أخبار
استنساخ قرود في الصين
حيوانات متطابقة وراثيًّا تَعِدُ بنماذج مُحسَّنة من الأمراض البشرية، لكنها تثير مخاوف بشأن استنساخ البشر لأغراض التكاثر.
- Nature (2018)
- doi:10.1038/d41586-018-01027-z
- English article
- Published online:
أحد أوائل القرود المُستنسَخة، وهو صغير قرد ماكاك طويل الذيل، يُدعَى تشونج تشونج.
QIANG SUN/MU-MING POO/CAS
أنتج علماء أحياء في شنجهاي بالصين أول رئيسيات مُستنسَخة باستخدام تقنية مماثلة للتقنية التي اُستخدَمت في استنساخ النعجة "دوللي"، وما يقرب من أربعة وعشرين نوعًا آخر. كانت هذه الطريقة قد فشلت حتى الآن في إنتاج رئيسيات حية.
يأمل الباحثون في استخدام هذه التقنية المُنقَّحة؛ لإنتاج رئيسيات متطابقة وراثيًّا؛ من أجل تقديم نماذج حيوانية مُحسَّنة من الاضطرابات البشرية، مثل السرطان. ويمكن الجمع بين هذه التقنية، التي وُصِفت في دورية "سِل" Cell في 24 يناير (Z. Liu et al. Cell http://dx.doi.org/10.1016/j.cell.2018.01.020; 2018)، وأدوات التحرير الجينيّ، مثل تقنية كريسبر - كاس9 CRISPR Cas9؛ من أجل إنتاج نماذج مُعدَّلة وراثيًّا من الاضطرابات البشرية في أدمغة الرئيسيات، بما في ذلك مرض باركنسون.
يقول شيونج تشو-دجي، وهو عالِم أعصاب، يدرس أمراض الدماغ فى معهد العلوم العصبيةION ، التابع للأكاديمية الصينية للعلوم فى شنجهاى: "هذه الورقة تمثّل بداية حقيقية لعهد جديد من البحوث الطبية الحيوية". ولم يشارك شيونج في مشروع الاستنساخ.
بيد أنه من المرجح أيضًا أن يثير الإنجاز بعض المخاوف بين العلماء وعامة الناس بشأن إمكانية استخدام هذه التقنية في استنساخ البشر. ويقول مو- مينج بو، مدير معهد العلوم العصبية، والمؤلف المشارك في الدراسة: "من الناحية الفنية، لا يوجد أي عائق أمام استنساخ البشر"، لكن المعهد لا يهتم سوى باستنساخ رئيسيات غير بشرية لمجموعات البحث. ويضيف بو: "نحن نرغب في إنتاج قرود متطابقة وراثيًّّا. وهذا هو هدفنا الوحيد".
لقد برهنت الرئيسيات على صعوبة استنساخها، على الرغم من المحاولات العديدة لفعل ذلك باستخدام تقنية الاستنساخ القياسية. وفي هذه الطريقة، يُحقن الحمض النوويّ لخلية مانحة في بويضة أُزيلت منها مادتها الوراثية.
جَمَعَ الباحثان في معهد العلوم العصبية، صن شيانج،، وليو تشن، بين عدة تقنيات طوّرَتْها مجموعات أخرى من أجل تحسين الإجراء. وكانت إحدى الحِيَل هي إلغاء التعديلات الكيميائية في الحمض النوويّ، التي تحدث عندما تتحول الخلايا الجنينية إلى خلايا متخصصة. وقد حقَّق الباحثون نجاحًا أكبر مع الحمض النوويّ المُستخرَج من الخلايا الجنينية، مقارنةً بذلك الذي يُستخرَج من خلايا الذُرية الحية.
وباستخدام الخلايا الجنينية، أنتج العلماء 109 أجنة مُستنسَخة، وزرعوا ما يقرب من ثلاثة أرباعهم في 21 أمًّا بديلة من القرود. وأدى ذلك إلى ست حالات حمل، وُلِد منها قردان حيّان من قرود المكاك طويلة الذيل (Macaca fascicularis)، هما: تشونج تشونج، الذي يبلغ من العمر الآن ثمانية أسابيع، وهوا هوا، الذي يبلغ من العمر ستة أسابيع. ويقول بو إنّ القردين يبدوان سليمَين صحيًّا حتى الآن. وينتظر المعهد الآن ولادة ستة حيوانات مستنسخة أخرى.
