أنباء وآراء
كيمياء غير عضوية: كيف يؤثر الكالسيوم على تكوين الأكسجين
يشكل الكالسيوم مكونًا أساسيًّا في عامل الحفز الذي ينتِج الأكسجين من الماء أثناء عملية التمثيل الضوئي. يبدو وكأن جزءًا من وظيفة الكالسيوم هي جعل إنتاج الأكسجين من عامل الحفز هذا أمرًا ممكنًا.
- Nature (2014)
- doi:10.1038/nature13753
- English article
- Published online:
ما زالت آلية إنتاج الأكسجين في عملية التمثيل الضوئي مجهولة السبب، رغم الدراسات العديدة حول هذا الموضوع. ووجود أيون الكالسيوم في الموقع النشط غير العضوي للمركب الذي ينتج الأكسجين، يمثل مصدرًا أكبر للحيرة، لأن هذا التفاعل هو عملية أكسدة تتضمن انتقال عدد من الإلكترونات، في حين أن الكالسيوم خامل تجاه الأكسدة (ليس بمقدوره أن ينقل الإلكترونات في ظل الظروف الموجودة بالأنظمة الحيوية). ألقى بانج وزملاؤه1 الضوء على الدور المحتمل لهذا لأيون في بحثهم المنشور في دورية "نيتشر كِيمِستِري". ويسجل هؤلاء المؤلفون أنه تحت الظروف التي تؤدي إلى الأكسدة، يصبح من الممكن إنتاج جزيئات الأكسجين من مركبات بيروكسيد الحديد ـ التي يمكن النظر إليها على أنها نماذج مبسطة للموقع النشط ـ في وجود أيونات الكالسيوم، وفي غياب أيونات الفلزات التي تقوم بدور أفضل في العمل كأحماض لويس (التي تستقبل الأزواج الإلكترونية) عند مقارنتها بالكالسيوم.
أنتجت عملية التمثيل الضوئي، وهي العملية التي تحول بها النباتات ثاني أكسيد الكربون إلى مادة عضوية باستخدام الطاقة الشمسية، الكمية الأكبر من الأكسجين (جزيئات O2) في الغلاف الجوي، الأمر الذي يجعل من استمرارية الحياة التي نعرفها على كوكب الأرض أمرًا ممكنًا. يتكون الأكسجين من أكسدة الماء، في التفاعل الكيميائي المعقد الذي يتضمن انتقال أربعة إلكترونات وأربعة بروتونات (أيونات +H، الشكل 1أ). يتم تحفيز هذا التفاعل بمركب منتِج للأكسجين (OEC)، وهو عنقود غير عضوي من أربعة أيونات منجنيز، وأيون كالسيوم واحد، يربط بينهما جسر من روابط الأكسيد2، مدفون في مركب التمثيل الضوئي البروتيني الذي يُعرف باسم النظام الضوئي 2 (PSII). ما زالت آلية أكسدة الماء موضع جدال، تحديدًا فيما يخص دور الكالسيوم، والموضع الذي تتكون فيه الرابطة ما بين ذَرَّتي الأكسجين (O–O) الموجودة في جزيء الأكسجين. قد تقود النتائج الإضافية في هذا الموضوع إلى التصميم العقلاني لمحفزات فعالة، بغرض استخدامها في عمليات التمثيل الضوئي الاصطناعية3.
أ. في المركب المنتِج للأكسجين (OEC) لجهاز التمثيل الضوئي، تتم أكسدة الماء لإنتاج الأكسجين −التفاعل الذي يتضمن انتقال أربعة إلكترونات (-e) وأربعة بروتونات(+H). يحتوي المركب المنتج للأكسجين على أربعة أيونات منجنيز نشطة تجاه الأكسدة، وأيون كالسيوم واحد2، نشط تجاه الأكسدة في الظروف الحيوية. (ذرات الأكسجين باللون الأحمر). ب، حضَّر بانج وزملاؤه1 مركبات تقوم بنمذجة المركب المنتج للأكسجين في الخطوة الأخيرة لأكسدة الماء. في هذه المركبات، ترتبط ذرة الحديد النشطة تجاه الأكسدة (الأخضر) برابطة (TMC 1، 4، 8، 11−رباعي ميثيل−1، 4، 8، 11−رباعي أزاسايكلو رباعي ديكان، الرمادي والأزرق) كما ترتبط أيضًا بمجموعة البيروكسيد (الأحمر)، التي ترتبط بدورها بأيون الفلز الخامل تجاه الأكسدة (+Mn). شحنة المعقد هي n+1. هناك ترابط بين درجة سهولة اختزال المركبات مع درجة حموضة لويس للفلزات. يمكن فقط أكسدة المركبات التي تحتوي على أيونات السترونشيوم (+Sr2) أو أيونات الكالسيوم (+Ca2)، أو تلك التي تخلو من الفلزات الخاملة تجاه الأكسدة. ج. حينما تتم معالجة المركبات القابلة للأكسدة بمؤكسد، فإنها هي فقط التي تتفاعل لكي تنتج الأكسجين.
