أخبار
قوانين العلاج بالخلايا تثير الجدل
توجيهات أمريكية جدلية تحاول ضبط عيادات الخلايا الجذعية المخادعة.
- Nature (2016)
- doi:10.1038/537148a
- English article
- Published online:
يتزايد استخدام الخلايا الجذعية في علاجات غير مثبَتة في عيادات بالولايات المتحدة الأمريكية. Steve Gschmeissner/SPL
قابل توماس ألبيني أُولَى مريضاته، التي أُصيبت بالعمى، نتيجة "علاج" بالخلايا الجذعية في العام الماضي. تلك السيدة المسِنّة، التي كانت مصابة بالتنكس البقعي، كانت تعتقد أنها تدفع أمولًا للمشاركة في تجربة إكلينيكية، مِن شأنها أن تنقذ بصرها، عن طريق حقن الخلايا الجذعية في كلتا العينين؛ لكنه بدلًا من ذلك، أفقدها البصر تمامًا.
وبحلول وقتٍ عالَج فيه امرأتين أخريين أصيبتا بالعمى، نتيجة للإجراء نفسه، أَدرَك ألبيني ـ طبيب العيون في جامعة ميامي في فلوريدا ـ أن هناك مشكلة منهجية. تم إغراء السيدتين بنَشرَةٍ في سجل للتجارب الإكلينيكية، رغم عدم وجود تجربة حقيقية تُذكَر؛ ولم تُعْطَيَا أيًّا مِن الحقن مِن قِبَل طبيب. فقد زعمت العيادة التي تقدِّم الحقن أن هذا الإجراء لا يتطلب موافقة من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية «FDA»، وأرجعوا جزءًا من السبب إلى كونهم يستخدمون خلايا المريض نفسه. في المجمل، صُدم ألبيني مما حدث.. "أيُّ قَدْر مِن المراجعة كان سيُفِيد".
ومع انتشار العيادات المزعومة للعلاج بالخلايا الجذعية في جميع أنحاء الولايات المتحدة، يتعاظم الجدل حول ما إذا كان يتعين على إدارة الغذاء والدواء مراجعة مثل هذه العلاجات، أم لا، بيد أن لوائحها الحالية تطبَّق بشكل ضعيف، وتترك مجالًا لتفسيرات مختلفة. في الثامن من شهر سبتمبر الماضي، قام ألبيني بتقديم خبراته في ورشة عمل أعدَّتها إدارة الغذاء والدواء. وفي الأسبوع التالي، تدفَّق عشرات من الباحثين، والشركات، ودُعَاة حماية المريض على بيثيسدا بولاية ميريلاند؛ لحضور جلسة استماع علنية، أقامتها الإدارة أيضًا. وكان من المتوقع أن يبالغ كثير من الحضور في وصف مزايا العلاج بالخلايا الجذعية غير المثبَت، وأن يصرُّوا على حقّ الناس في الحصول على مثل هذه العلاجات. وتجاوبًا مع الاهتمام الجماهيري الكبير، قامت إدارة الغذاء والدواء بمَدّ جلسة الاستماع تلك إلى يومين، بدلًا من يوم واحد، ونقلت مكان انعقادها إلى قاعة أكبر.
كان مِن المقرر أن يركِّز النِّقاش على المقترحات المقدَّمة من قِبَل الإدارة، التي تهدف إلى القيام بشكل أفضل بتحديد العلاجات الخلوية التي تحتاج إلى قوانين صارمة. وفي حال اعتمادها، يمكن لهذه التوجيهات المثيرة للجدل أن تشمل جزءًا كبيرًا من عيادات العلاج الخلوي، التي تَدَّعي أنها تقع ـ إلى حد كبير ـ خارج نطاق سيطرة إدارة الغذاء والدواء.
وقد ازدهرت الصناعة الناشئة في ظل غياب إشراف صارم. وكشفت دراسة حديثة حول عيادات الخلايا الجذعية ـ التي تنشر إعلاناتها على شبكة الإنترنت ـ عن 570 من تلك المراكز العاملة في الولايات المتحدة (L. Turner and P. Knoepfler Cell Stem Cell 19, 154–157; 2016).
