أخبار
الولايات المتحدة تشدِّد المراقبة على العواصف الشمسية المدمِّرة
الجيل القادم من نموذج قياس طقس الفضاء سوف يرسم خريطة للمخاطر التي تواجه شبكات الطاقة.
- Nature (2016)
- doi:10.1038/537458a
- English article
- Published online:
في معركة حماية الأرض من العواصف الشمسية، تُرسَم خطوط القتال في الفضاء عند نقطة تبعد 1.6 مليون كيلومتر عن الأرض؛ حيث يَنتظر هناك قمر صناعي تابع للإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي «NOAA» انجراف الإلكترونات والبروتونات عبره، وهي إشارة على أن الشمس قد أطلقت فيضانًا من الجسيمات المشحونة في اتجاه الأرض.
وبنهاية شهر سبتمبر الماضي، كان من المفترض أن تكون لدى «NOAA» فكرة أفضل بكثير عن مدى خطورة تلك العواصف الكهرومغناطيسية. وسوف تبدأ الإدارة بإصدار توقعات تعتمد على نموذج أكثر تعقيدًا للتنبؤ بكيفية إحراق العواصف الشمسية القادمة لشبكات الطاقة الكهربائية، سيكون أوضح دليل إرشادي متوفر إلى الآن حول أيٍّ من شركات المرافق ينبغي أن تساورها المخاوف، وفي أي أجزاء من العالم.
يقول بوب راتليدج، رئيس فريق التنبؤ بمركز التنبؤ بطقس الفضاء، التابع لـ«NOAA» في بولدر بكولورادو: "هذه هي المرة الأولى التي سنحصل فيها على تنبؤات قصيرة المدى حول التغيرات التي سوف تحدث على سطح الأرض. يمكننا أن نخبر مستهلكي إحدى شبكات الطاقة، ليس فقط بأنه سيكون يومًا سيئًا، بل ونمنحهم بعض التحذيرات والمعلومات المسبقة عما سيواجهونه بالضبط".
يمكن للعواصف الشمسية القوية أن تقضي على الاتصالات اللاسلكية، وعمليات الأقمار الصناعية، ولكن بعض آثارها الأكثر تدميرًا يكون على شبكات الطاقة الكهربائية. ففي عام 1989، قضت عاصفة شمسية على شبكة هيدرو-كيبيك الكندية بأكملها لساعات، تاركةً عدة ملايين من الناس في ظلام دامس. وفي عام 2003، أدَّت الارتفاعات الشديدة في التيار الكهربي ـ الناجمة عن عاصفة شمسية ـ إلى إحراق المحوِّلات في جنوب أفريقيا، وارتفاع درجة حرارة محولات أخرى بمحطة طاقة نووية في السويد. وإذا عَلِمَت إحدى شركات الطاقة بقدوم عاصفة شمسية، يستطيع المسؤولون تحويل الطاقة من المناطق المهددة من الشبكة إلى مناطق أخرى أكثر أمانًا، أو اتخاذ احتياطات أخرى.
وحتى الآن، حذَّرت «NOAA» من النشاط الشمسي باستخدام مؤشر K الكوكبي، وهو مقياس يصنف التهديد المغناطيسي الأرضي الراهن للكرة الأرضية بأكملها. وتأتي نشرة تنبؤات «الفضاء الأرضي» الجديدة، التي تعتمد على أكثر من عقدين من الأبحاث، في صورة خريطة توضح أي المناطق من المحتمل أن تكون أكثر تضررًا (G. Tóth et al. J. Geophys. Res. Space Phys. 110, A12226; 2005).
يقول تاماس جومبوسي ـ عالم فيزياء الفضاء بجامعة متشيجان في آن أربر، الذي ساعد في تطوير النموذج ـ إنّ معرفة أنّ كندا ـ على سبيل المثال ـ سوف تتضرر أكثر من أوروبا الشمالية يساعد مشغِّلي الشبكات كثيرًا. ويقارن جومبوسي هذا بنشرة إعصار تقول إنّ عاصفة ما سوف تضرب فلوريدا، بدلًا من أن تقول إنّ العاصفة سوف تضرب مكانًا ما على الكوكب (انظر: «عواصف من الشمس»).
