أنباء وآراء

علوم الأرض: إشارات تحذير من زلزال إيكيكي

وقع زلزال قبالة شيلي في عام 2014، في منطقة كان يُتوقع فيها حدث زلزاليّ كبير. تكشِف دراستان أنه قد سبقت هذه الواقعة شهورٌ من الهزّات النذيرة، والانزلاق البطيء على صدع حدود الصفائح ذات الصلة.

  • Published online:

أكثر سؤال يطرح على باحث في الزلازل هو "متى يكون الزلزال الكبير التالي؟" والإجابة تكون باختصار "لا نعرف". وثمة دليل على أن الإجابة قد تكون أكثر دقة، على الأقل في بضع حالات. في العدد الصادر في 21 من شهر أغسطس الماضي، نُشِرَت بدورية Nature الدولية دراستان1,2، عن زلزال (شدته 8.2) وقع في إيكيكي بشمال شيلي في أول إبريل من عام 2014، تشيران إلى مجموعة من القياسات الجيوفيزيائية، التي جُمعت في السنوات الأخيرة، وبيَّنت احتمالًا كبيرًا لوقوع زلزال، وبخطر ازداد على مدى قصير في المنطقة.

كانت واقعة إيكيكي بمثابة زلزال اندساسي –وقع على الصدع الذي تدسّر صفيحة نازكا المحيطية نفسها بامتداده نحو الغرب تحت قارة أمريكا الجنوبية، بمعدل متوسطه 7 سنتيمترات في السنة. وآخِر زلزال كبير وقع بهذا الجزء على حدود الصفائح كان في عام 1877، عندما مزَّق حدث أكبر بكثير (زلزل شدته 8.6–8.8) 500 كيلومتر من صدع الدسر الاندساسي نفسه. تُظهِر قياسات3,4 لتحرُّف سطح الأرض، مأخوذة عن طريق نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، أن أكثر الصدع الذي انفلق عام 1877 في اقتران تام حاليًا (معشوق، ومن ثم فهو يراكِم الإجهاد، ويسد النقص في الانزلاق الذي سينعتق في زلزال مستقبلي؛ شكل 1). هذا الجزء من حدود الصفائح كان معروفًا إذن على أنه فجوة زلزالية، وهي منطقة من صدع نشط تبدو كما لو أن زلزالًا كبيرًا أو أكثر تأخر عنها.

 يبيِّن الرسم التخطيطي صفيحة نازكا وهي تندسر باتجاه الشرق تحت أمريكا الجنوبية. تشير ألوان عناصر الصدع المستطيل إلى درجة الاقتران المستنتَجة من إزاحات السطح التي قاستها الأقمار الاصطناعية في شمال شيلي. قيمة الاقتران 1 (أحمر) تعني أن الصدع معشوق تمامًا، ويراكِم النقص في الانزلاق حتى الزلزال التالي. قيمة الاقتران المنخفضة تشير إلى أن صدع حدود الصفائح ينزلق بغير زلزال. النجوم السوداء تُظهِر الامتداد التقريبي لرجفة الزلزال الكبير (شدته 8.2، النجمة الكبرى)، وكبرى هزاته الارتدادية (شدتها 7.6، النجمة الصغرى). النجوم الزرقاء تشير إلى منطقة نشاط الهزات النذيرة قرب بؤرة رجفة الزلزال الكبير في أَشْهُر ما قبل الانفلاق. تطرح ورقتان بحثيتان1،2 أن البيانات الجيوفيزيائية التي جُمعت في السنوات الأخيرة أشارت إلى احتمال كبير لوقوع زلزال، وبخطر ازداد على مدى قصير. (شكل معدَّل من المرجع 4)

كبر الصورة


وقع زلزال إيكيكي ضمن هذه الفجوة الزلزالية، ولكنه لم يكن كبيرًا بما فيه الكفاية لرَدْمها. قَيّد كلٌّ من هايز وزملاؤه1، وشُر وزملاؤه2 نماذج انزلاق الزلزال باستخدام بيانات زلزالية من محطات محلية وعالمية، مع قياسات جيوديسية لتحرُّف السطح. وقد ذكرا أن انزلاقًا يصل إلى 5 أمتار وقع في منطقة تمتد من بؤرة الزلزال في الشمال إلى الساحل الشيلي في الجنوب الشرقي. بعد يومين، وسعت هزة ارتدادية قدرها 7.6 نطاق الانفلاق إلى الجنوب؛ ليصل طوله الإجمالي إلى نحو 200 كم.