عادةً ما يقوم الكيميائيون بتصنيع مركبات جزيئية صغيرة تُظْهِر أنماطًا بنيوية تشابه المواقع النشطة في الإنزيم، كما يقومون باستخدام هذه المركبات كنماذج يمكن استقصاؤها بصورة ممنهجة. كان استخدام هذه المقاربة أمرًا صعبًا في حالة المركب المنتِج للأكسجين، بسبب التعقيد في بِنْيَة العنقود، واحتوائه على نوعين من الفلزات. استهدف بانج وزملاؤه المركبات التي تحتوي على فلز ذي نشاط أكسدة (الحديد)، وفلز خامل تجاه الأكسدة.
قام المؤلفون بالتركيز على خطوة من كيمياء أكسدة الماء التي تحدث بعد تكوُّن رابطة O–O، مفترضين أن لتلك الخطوة صلة بدور الكالسيوم في المركب المنتج للأكسجين: إنتاج الأكسجين من مجموعة البيروكسيد (−O22). أضاف هؤلاء الباحثون أيونات الفلزات الخاملة تجاه الأكسدة إلى كيانات بيروكسيد الحديد، (Fe–(O2-2، وتحصَّلوا على مركبات تحتوي على نمط بنية Fe–(O22-)-M (يرمز Fe إلى الحديد؛ بينما يمكن أن يكون الرمز M دالًا على الكالسيوم، أو السترونشيوم، أو الزنك، أو اللوتيسيوم، أو الإتيريوم، أو السكانديوم). تحاكي هذه السلسلة من المركبات نظريًّا مركَّب البيروكسيد المفترض وجوده في المركب المنتِج للأكسجين، الأمر الذي سمح للمؤلفين أن يجروا مقارنة ممنهجة لتأثيرات الفلزات الخاملة تجاه الأكسدة على خواص هذه المركبات (الشكل 1ب، ج). تختلف هذه النماذج من حيث البِنْيَة عن المركب المنتِج للأكسجين، لأنها تحتوي على أيون حديد واحد، بدلًا من أربعة أيونات منجنيز، إلا أن هذه النماذج تلخص تأثير الفلزات الخاملة تجاه الأكسدة لمجموعة البيروكسيد في اتحاد بسيط لأيونين فلزيَّين، تسهل دراستهما، مقارنةً بالمركبات المنتِجة للأكسجين.
أوضح بانج وزملاؤه، مستخدمين التحليل الكيميائي الكهربي، أن للفلزات الخاملة تجاه الأكسدة تأثيرًا كبيرًا على انتقال الإلكترون من المركَّبات، وإليها. يزيد ميل المركَّبات للاختزال الكيميائي (أي لتقبلها لإلكترون) مع زيادة حموضة لويس لأيون الفلز. وعلى العكس، توضح السهولة التي تتم بها أكسدة المركبات (أي إزالة إلكترون) النزعة المعاكسة: لاحظ الباحثون حدوث أكسدة في وجود أيونات الكالسيوم، أو السترونشيوم، أو في غياب الفلز الخامل تجاه الأكسدة، لكنهم لم يلاحظوا حدوث الأكسدة حينما زادت قوة حموضة لويس لأيون الفلز (الزنك، واللوتيسيوم، والإتيريوم، والسكانديوم). تم استحضار تأثيرات مشابهة للكشف عن دور أيونات الكالسيوم في المركَّب المنتِج للأكسجين، في الدراسات التي أُجريت على المركبات التي احتوت على نمط أيون الأكسجين (O-2) أو أيون الهيدروكسيد (-HO) البنيوي، بدلًا من مجموعات البيروكسيد4−9، إلا أن هذه الدراسة هي الدراسة الأولى المفصلة لمجموعة من كيانات البيروكسيد في هذا السياق10,11.
