أنباء وآراء
علوم الأرض: مسـالك الصـرف لجليـد جرينـلاند
تُظهِر أرصاد ضغط الماء، في حفر عميقة تم حفرها وطواحين ثلجية طبيعية على الغطاء الجليدي في جرينلاند، كيف يتحكم نظام صرفها التحتي في حركة الجليد أثناء موسم الذوبان الصيفي.
- Nature (2014)
- doi:10.1038/514038a
- English article
- Published online:
يُعتبر السطح ما بين قاعدة صفيحة جليدية أو نهر جليدي، والمهاد التحتي التابع له، ذا أهمية جوهرية في التحكم في السرعة التي يتدفق بها الجليد1-3. ومما له دلالة خاصة.. كيفية تأثر الاحتكاك عند السطح بين الجليد والمهاد بمسالك المياه الذائبة عبر مهاد صفيحة جليدية، أو نهر جليدي. أحرز أندروز وزملاؤه4 تقدُّمًا مهمًّا في فَهْمنا للهيدرولوجيا تحت الغطاء الجليدي في جرينلاند، وفَهْم كيفية تحكُّم تطور نظام الصرف تحت الجليدي في حركة الجليد أثناء موسم الذوبان الصيفي، عندما ينتج ذوبان الثلج والجليد ماءً عند سطح الصفيحة الجليدية. يبرهن الباحثون على أن الاختلافات في ضغط المياه بالقنوات تحت الجليدية تتحكم في الأنساق اليومية لحركة الجليد، أثناء الجزء الأخير من موسم الذوبان، لكن تباطؤًا في تدفق الجليد على مدى أطول يعتمد على انخفاض ضغوط المياه في مناطق بعيدة عن القنوات.
دقَّقت دراسات في أنظمة الأنهار الجليدية الجبلية1,3,5، وحديثًا في جرينلاند6، وحقَّقت في كيفية تطور نظام الصرف تحت الجليدي على مر موسم الذوبان، وكيف يؤثر هذا التطور في حركة الجليد. في بداية موسم الذوبان، تتدفق المياه الذائبة بالنهر الجليدي، أو على سطح الصفيحة الجليدية قبل تصريفها إلى داخل الجليد من خلال الشقوق الجليدية، أو الطواحين الثلجية، وهي بمثابة أنابيب عمودية طبيعية كبيرة، يمكنها توجيه هذه المياه الذائبة بسرعة إلى مهاد النهر الجليدي أو الصفيحة الجليدية7 (شكل 1). هذه المياه الأولية الذائبة، عند بلوغها مهاد النهر الجليدي أو الصفيحة الجليدية، تلقى نظام صرف تحت جليدي غير قادر على نقل المياه الذائبة بيسر على طول السطح ما بين المهاد والجليد. ونتيجة لذلك.. يزداد ضغط المياه بنظام الصرف تحت الجليدي؛ ما يخفض الاحتكاك عن السطح ما بين المهاد والجليد، في حين يتسارع الجليد. في الواقع، يساعد الماء المضغوط على طفو جزئي للجليد فوقه، ما يمكِّنه من الانزلاق منحدرًا بسهولة أكثر. ومع ذلك.. وحيث إن حجم المياه السطحية الذائبة من الجليد، السالكة إلى مهاد النهر الجليدي، يزداد بارتفاع درجات حرارة الصيف، فإن المياه المتدفقة عبر المهاد تبدأ في إنشاء قنوات تحت جليدية أكثر فاعلية من الناحية الهيدرولكية8,9، وذلك من خلال الجليد الذائب عند السطح ما بين المهاد والجليد. هذه القنوات تمكِّن المياه من أن تنصرف إلى خارج النهر الجليدي بفاعلية، وبالتالي تقلل ضغط المياه تحت الجليدية، ومن ثم فإن النهر الجليدي يتباطأ، نتيجةً لتناقص تأثير الطفو.
بمراقبة مناسيب المياه في أنابيب عمودية طبيعية كبيرة، تسلكها المياه الذائبة من ثلوج السطح والجليد إلى قاعدة الصفيحة الجليدية، ظفر أندروز وزملاؤه4 بدليل يبرهن على وجود قنوات تحت جليدية فعالة هيدروليكيًّا، تغذيها مياه السطح الذائبة.
استخدم أندروز وزملاؤه مجموعة أساليب، لتَقَصِّي العلاقة بين ضغط الماء عند قاعدة الصفيحة الجليدية وحركة الجليد؛ ليفهموا أكثر الكيفية التي تؤثر بها الهيدرولوجيا في ديناميات الغطاء الجليدي في جرينلاند، إذ قاموا بعمل حَفْر عميق، باستخدام "حفار" مياه ساخنة، لنحو 600 متر من الجليد إلى مهاد الصفيحة الجليدية، وأدخلوا مستشعِرات للضغط في هذا الحفر العميق، لقياس ضغط المياه تحت الجليدية عند قواعدها، بينما راقبوا حركة الجليد عند السطح باستخدام بيانات نظام تحديد المواقع العالمي GPS. كذلك أنزلوا مستشعِرات ضغط في طواحين ثلجية واقعة على بُعد بين 0.3 و1.6 كيلومتر من الحفر العميق؛ لقياس التذبذب في منسوب المياه، وبالتالي الضغط في الطواحين المثلجية.