من الجدير بالذكر أن مدة استمرت لثلاثة أشهر على الأقل، انتشرت خلالها الهزات النذيرة نحو البؤرة النهائية للهزة الكبرى5، أي أن هذا الزلزال الكبير بدلًا من أن يضرِب فجأة دون علامات تحذير، كان مسبوقًا بسلسلة رائعة من الهزات النذيرة التي يمكن فهمها، إذا تأمّلناها، على أنها جزء من عملية تفكيك بطيئة تؤدي في النهاية إلى تصدع زلزالي وتطلقه. وقعت الهزات النذيرة في منطقة كانت معروفة من قبل3,4 على أنها أقل اقترانًا، ينزلق فيها الصدع ببطء دونما إحداث زلزال (شكل 1). ويبدو أن الهزات النذيرة، المصحوبة بانزلاق زلزالي بطئ في هذه المنطقة المعشوقة جزئيًّا، حرَّكت في نهاية المطاف تصدعًا زلزاليًّا، كسر الجزء المعشوق تمامًا إلى الجنوب الشرقي.

لا تزال هناك أسئلة تنبغي الإجابة عليها، تتصل بتسلسل الأحداث التي أدت إلى وقوع زلزال إيكيكي. وجد شَر وزملاؤه أن الإزاحة الكلية للسطح، التي أنتجتها نماذج الهزات المفهرسة في النصف الثاني من مارس 2014، تماثل تلك المرصودة بواسطة الـGPS. ويشير هذا إلى أن القليل من الانزلاق الصدعي غير الزلزالي ـ إنْ وُجِد أصلًا ـ يرتبط بهذا النشاط. وفي المقابل، فإن تحليلًا6 مستقلًا لبيانات GPS يوحي بأن انزلاقًا بطيئًا غير زلزالي في منطقة الهزات النذيرة تَجاوَز كثيرًا الانزلاق المرتبط بالهزات النذيرة وحدها. ويأتي دليلٌ إضافي5 على زحف صدعي كبير غير زلزالي من رصد لزلازل صغيرة جدًّا، متكرِّرة على نحو متطابق بين الهزات النذيرة على صدع الحدود بين الصفائح. تبقى أيضًا أسئلة حول ما إذا كان التحرُّف داخل الصخور العلوية للقشرة الأرضية قد أسهم في النشاط التمهيدي، بالإضافة إلى الانزلاق على دسر الاندساس، أم لا. وكبرى الهزات النذيرة (شدتها 6.7)، وبعض الأحداث العديدة الأصغر التي وقعت فيما يبدو في قشرة أمريكا الجنوبية1,2 تشير إلى تسلسل معقَّد من الأحداث؛ أدَّى إلى رجفة الزلزال الأكبر.

أكثر الزلازل الكبرى على صدوع حدود الصفائح يسبقها نشاط نذير في أسابيع ما قبل الحدث الكبير7. إذَن، أكان ينبغي على الباحثين أن يتوقعوا زلزال إيكيكي، ويقدموا بعض التحذيرات وقتما تكشَّفت الهزات النذيرة في أوائل 2014؟ لا تسمح هذه السياقات بتنبؤ أكيد بالزلازل، لأنه لا يوجد نمط مقبول ومتسق من النشاط قبل زلزال كبير وشيك. بالفعل، لا نزال نجهل كيفية إدراك الهزات النذيرة على هذا النحو عند وقوعها. ومع ذلك.. يبدو أن حشودًا من الأحداث المرافقة لانزلاق بطيء عابر قرب أجزاء معشوقة من الصدع، كما حدث بجلاء قبل زلزال إيكيكي، هي أكثر رجحانًا عن أغلب زلازل الخلفية لأنْ تكون هزات نذيرة لرجفة زلزال كبير8.

