أخبار
تجربة ترامب
يبذل الباحثون قصارى جهودهم، مِن أجل التنبؤ بتأثير الرئيس الأمريكي المنتخب على العِلْم.
- Nature (2016)
- doi:10.1038/nature.2016.20971
- English article
- Published online:
الرئيس الأمريكي المنتخَب دونالد ترامب (إلى اليمين) يستطلع الحديقة القومية "ناشيونال مول" في واشنطن العاصمة. Zach Gibson/Getty
انتهت الحملة الطويلة من أجل البيت الأبيض، وبدأ عمل الرئيس الأمريكي القادم دونالد ترامب توًّا. وخلال الفترة المتبقية قبل تنصيبه في 20 يناير من هذا العام (2017)، سوف يكون هو ومعاونوه منشغلين بانتقاء المرشحين لوظائف الحكومة العليا، وبتنقيح برنامج إدارته.
وقد عبَّر بعض العلماء عن مخاوفهم من الكيفية التي سوف تؤثر بها رئاسة ترامب على البحث في الولايات المتحدة. فقد شكَّك الرئيس المنتخب في العِلْم الذي يقوم عليه التغير المناخي، وربط مرض التوحُّد بتلقِّي اللقاحات في مرحلة الطفولة. ولا يؤمن نائب الرئيس المنتخب - حاكم إنديانا، مايك بنس – بالتطور، ولا بأنّ الأنشطة البشرية قد سببت تغيُّر المناخ، إلا أن بعض المدافعين عن العِلْم يحذِّرون من التسرع في الحكم على الكيفية التي سوف تعالِج بها إدارة ترامب قضايا العِلْم والبحث.
يقول توبين سميث، نائب مدير اتحاد الجامعات الأمريكية لشؤون السياسة في واشنطن العاصمة: "مِن المبكر إصدار الأحكام، فقد رأينا كثيرًا من الناس الذين أظهروا تأييدًا قويًّا للعِلْم على نحو لم نكن نتوقعه". ويقول إنّ المثال الأبرز على ذلك هو نيوت جينجريتش، النائب الجمهوري السابق في الكونجرس عن ولاية جورجيا، الذي يُشاع عنه أنه مرشَّح لمنصب كبير في إدارة ترامب.
عندما كان جينجريتش متحدثًا باسم مجلس النواب الأمريكي في تسعينات القرن الماضي، دعم خطة لمضاعفة موازنة معاهد الصحة الوطنية الأمريكية على مدى عشر سنوات. ومنذ أن غادر الكونجرس، وهو يدافع عن زيادات إنفاق كبيرة لمؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية، وغيرها من وكالات تمويل العلوم، إلا أن مختصِّين آخرين في السياسة يحذِّرون من أنه من الصعب استخلاص أي استنتاجات حول آراء ترامب بخصوص العِلْم في ضوء تعليقاته القليلة على مسائل من هذا القبيل. يقول كيفين ويلسون، مدير السياسة العامة والعلاقات الإعلامية لدى الجمعية الأمريكية للأحياء الخلوية في بيثيسدا بميريلاند: "إنه يتحدث بإيجابية عن الابتكار، لكن "الابتكار" كلمة كبيرة؛ فأنت تستطيع قيادة جرار بواسطة الابتكار، لكننا لا ندري ماذا يعني بالابتكار بالضبط".
وهنا، تلقي Nature نظرة فاحصة على قضايا علمية أساسية، سوف يواجهها ترامب أثناء الشهور الأولى من توليه منصبه.
علم الطب الحيوي
قال ترامب إنّ إحدى أولوياته بعد توليه منصبه سوف تكون إلغاء عدة أوامر تنفيذية اتخذها الرئيس باراك أوباما الديموقراطي بخصوص موضوعات تمتد من التغيُّر المناخي، حتى الهجرة. ويخشى بعض الباحثين في الطب الحيوي من أن يلغي ترامب أيضًا أمرًا لأوباما، سمح فيه بإجراء تجارب على خلايا جذعية جنينية بشرية.
يقول ويلسون: "إنها مسألة حساسة للغاية، وقد ينهيها في اليوم الأول لتوليه الرئاسة".
إن ثمة سوابق لأفعال من هذا النوع؛ فقد ألغى القرارُ التنفيذي الذي اتخذه أوباما في عام 2009 - بخصوص الخلايا الجذعية - الحدودَ التي وضعها سلفه، الرئيس الجمهوري جورج بوش الابن.
وعارض بنس قرار أوباما بالسماح بإجراء أبحاث الخلايا الجذعية الجنينية البشرية، وكَتَب في مقال له في إحدى الصحف في شهر مارس من عام 2009: «إنه لمن الخطأ عادةً أن نخلق حياة بشرية، ثم نقتلها لأغراض البحث»، لكن ترامب لم يقل سوى القليل عمومًا عن علم الطب الحيوي، باستثناء ما قاله في مقابلة إذاعية في عام 2015، واستُشهد بها كثيرًا، حين وصف معاهد الصحة الوطنية الأمريكية بأنها "شنيعة".