رصد أندروز وآخرون فروقًا منهجية بين قياسات ضغط الماء في الطواحين الثلجية، والحفر العميق، مستنتجين أن الطواحين الثلجية كانت متصلة عبر عنصر قنواتي فعال من نظام الصرف، بينما رصد الحَفْر العميق نظامًا هيدروليكيًّا غير فعال، غير متصل بالقنوات. كان التباين في ضغط الماء بالطواحين الثلجية (وبالتالي القنوات) متلازمًا على نحو إيجابي مع الأنساق اليومية لحركة الجليد، في حين كانت ضغوط المياه في الحفر العميق غير متلازمة. وعلى ذلك.. فإن اختلافات ضغط المياه في القنوات تحت الجليدية قادرة على التأثير على الاحتكاك عند السطح بين الجليد والمهاد فوق مساحة كبيرة من المهاد بدرجة كافية لتمكين الصفيحة الجليدية من أن تسرع وتبطئ على مقياس زمن نهاري. ومع ذلك.. فأثناء النصف الأخير من موسم الذوبان، تقل حركة الجليد تدريجيًّا، لكن متوسط منسوب الطواحين الثلجية (وبالتالي ضغط القنوات) ظل ثابتًا نسبيًّا. وعلى النقيض.. قلَّ ضغط الماء في الحفر العميق، ما ينطوي على أن البطء الموسمي طويل الأمد كان مدفوعًا بتغيرات في نظام الصرف تحت الجليدي غير المتصل، بعيدًا عن القنوات تحت الجليدية الكبيرة. وتعني هذه النتائج أنه كي نفهم السلوك الحركي الدينامي للصفيحة الجليدية، من الضروري أن نعي العمليات الجارية في مناطق بعيدة عن القنوات تحت الجليدية، كما في القنوات نفسها.
تعزِّز نتائج أندروز ورفاقه عديدًا من ملاحظات مفصلة سابقة من حفر يتعلق بأنظمة أنهار جليدية جبلية12-1,3,10 ما يشير إلى تشابه العمليات الحاكمة للتفاعل بين الهيدرولوجيا وديناميات صفيحة جليدية، وأنظمة أنهار جليدية ذات وديان صغيرة. توضح ملاحظات الباحثين أيضًا مدى صعوبة الحفر مباشرة في مناطق متأثرة باختلافات الضغط في القنوات تحت الجليدية، لأن هذه المناطق تغطي جزءًا صغيرًا من مهاد النهر الجليدي، بالمقارنة بانتشار وتوزيع نظام الصرف المحيط3,8.
تظل ثمة شكوك معتبرة بشأن العمليات الرابطة للهيدرولوجيا وديناميات الغطاء الجليدي في جرينلاند. فالمسافة التي تمتد إليها القنوات تحت الجليدية الفعالة في الصفيحة الجليدية أثناء موسم الذوبان تظل غير واضحة، والاختبارات التي تَستخدم المتتبعات الاصطناعية لتتبُّع السرعة التي تسري بها المياه من الطواحين الثلجية إلى حافة الصفيحة الجليدية تشير إلى قنوات فعالة تمتد إلى عشرات الكيلومترات على الأقل في الصفيحة الجليدية9، لكن أتمتد مثل هذه القنوات لأكثر من هذا في مناخ يحترّ في ظل ذوبان سطحي مدعوم؟ وبالإضافة إلى هذا.. فمن غير الواضح ما إذا كانت هذه الملاحظات قابلة للتحويل إلى مثالج مياه المد المتحركة بسرعة (وهي أنهار من الجليد تتحرك بسرعة 1-10 كيلومترات في السنة، ومسؤولة عن فَقْد نحو نصف كتلة الجليد من جرينلاند خلال انفصال جبال جليد كبرى إلى المحيط)13، أم لا. إن بِنْيَة أنظمة الصرف تحت الجليدية هذه، لا سيما عندما تتدفق الأنهار الجليدية أسرع عند اقترابها من المحيط، غير معروفة، لكنها ـ على الأرجح ـ ذات أهمية في استدامة الضغوط العالية للمياه تحت الجليدية التي تمكِّن الجليد من الانزلاق سريعًا هكذا. ومع ذلك.. فمن خلال مزيد من الدراسات، مثل تلك التي أجراها أندروز وزملاؤه، فإن هذه التعقيدات للنظام الهيدروليكي، الكامنة تحت الجليد السميك من الغطاء الجليدي في جرينلاند، ستنحلّ.
Affiliations
-
School of GeoSciences, University of Edinburgh, Edinburgh EH8 9XP, UK
References
- Iken, A. & Bindschadler, R. J. Glaciol. 32, 101–119 (1986).
- Alley, R. B. et al. J. Geophys. Res. 92, 8921–8929 (1987).
- Fountain, A. G. & Walder, J. S. J. Rev. Geophys. 36, 299–328 (1998).
- Andrews, L. C. et al. Nature 514, 80–83 (2014).
- Mair, D. et al. J. Geophys. Res. Solid Earth 107, B8, 2175 (2002).
- Bartholomew, I. et al. Nature Geosci. 3, 408–411 (2010).
- Catania, G. A. & Neumann, T. A. Geophys. Res. Lett. 37, L02501 (2010).
- Nienow, P. et al. Earth Surf. Process. 23, 825–843 (1998).
- Chandler, D. et al. Nature Geosci. 6, 195–198 (2013).
- Gordon, S. et al. Hydrol. Process. 12, 105–133 (1998).
- Hubbard, B. et al. J. Glaciol. 41, 572–583 (1995).
- Murray, T. & Clarke, G. K. C. J. Geophys. Res. Solid Earth 100, 10231–10245 (1995).
- Joughin, I. et al. Science 338, 1172–1176 (2012).