وبموجب لوائح إدارة الغذاء والدواء، يتعين على هذه العيادات إعداد وتخزين علاجاتها بأمان، كما أن مَرافقها عرضة لحملات رقابة وتفتيش متفرقة، إلا أنّ عيادات عديدة تعمل أيضًا على افتراض أنها ليست بحاجة الى موافقة الإدارة؛ للقيام بإجراءاتها، وأنها غير مضطرة لإجراء التجارب الإكلينيكية التي تطالِب بها الإدارة عادةً؛ لإثبات أن أحد العلاجات يعمل بالفعل. وبالفعل، تنصّ اللوائح على أن العيادات ليست بحاجة إلى موافقة الجهات التنظيمية، إذا كانت هذه العلاجات تنطوي على "الحدّ الأدنى من التلاعب" بالخلايا، بحيث لا تغيِّر خصائصها بشكل جوهري، وكانت تلك الخلايا تحقِّق وظيفة «متجانسة» مشابِهة لدورها الأصلي في الجسم، لكنّ التعريفَين الدقيقين لمصطلحي «الحد الأدنى من التلاعب»، و«الاستخدام المتجانس» مثيران للجدل.
صدرت سلسلة من أربع مسودات لإرشادات وَضَعَتْها إدارة الغذاء والدواء في عامي 2014، و2015، تناولت ذلك الغموض، من خلال تقديم أمثلة ملموسة عمّا مِن شأنه أن يحفِّز مزيدًا من الإشراف من قِبَل الإدارة. وبعد طلب تعليق عام، ستقرِّر الإدارة ما إذا كانت ستعدّل المقترحات؛ لتضع اللمسات الأخيرة عليها، أم لا.
ليس جميعُ الناس راضين عن النتائج حتى الآن. ويبدي أرنولد كابلان ـ الذي يدرس الطب التجديدي في جامعة كيس ويسترن ريزيرف في كليفلاند بأوهايو ـ قلقه من أن الإدارة ستبدأ بطلب موافَقات على العلاجات التي تُعتبر الآن قياسية، بما في ذلك استخدام دهون منطقة البطن؛ من أجل إعادة بناء الثدي، بعد استئصاله.
كما يبدي آخرون قلقهم من أن الإرشادات ستجعل مسألة إيصال الاكتشافات إلى السوق أكثر صعوبة. يقول كيث مارش، أخصائي أمراض القلب في جامعة إنديانا في إنديانابوليس، الذي حضر جلسة الاستماع العلنية: "مِن المحتمل أن تتسبب في إبطاء الترجمة «العملية» في كثير من الأحيان"، ويضيف: "إننا بحاجة إلى إدراك ذلك".
هل تأخرنا كثيرًا؟
على أي حال، بعض الباحثين سعداء بأن إدارة الغذاء والدواء تعمل على المسألة، فمثلًا، تتحدث جين لورينج ـ الباحثة في الخلايا الجذعية في معهد سكريبس للأبحاث في لاهويا بكاليفورنيا ـ هي ومختبرها مع الإدارة بشأن بدء اختبارات إكلينيكية لعلاج مرض باركنسن بالخلايا الجذعية. وتقول: "إنهم يحرصون على التأكد من أننا على دراية كاملة بما نفعل".
وحتى لو أَتَمَّت الإدارة المقترحات، من غير الواضح ما هو نوع الأثر الذي ستُحْدِثه القوانين الموضوعة، كما يقول ليه تيرنر، المتخصص في الأخلاقيات البيولوجية بجامعة مينيسوتا في مينيابوليس. فعيادات الخلايا الجذعية أكثر رسوخًا من أن تتم ملاحقتها بإرشادات إدارة الغذاء والدواء، كما يقول. ويضيف: "السؤال الحقيقي هنا هو ما إذا كانت الإدارة سترسل مفتشين ورسائل تحذيرية، أم لا".
وبالنسبة إلى ألبيني، فالإرشادات المقترحة من قِبَل الإدارة ليست الحلّ الأمثل، لكنها على الأقل خطوة في الاتجاه الصحيح. قد لا يُعرف يقينًا مطلقًا السبب وراء إصابة مرضاه بالعمى إثر تَلَقِّي العلاج، وهو يعترف أن الإرشادات الأكثر وضوحًا ـ وتنفيذها بصرامة أشدّ ـ لن يمنع حدوث أي مأساة من هذا القبيل مستقبلًا. كما أنهم لن يتمكنوا من منع بعض العيادات من استدراج بعض المرضى، تحت ستار إجراء التجارب الإكلينيكية، لكنْ لكل خطوة دور. يقول ألبيني: "كلما وضعت مزيدًا من العقبات التنظيمية في طريق مَن يريد استخدام مصطلح «البحث» للتسويق؛ كان الوضع أفضل حالًا".