Source: NOAA
نموذج الغلاف المغناطيسي
تقول كاثرين بورنيت ـ مديرة برنامج طقس الفضاء بهيئة الأرصاد الجوية بالمملكة المتحدة في إكستر ـ إن التنبؤ بطقس الفضاء على المستوى نفسه من البدائية، الذي كان عليه التنبؤ بالطقس الجوي قبل ثلاثة أو أربعة عقود. لقد طوَّر الباحثون نماذج مختلفة؛ لوصف أجزاء مختلفة من النظام الشمسي-الأرضي، ولكن كان من الصعب ربْطها معًا في إطار عمل متماسك. ويجمع النهج الذي جرى تطويره بجامعة متشيجان 15 نموذجًا، تصف في مجملها الغلاف الجوي الشمسي عبر الفضاء بين الكواكب، وفي المجال المغناطيسي للأرض. تتضمن نشرة «NOAA» ثلاثة من هذه النماذج: نموذج يصف الغلاف المغناطيسي للأرض بأكمله، وآخر يركز على الغلاف المغناطيسي الداخلي، والثالث للنشاط الكهربي في الغلاف الجوي العلوي.
ويقول جابور توث ـ المطوِّر من جامعة متشيجان ـ إن كتلة الغلاف المغناطيسي الداخلي ضرورية للغاية لنجاح النموذج بأكمله. ويصف هذا النموذج كيفية تدفُّق الجسيمات النشطة وتفاعلها أثناء اقترابها من قطبي الأرض، وكيفية تأثير الجسيمات على المغناطيسية على سطح الكوكب. ويمكن للتحذيرات أن تمنحنا حوالي (20 دقيقة إلى 60 دقيقة) لنأخذ احتياطاتنا.
وتُعَدّ تنبؤات «NOAA» المحسَّنة جزءًا من جهود الوكالات الأمريكية لتنفيذ استراتيجية قومية مرتبطة بطقس الفضاء، أصدرها البيت الأبيض العام الماضي. وسوف تطلب الجهات التنظيمية قريبًا أيضًا من مشغِّلي شبكات الطاقة تقديم تقييمات للمخاطر، تتضمن تهديد العواصف الشمسية. يقول آنتي بولكينن، الباحث في مجال طقس الفضاء بمركز جودارد للطيران الفضائي التابع لوكالة «ناسا» في مدينة جرينبيلت بميريلاند: "دون هذين الأمرين، لم نكن لنهتم بهذه المسألة كما نفعل الآن. لقد غيرت قواعد اللعبة حقًّا".
تعتزم «NOAA» الاستمرار في تنقيح تنبؤاتها كلما ظهرت أبحاث جديدة. وتتضمن التحسينات المحتملة دمج كيفية تأثير جيولوجيا الأرض تحت شبكات الطاقة على شدة العاصفة الشمسية؛ حيث يمكن للمجالات المغناطيسية المتذبذبة تحفيز التيارات الكهربائية للتدفق عبر الأرض، وهو ما يمثل مشكلات إضافية لخطوط التحويل. ويصف جيفري لوف ـ الباحث في المغناطيسية الأرضية بهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية في جولدن بكولورادو ـ هذا الأمر قائلًا: "الأمر برمّته معقد بشكل مذهل".
وفي أحدث ورقة بحثية لهم، يصف لوف وبولكينن وزملاؤهما الخريطة الأكثر تفصيلًا لهذه «المخاطر الجيوكهربائية» عبر جزء من الولايات المتحدة الأمريكية (J. J. Love et al. Geophys. Res. Lett. http://doi.org/bqpm; 2016). ومن بين المناطق التي تم مسحها حتى الآن، فإنّ المناطق المعرَّضة لأكبر المخاطر هي ولايَتَا الغرب الأوسط العليا: مينيسوتا، وويسكونسن، حيث تحفِّز الجيولوجيا المعقدة للمنطقة تيارات كهربائية قوية.
ويقول راتليدج إن إضافة نماذج ثلاثية الأبعاد من هذه التيارات الأرضية سوف يحسِّن الجيل القادم من تنبؤات «NOAA»، ويضيف مؤكدًا: "إننا لم نصل إلى نهاية المطاف بعد على أي حال".