يحاجج هايز وزملاؤه بأنه إذا استطعنا تمييز توالي كل من الانزلاق البطيء، والانزلاق الزلزالي على حدود الصفائح، من بيانات جيوفيزيائية عالية الجودة؛ فيمكننا أيضًا نمذجة تعاظم الإجهاد المعتمد على الوقت في الأجزاء المعشوقة من الصدع، وبالتالي تقدير الزيادة في احتمال وقوع زلزال بشكل رسمي. على سبيل المثال.. ارتبطت الحسابات التي أجريت9 على التغيرات في الإجهاد، والزيادة ذات الصلة في احتمال وقوع زلزال كبير، بفورة زلازل صغيرة، واقترنت بانزلاق بطيء لجزء معشوق في صدع هايوارد في كاليفورنيا في عامي 2011 و2012. في هذه الحالة، فإن الزيادة في خطر زلزالي على المدى القصير، من الجزء الذي كان آخر انفلاق له في عام 1868، كانت صغيرة. هذه النمذجة للتحرُّف المعتمد على الزمن، والإجهاد، والخطر، ربما تشكل قاعدة تنبؤ زلازل جاهزة للعمل، ومعتمِدة على الوقت10، ومن ثم تنظيم الرسالة الكامنة فيما يُحتمل حدوثه بمثل هذا النشاط المنذِر.

لم يكن ممكنًا لنا معرفة الكثير عن الأحداث التي أدّت إلى زلزال إيكيكي، لو لم يتم نشر التجهيزات الجيوديسية والزلزالية الحديثة في المنطقة. ومع ذلك.. ونظرًا إلى أن الكثير من النشاط وقع بعيدًا عن الشاطئ تمامًا، بالقرب من خندق منطقة الاندساس، فإن توزيع المحطات البرية هو دون المستوى الأمثل. من المهم تجويد الرصد الجيوديسي والزلزالي وتحسينهما، وأن يشمل هذا تجهيزات بعيدة عن الشاطئ بقاع البحر11، بحيث يمكننا أن نفهم ـ على نحو أفضل ـ النشاط المتكشف لصدع واقع على حدود الصفائح، الذي يسبق بعض الزلازل الكبرى.

تشير مقارنة النماذج التفصيلية عن انزلاق الصدع في أثناء سياق إيكيكي1,2,6، بامتداد الأجزاء المعشوقة تمامًا من دسر الاندساس3,4 بشكل مثير للقلق إلى أن جزءًا صغيرًا فقط من الفجوة الزلزالية انفلق. وكما استنتجت الدراسات الحالية.. فالزلزال الكبير لم يأت بعد.

  1. Department of Earth & Planetary Science, University of California, Berkeley, Berkeley California 94720-4767, USA

    • رونالد بورجمان
  1. Hayes, G. P. et al. Nature 512, 295–298 (2014).
  2. Schurr, B. et al. Nature 512, 299–302 (2014).
  3. Métois, M. et al. Geophys. J. Int. 194, 1283–1294 (2013).
  4. Béjar-Pizarro, M. et al. Nature Geosci. 6, 462–467 (2013).
  5. Kato, A. & Nakagawa, S. Geophys. Res. Lett. http://dx.doi.org/10.1002/2014GL061138 (2014).
  6. Ruiz, S. et al. Science http://dx.doi.org/10.1126/science.1256074 (2014).
  7. Bouchon, M., Durand, V., Marsan, D., Karabulut, H. & Schmittbuhl, J. Nature Geosci. 6, 299–302 (2013).
  8. Brodsky, E. E. & Lay, T. Science 344, 700–702 (2014).
  9. Shirzaei, M., Taira, T. & Bürgmann, R. Earth Planet. Sci. Lett. 371–372, 59–66 (2013).
  10. Jordan, T. H. & Jones, L. M. Seismol. Res. Lett. 81, 571–574 (2010).
  11. Bürgmann, R. & Chadwell, C. D. Annu. Rev. Earth Planet. Sci. 42, 509–534 (2014).