وتخشى ماري وولي - رئيسة مجموعة الدفاع عن البحث الأمريكية (Research!America) بأرلينجتون في فيرجينيا - ألّا يكون عِلْم الطب الحيوي من أولويات ترامب. تقول وولي: "كثير من سياسات الطب الحيوي ليس موضع خلاف في الواقع. إننا نميل في هذه البلاد إلى اعتبار التقدم شيئًا مفروغًا منه".
التغيُّر المناخي
إذا التزم ترامب بوعوده؛ فإنّ الولايات المتحدة سوف تغيِّر موقفها من الاحترار العالمي. فقد عبَّر الرئيس المنتخب عن كرهه لوكالة حماية البيئة الأمريكية، وقال إنه سوف يلغي تشريعات أوباما المناخية. ويترأس مايرون إبيل - المتشكك البارز في التغير المناخي، الذي يدير سياسة الطاقة والاحترار العالمي لدى معهد المشروعات التنافسية بواشنطن العاصمة - فريق ترامب للمرحلة الانتقالية لوكالة حماية البيئة.
يقول جيفري هولمستيد، المحامي لدى شركة "بريسْوِل" بواشنطن العاصمة، الذي عمل في وكالة حماية البيئة في عهد جورج بوش الابن: "أنا أميل إلى تصديق أن ترامب سيحافظ على وعوده، وأعتقد أن إدارته لن تواجه أي صعوبات في هذا الصدد".
على الأرجح، سيكون هدف ترامب الأول هو "خطة الطاقة النظيفة"، وهي بمثابة مجموعة قوانين، أصدرها أوباما؛ لتقليص انبعاثات الغازات الدفيئة من محطات توليد الكهرباء، وتعارِضها عشرون ولاية تقريبًا أمام القضاء. ويُتوقع أن تصل القضية إلى المحكمة العليا في موعد أقصاه هذا العام الحالي. وبحلول ذلك الوقت.. ربما يكون ترامب قد ملأ شواغر المحكمة الحالية بقضاة محافظين؛ مما قد يهدد قوانين المناخ.
وقد يكون من الأسهل لإدارة ترامب إلغاء خطة الطاقة النظيفة وحدها، حسبما يقول هولمستيد. أمّا وعد ترامب بانسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ، وهي عملية يمكن أن تستغرق أربع سنوات لاستكمالها، فقد خيَّم بظلاله على محادثات الأمم المتحدة حول المناخ في مراكش بالمغرب، في وقت كانت فيه الوفود منشغلة بمناقشة خطة لتنفيذ اتفاقية باريس. يقول جيك شميدت، مدير البرنامج الدولي لدى مجلس دفاع الموارد الطبيعية في مدينة نيويورك: "ما زلنا في مرحلة الإنكار، وأظن أن شعورًا بخيبة الأمل، وإحساسًا عارمًا بالغضب سوف يبدآن بالطفو على السطح في الأيام القليلة القادمة".
وبالفعل، فإنّ أُمَمًا كثيرة تتطلع إلى الصين؛ لتقود مسألة المناخ، فهي في طليعة العالم في الاستثمار في الطاقات المتجددة، لأنها تنظر إلى الطاقة النظيفة على أنها ضرورة وفرصة، حسبما يقول أندرو ستير، رئيس معهد الموارد العالمية، الذي يمثل معقلًا من معاقل الفكر البيئي بواشنطن العاصمة. وهو يأمل أن ينظر ترامب إلى سياسات التغيُّر المناخي بوصفها أداة تضمن بقاء الولايات المتحدة في إطار المنافسة في تطوير تقنيات الطاقة.
تَحمِل الصواريخ "فالكون9" - التي صنعتها وأطلقتها شركة "سبيس إكس" - شحنات إلى محطة الفضاء الدولية. SpaceX
الفضاء
لم يتحدث ترامب شخصيًّا عن سياسة الفضاء بشكل كبير، لكن رائدة الفضاء إيلين كولينز - وهي أول امرأة تقود مكوك فضاء - تحدثت في اجتماع قومي جمهوري في شهر يوليو الفائت، وطالبت بأن تعزِّز الولايات المتحدة دورها القيادي في استكشاف الفضاء.
وفي شهر أكتوبر، كتب اثنان من مستشاري حملة ترامب مقالَين في موقع "سبيس نيوز" SpaceNews يرسمان الاتجاهات المحتمَلة لسياسة الفضاء في عهد الرئيس الجديد، وأوضحا أن على وكالة "ناسا" أن تعطي مزيدًا من الاهتمام لاستكشاف الفضاء البعيد، وأن تقلص اهتمامها بما أسمياه "المراقبة البيئية بشكل صحيح سياسيًّا".
