد.
وتقول أندري رودجرز - المحامية المشاركة لمدعي قضية جوليانا - إن إدارة ترامب لم تطعن في حقيقة أن البشر يغيِّرون المناخ. وتضيف: "لم يقدموا خبراء للاعتراض على ما يقوله علماؤنا حول ذوبان الجليد، أو ارتفاع منسوب البحر، أو التأثيرات الأرضية، أو كيفية حدوث التغير المناخي، أو تحمُّض المحيطات".
ومن أجل الفوز، تقول رودجرز: "علينا أن نُظْهِر أن حكومة الولايات المتحدة مسؤولة، بل وأن هناك حلولًا يمكن أن يأمر بها القاضي". ولقد شهدت الولايات المتحدة انخفاضًا في مستوى انبعاثاتها من غازات الاحتباس الحراري خلال الأعوام الماضية، في ظل ابتعاد البلاد عن استخدام الفحم كمصدر للطاقة، والاتجاه إلى استخدام مصادر الطاقة المتجددة، ولكن اعتبارًا من عام 2016 ظلت الولايات المتحدة ثاني أكبر مَصْدَر للانبعاثات بعد الصين.
ويشارك جيمس هانسين - عالِم المناخ في جامعة كلومبيا بمدينة نيويورك، والناشط منذ زمن طويل في مجال المناخ - كشاهد خبير في القضية، وهو كذلك أحد المدعين، حيث يمثل "الأجيال المستقبلية" التي لم تولد بعد، كما أن (حفيدته صوفي كيفلهان، البالغة من العمر 20 عامًا، من بين المدّعين).
كان هانسين يناضل من أجل اتخاذ إجراءات حول التغير المناخي، منذ أن قدَّم شهادته في الموضوع أمام مجلس الشيوخ الأمريكي في عام 1988. ويقول إنه إذا خسر المُدَّعون في جوليانا القضية، فسوف يحاول بطريقة أخرى. ويضيف: "نحتاج إلى الفوز بأسرع وقت، لكنْ إذا خسرنا؛ فلن نستسلم؛ بل سنعود بقضية أقوى".