يقول شوخرات ميتاليبوف - أخصائي الاستنساخ في جامعة أوريجون للصحة والعلوم فى بورتلاند - إن الفريق الصينىّ يستحق التهنئة. ويضيف ميتاليبوف - الذي استخدم ما يُقدَّر بأكثر من 15 ألف بويضة من القردة في محاولات استنساخ قام بها في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين - قائلًا: "أُدْرِك مدى صعوبة الأمر". فعلى الرغم من تمكّنه من إنتاج خطوط خلايا جذعية من أجنة بشر وقردة مستنسخة، لم تؤد أبدًا حالات حمل الرئيسيات في فريقه إلى ولادة كائن حي.
تتفوق الحيوانات المستنسخة على غير المستنسخة ببعض المزايا المهمة، من حيث كَوْنها نماذج لدراسة الأمراض البشرية. يقول تيري ساناوسكي - عالِم الأحياء العصبية الحاسوبية في معهد سولك للدراسات البيولوجية في لاهويا بولاية كاليفورنيا - إنه في التجارب التي تُجرَى على الحيوانات غير المُستنسَخة، يكون من الصعب معرفة ما إذا كانت الاختلافات بين مجموعات الاختبار والمجموعات الضابطة ناجمة عن العلاج، أم عن الاختلاف الجينيّ. ويضيف ساناوسكي: "إنّ العمل مع الحيوانات المُستنسَخة يُحِدّ كثيرًا من تَبايُن الخلفية الجينية، ما يقلل من عدد الحيوانات اللازمة للتجربة".
دراسات مرض باركنسون
يقول ساناوسكي أيضًا إن أدمغة الرئيسيات هي أفضل نموذج لدراسة الاضطرابات النفسية والأمراض التنكسية في البشر. ويقول بو إنّ القدرة على استنساخ القرود قد تُنعِش الدراسات المعنية بالرئيسيات، التي تراجعت في معظم البلدان. ويضيف قائلًا إن تجارب مرض باركنسون، التي تَستخدِم حاليًّا مئات القرود، يمكن إجراؤها بعشرة حيوانات مستنسَخة فقط.
ويشير كذلك عالِم الأعصاب تشانج هونج-تشون - الذي يعمل أيضًا في معهد العلوم العصبية - إلى إن تقنية استنساخ الرئيسيات ستُدمَج قريبًا في أدوات التحرير الجينيّ؛ لدراسة الاضطرابات الوراثية البشرية في أدمغة الرئيسيات. ويقول تشانج إن التحرير الجينيّ يُستخدَم بالفعل في إنتاج أجنة القرود، لكن ذلك يترك المجال مفتوحًا أمام إمكانية عدم تحرير بعض الخلايا، ما يؤثر بعد ذلك على النتائج.
ومع الاستنساخ، يمكن تحرير الخلية المانحة قبل حقنها في البويضة. ويتوقع بو ولادة قرود مُستنسَخة، تم تحرير خلاياها جينيًّا؛ لتمثّل نماذج لاضطرابات الإيقاع اليومي، ومرض باركنسون، في غضون عام.
تخطِّط مدينة شنجهاي، مدفوعةً بما تُبشِّر به بحوث الرئيسيات، لتمويل كبير لمركز بحوث الرئيسيات الدوليّ، الذي من المتوقع الإعلان عنه رسميًّا فى الأشهر القليلة القادمة. سينتِج علماء هذا المركز كائنات مستنسَخة من أجل العلماء في جميع أنحاء العالم. يقول بو: "سيكون هذا المركز بمثابة «منظمة سيرن» في علم الأحياء العصبية للرئيسيات". ويضيف قائلًا إنه يوجد بالفعل طلب مرتفع من شركات الأدوية التي ترغب في استخدام القرود المُستنسَخة في اختبارات العقاقير.
وبالرغم من أنه من غير المرجح أن يفكر معظم علماء الأحياء المتخصصين في التكاثر في استخدام التقنية في استنساخ البشر، بسبب الاعتراضات الأخلاقية، يخشى ميتاليبوف من محاولة فعل ذلك في عيادة خاصة.
توجد في الصين مبادئ توجيهية تحظر الاستنساخ التكاثريّ، لكنْ لا توجد قوانين صارمة لذلك. وتفتقر الصين كذلك إلى إنفاذ قواعدها بشأن استخدام الخلايا الجذعية في العلاج. وهناك بلدان أخرى - لا سيما الولايات المتحدة – لا تحظر الاستنساخ التكاثريّ على الإطلاق. يقول بو: "لا يمكن إيقاف ذلك الآن، إلا عن طريق اللوائح. ويجب على المجتمع أن يولي هذا الأمر مزيدًا من الاهتمام".