إنّ مهام رصد الأرض - التي تقوم بها "ناسا" - تستهلك أكثر من ثلث الميزانية العلمية للوكالة، وهي تكلفة تعرضت للهجوم من قِبَل أعضاء الكونجرس الجمهوريين. يقول جون لوجسدون، المدير السابق لمعهد سياسة الفضاء بجامعة جورج واشنطن في واشنطن العاصمة: "من الوارد أن يتخذ البيت الأبيض في عهد ترامب موقفًا مضادًّا لعِلْم الأرض، الذي تعمل عليه "ناسا"".
وطالَب مستشارو ترامب أيضًا بمزيد من المشاركات بين القطاعين العام والخاص في مجال الفضاء المدني. وبالفعل، تشقّ المساعي التي من هذا النوع طريقها مع شركات خاصة، تنقل الآن شحنات أمريكية، وستنقل قريبًا رواد فضاء أمريكيين إلى محطة الفضاء الدولية.
ويقول كيسي دراير - مدير سياسة الفضاء في جمعية الكواكب في باسادينا بكاليفورنيا - إنه من المحتمل أن يحتل الفضاء مرتبة منخفضة لدى ترامب أثناء المئة يوم الأولى من رئاسته. وسيراقب دراير إنْ كان الكونجرس الجديد سيخفض إنفاق الحكومة، أم لا، ويقول: "إذا حصل هذا؛ فإن وكالة "ناسا" ستتأثر بذلك، شأنها شأن كل الوكالات الاتحادية".
الهجرة
لقد أنعش ترامب الجدلَ القومي حول الهجرة بتعهداته في حملته ببناء جدار على طول حدود الولايات المتحدة مع المكسيك، وفرْض حظر مؤقت على دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة.
يقول كارل صعب، عالِم الأعصاب لدى جامعة براون في بروفيدنس في رود آيلاند، والرئيس السابق لجمعية علماء الأعصاب العرب: "نأمل أن تكون الخطابات الانتخابية مجرد واجهة لشيء واعد، يتسم بواقعية أكبر، ويلائم المجتمع".
لقد قال ترامب بطرائق مختلفة إنّ الحظر سوف يُطبَّق على جميع المسلمين، وعلى أي شخص من "الأمم المرتبطة بالإرهاب الإسلامي". وأدَّى ذلك إلى انتقادات لاذعة صدرت عن مجموعات الحريات المدنية، التي تقول إن سياسةً من هذا النوع تخرق الدستور الأمريكي. واقترح ترامب أيضًا طرد مزيد من الأشخاص، الموجودين في الولايات المتحدة على نحو غير قانوني، والذين يمكن أن يكونوا قد أتوا إلى البلاد في طفولتهم.
ويخشى بعض الباحثين من أنْ تهدِّد سياسات من هذا النوع مكانةَ البحث العلمي الأمريكي، فحوالي 5% من طلاب الجامعات الأمريكية يأتون من بلدان أخرى، ومنهم أكثر من 380 ألف شخص يدرسون العلوم، أو الهندسة، أو التكنولوجيا، أو الرياضيات.
يقول بنجامين كورب، مدير العلاقات العامة في الجمعية الأمريكية للكيمياء الحيوية والأحياء الجزيئية في روكفيل بميريلاند: "لقد أخافت الخطابات الرنّانة التي تبنّاها ترامب كثيرًا من المهاجرين. وإنني آمُل ألاّ ننتهي إلى خسارة عدد من العقول النيِّرة، نتيجة لبعض السياسات قصيرة النظر".
العلماء يتكلمون
كيف كانت ردود أفعال الباحثين على انتخاب دونالد ترامب.
"لا أعرف – في الواقع - مؤيِّدًا واحدًا لترامب يمكنني التحدث معه عن الانتخابات، فكيف أستطيع الوصول إلى الجمهور، إذا كنتُ لا أتحدث إلا مع دائرة معارفي الخاصة؟".
بيتر بِرِجرين، عالم الأنثروبولوجيا بجامعة لورنس في ويسكونسن ومعهد سانتا في بولاية نيومكسيكو.
"أشعر بالحزن على الولايات المتحدة، وعلى علمائها، وأودّ الترحيب بالعلماء الجيدين؛ للعمل والعيش في الصين".
يي راو، عالِم الأعصاب بجامعة بكين.
" الأحداث السياسية لا تُغيِّر حقيقة التغيُّر المناخي، ولا تستطيع تغييرها".
فيليب دَفي، رئيس مركز بحوث "وودس هول" في فالماوث بماساتشوستس.
"بصفتي كنديًّا يعمل في جامعة أمريكية، أرى أن العودة إلى كندا سوف تكون شيئًا مطروحًا".
موري راد، باحث يدرس اقتصاديات وسياسة البيئة في جامعة إيموري في أتلانتا بجورجيا.
وللمزيد من ردود الأفعال.. انظر: go.nature.com/2fu4crp