إذَن، ما الذي يعنيه ما سبق فيما يخص إنتاج الأكسجين من هذا المركب؟ لاحظ بانج وزملاؤه ـ في ملاحظة تتفق والنتائج الكيميائية الكهربية ـ أن المركبات المحتوية على أيونات الزنك، أو اللوتيسيوم، أو الإتيريوم، أو السكانديوم لا تتفاعل مع مؤكسد كيميائي (نترات أمونيوم السيريوم)، لذا.. لم يتم إنتاج أكسجين. وبالعكس، قادت المعالجة بالمؤكسد نفسه إلى إنتاج الأكسجين من مركبات الكالسيوم والسترونشيوم، ومن (Fe–(O2-2 الذي لم يكن مرتبطًا بأيون فلزي خامل تجاه الأكسدة.
إنّ تأثيرات أيونات الكالسيوم والسترونشيوم مهمة بدرجة خاصة بسبب أهمية هذه الأيونات في السياقات الحيوية، إذ إن الكالسيوم مكون أصلي للمركب المنتِج للأكسجين، بينما يُعَدّ السترونشيوم الفلز الوحيد الذي يستطيع أن يحل محل الكالسيوم، ويستمر في إنتاج محفز نشط. الأمر اللافت للنظر هو أن مركبات الكالسيوم والسترونشيوم، التي قام بإعدادها المؤلفون، لا تتشابه من حيث الخواص الكيميائية الكهربية فحسب، بل تسمح أيضًا بإنتاج الأكسجين من البيروكسيد. تشير التشابهات بين الأنظمة الحيوية والإصطناعية إلى أن خلاصة هذه الدراسة قد تمتد لتشمل المركب المنتِج للأكسجين، رغم أن البنية المعقدة للمركب المنتِج للأكسجين، والفلزات المختلفة الموجودة فيه ستؤثر على التفاعلات مع مجموعة البيروكسيد، وعلى الفعالية الكيميائية لهذه المجموعة.
هل تكشِف هذه النتائج عن آلية أكسدة الماء؟ ليس بصورة كاملة، لكنها تسلط الضوء على الخطوة النهائية في العملية. تدل الملاحظات، التي تقول إنه يمكن أكسدة مركب بيروكسيد الحديد لإنتاج جزيئات الأكسجين في غياب أي فلز خامل تجاه الأكسدة، على أن دور أيونات الكالسيوم في PSII لا يمكن أن ينحصر في إنتاج الأكسجين فحسب. ويؤكد المؤلفون على النقطة بالغة الأهمية، وهي أن أيونات الكالسيوم لا تعوق إنتاج الأكسجين، بينما تتسبب الفلزات ذات الدرجة الأقوى من حموضة لويس في إعاقة هذه العملية. ما تزال أكثر الخطوات مراوَغةً في تفاعل أكسدة الماء، وهي خطوة تكوّن رابطة O−O، هدفًا صعب المنال، غير أن هذا الهدف مهم للدراسات المستقبلية. ويوفِّر البحث الذي أجراه بانج وزملاؤه إسهامًا ثاقبًا في مجابهة جدل الدائر حول دور أيونات الكالسيوم في PSII.
Affiliations
-
Division of Chemistry and Chemical Engineering, California Institute of Technology, Pasadena California 91125, USA
References
- Bang, S. et al. Nature Chem. http://dx.doi.org/10.1038/nchem.2055 (2014).
- Umena, Y., Kawakami, K., Shen, J.-R. & Kamiya, N. Nature 473, 55–60 (2011).
- Lewis, N. S. & Nocera, D. G. Proc. Natl Acad. Sci. USA 103, 15729–15735 (2006).
- Fukuzumi, S. et al. Nature Chem. 2, 756–759 (2010).
- Yoon, H. et al. J. Am. Chem. Soc. 135, 9186–9194 (2013).
- Park, Y. J. et al. Chem. Sci. 4, 717–726 (2013).
- Kanady, J. S., Tsui, E. Y., Day, M. W. & Agapie, T. Science 333, 733–736 (2011).
- Tsui, E. Y., Tran, R., Yano, J. & Agapie, T. Nature Chem. 5, 293–299 (2013).
- Herbert, D. E., Lionetti, D., Rittle, J. & Agapie, T. J. Am. Chem. Soc. 135, 19075–19078 (2013).
- Lee, Y.-M. et al. Chem. Sci. 4, 3917–3923 (2013).
- Li, F. F., Van Heuvelen, K. M., Meier, K. K., Münck, E. & Que, L. Jr J. Am. Chem. Soc. 135, 10198–10201 (2013).