مستقبليات
شرنقة بشرية
جسم الجريمة.
- Nature (2017)
- doi:10.1038/541128a
- English article
- Published online:
Illustration by Jacey
تقرير شرطة الضاحية الرسمي السادس والعشرون
رقم القضية: جيه-39453
التاريخ: 22 سبتمبر 2076
ضابط الإبلاغ: هارولد بارنس
إعداد: المحقق روبرت جاكلا
تفاصيل الحادثة: إنه في يوم الخميس الموافق 17 سبتمبر 2076، وفي حدود الساعة الثانية بعد الظهر، تلقى مكتب الإخطار المركزي اتصالًا هاتفيًّا من السيدة فيوليت جاكوبس، البالغة من العمر 72 عامًا، والقاطنة في المجمع السكني في 225 شارع بلباوا. أفادت السيدة جاكوبس بأنها في ليلة 14 سبتمبر سمعت جلبة غريبة آتية من الطابق السفلي لبنايتها، وأوضحت كذلك أنه في الأيام الثلاثة اللاحقة اجتاحت رائحة "رهيبة وكريهة" المبنى بأكمله.
وصل الضابط هارولد بارنس إلى مسرح الجريمة عند الساعة 14:20. وفي أثناء تفتيشه الطابق السفلي، عثر على بقايا بشرية. عمد الضابط إلى طلب الدعم. التحقتُ به للشروع في التحقيق حوالي الساعة 14:55.
التحقيق: هناك في الركن الجنوبي الغربي من الطابق السفلي للعمارة، ما يناهز 10 كيلوجرامات من اللحم والشعر، تحيط بها بركة كبيرة من الدم الجاف جزئيًّا. وقد دلت حالة التحلُّل، ووجود الذباب على أن اللحم قد أُلقي في الليلة نفسها التي سمعت فيها السيدة جاكوبس الجلبة. وقد أشارت القطوع على طول اللحم إلى أن الأمر تم بإتقان وبسرعة، وإلى أن العديد من الأشخاص متورطون. استدعيت خبراء الأدلة الجنائية لالتقاط الصور وجمع عينات الحمض النووي. وقبل المغادرة أعلمتُ ناظر المبنى بما عثرنا عليه، كما زودته بمعلومات لتأمين الطابق السفلي بصورة أفضل، وأمددته بمعلومات الاتصال الخاصة بي في حال تذكُّره هو أو أي ساكن آخر لتفاصيل إضافية حول الحادثة.
عند الساعة 16:10 حصلت على نتيجة اختبار الطب الشرعي للحمض النووي، الذي تعرف على جريج أوزبورن، البالغ من العمر 26 عامًا. توجهت إلى آخر عنوان معروف للسيد أوزبورن، وهو 362، شارع 29. حيتني والدته السيدة دانيال أوزبورن عند الباب.
بقيت في منزل السيدة أوزبورن حتى الساعة 17:22، وفي أثناء حديثي معها كشفت أن ابنها خضع قبل سنتين لعملية تحويل كامل إلى "سايبورج" (مزيج من الإنسان والآلة) من جَرَّاء حادث أليم في العمل. في شهر يناير من السنة نفسها، جرى تطعيم جسده بلحم مستنبت من عينات حمض نووي مجمدة.
ذكرت السيدة أوزبورن أن "جريج كان في البداية سعيدًا جدًّا، وكان قد بدأ يشبه نفسه من جديد، ثم تغيَّر بعد بضعة شهور. كان يُمضي ساعات ينظر في المرآة. طُرد من عمله واضطر للعودة إلى البيت. كنت أراه يغادر غرفته بالكاد مرة في الأسبوع، هذا إن حصل. وليس بوسعي أن أتصور لِمَ كان يريد إلحاق الضرر بنفسه".
بعد أن غادرت بيت السيدة أوزبورن عرجت على الأحياء الفقيرة بمنطقة آبرلاين. كان لي عين هناك، وهو شخص "متحول" يعمل تحت اسم "كلاين"، أخبرني بأن فردًا جديدًا (يقول إنه "لم يختر اسمه الجديد بعد")، التحق بمجموعتهم صبيحة يوم 15 سبتمبر.
زودني كلاين بتفاصيل محددة حول مراسم انضمام السيد أوزبورن، قائلًا: "سيدي المحقق، لقد جاء إلينا بمحض إرادته. كان يعرف أن جريج أوزبورن قد مات بالفعل. وقد أعطاه ثلاثتنا الموجودون هناك ليلتها الفرصة الكاملة للابتعاد، لكنه بقي بكامل إرادته. أعرف أن ذلك قد يبدو لكم عنيفًا جدًّا، لكنه بالنسبة لنا شيء جميل، يشبه الولادة. وآمل أن يأتي اليوم الذي لا نحتاج فيه إلى التخفي على الإطلاق".
في نهاية المقابلة طلبت من كلاين نقل رسالة إلى الفرد الجديد أقول فيها: "السيدة أوزبورن تعي أنه لم يعد لديها ابن، لكنها تود أن تعرف إن كان الشخص الذي أصبح عليه الآن بخير". قال كلاين إنه ليس بإمكانه أن يعدني بذلك، لكنه سيحاول.
الملخص: جرى إتلاف بقايا السيد جريج أوزبورن، من قِبَل محقق الوفيات بالمدينة، وجرى التخلُّص منها على أنها نفايات طبية. كما سُلمت شهادة وفاته إلى السيدة أوزبورن. أُوصيَ بغلق ملف القضية وبألا يعاد فتحه إلا في حال قدوم "المتحول"، المعروف رسميًّا بجريج أوزبورن للإدلاء بشهادته ضد هؤلاء الذين أقاموا مراسم انضمامه إليهم. وإلا فلم تحدث جريمة.
ملاحظات: تمثل هذه القضية حالة "التحول" رقم 16 منذ الأول من أغسطس من السنة نفسها، والخامسة التي حققتُ فيها شخصيًّا في ذلك الوقت. وقد أصبحت هذه المراسم متواترة أكثر، وآمل أن يقدِّم المشرِّعون أو المختصون في مجال الصحة العقلية توجيهًا قانونيًّا بشأن كيفية مساعدة هؤلاء الأشخاص الذين يبدون مضطربين بحق.
راجع المحقق جاكلا التقرير على جهازه، وبمسحة من إصبعه أرسله فورًا إلى الملازم للحصول على الموافقة النهائية. نهض من مكتبه، وبعد أن تمطى، قصد دورة المياه ليرش بعض الماء على وجهه. حدق في المرآة وهو يجفف نفسه ببعض المناشف الورقية.
قَـرَص جاكلا ذقنه دون وعي، وهو موضع جَرَح نفسه فيه في سن التاسعة عندما سقط عن دراجته، لكنه لم يجد أثرًا للندبة. سَرَت رجفة خافتة في سلسلة ظهره، فخلف هذه الطبقة الرقيقة من الجلد والدم الساخنين، ثمة طبقات من البولي يوريثان، والمعادن، والدوائر الباردة. لم يدله على وجود تلك المواد صرير أو طنين أو همهمة، لكنه علم أنها هناك. وكانت كل نظرة له في المرآة تذكره بأنها هناك، وكانت كل لحظة فراغ تذكره بأنها هناك. ألم يكن الأمر ليكون أفضل، لو أن جاكلا غض بصره وخرج من الحمَّام بأسرع ما يستطيع؟
بينما كان المحقق جاكلا يغادر مركز الشرطة بعد دقائق معدودة، تجنَّب النظر إلى المزيد من المرايا، مخافة أن يبدأ في التساؤل عن "مَن" أو "ما" الذي يبادله النظر عبر المرآة.