أخبار

مُستشعِـر للرماد البركاني يحلِّـق عاليـًا

سوف يحلِّق باحثون بطائرة نفاثة نحو سحابة اصطناعية عملاقة من الجسيمات؛ لاختبار سلامة جهاز جديد.

ألكزاندرا ويتزا
  • Published online:

<p>في عام 2010، أجبر ثورانُ بركان «ايافيالايوكل» الطائرات ذات المحركات النفاثة غير الحصينة من الرماد البركاني على الهبوط.</p>

في عام 2010، أجبر ثورانُ بركان «ايافيالايوكل» الطائرات ذات المحركات النفاثة غير الحصينة من الرماد البركاني على الهبوط.

Kjartan Thorbjornsson / Morgunbladid / Polaris / eyevine


قرر فريد براتا يوم 28 أكتوبر الماضي، إذا كان كل شيء هادئًا والجو صافيًا قبالة الساحل الغربي لفرنسا، محاكاةَ ما يشبه كارثة طبيعية. فقد خطَّط براتا ـ عالِم الغلاف الجوي في نيكارنيكا للطيران في شيلير بالنرويج ـ لأكبر اختبار ميداني حتى الآن لجهاز يُعدّ لمساعدة الطائرات على النجاة إذا صادفت رمادًا بركانيًّا قريبًا، ويمكنه أن ينصهر في درجات الحرارة العالية من المحركات النفاثة، ويشكل طبقة زجاجية تُضيق من تدفق الهواء. وبدلًا من بركان ثائر حقيقي، كان لدى براتا وفريقه طن رماد، انبعث من بركان «ايافيالايوكل» «Eyjafjallajökull» الأيسلندي. وبدلًا من صناعة الطيران في أوروبا، فإن لديهم طائرة نفاثة، سوف تطير نحو سحابة اصطناعية من هذا الرماد. والقصد من ذلك اختبار كاميرا الأشعة تحت الحمراء، التي تنبه الطيارين إلى أن هناك جسيمات بركانية تعترض مسار الطائرة.

منذ عشرين سنة، حين طور براتا المستشعر للمرة الأولى، وهو يحاول وضعه على الطائرات النفاثة (A. J. Prata et al. Nature 354, 25; 1991)، لم يحرز سوى نجاح متواضع. كان هذا حتى ثوران بركان عام 2010، الذي دفع الرماد إلى مجال أوروبا الجوي، وحرم الطائرات من الإقلاع لمدة أسبوع، حفز هذا خطوط النقل الجوي «إيزي جت» ومصنع طائرات «إيرباص» على استثمار جهوده في نيكارنيكا، وهو فرع عن المعهد النرويجي لبحوث الجو. هذا الاختبار قد يكون خطوة كبيرة نحو وضع المستشعر على الطائرات التجارية في جميع أنحاء العالم .

يسلط العملُ الضوءَ على حجم ما تعلَّمه العلماء عن الرماد البركاني، منذ أرغم بركان «ايافيالايوكل» أوروبا على الركوع. إن ثوران البركان الأيسلندي «جمع تخصصات مختلفة معًا بطريقة لم نعهدها من قبل» كما يقول لوجلين سو، رئيس شعبة علم البراكين بهيئة المساحة الجيولوجية البريطانية في أدنبرة، بالمملكة المتحدة. «كان هذا شيئًا عظيمًا حقًّا»، فما تعلمه هؤلاء الباحثون أدّى إلى وَضْع المشرِّعين الأوروبيين لإرشادات جديدة حول الكم المقبول من الرماد الذي يمكن للطائرات الطيران خلاله. وقد تحسن فهم العلماء حول الكيفية التي يتأثر بها انتشار الرماد على مسافات طويلة بفعل عوامل، مثل أنماط الطقس .

يستخدم مستشعر براتا، المسمى «كاشف الجسم البركاني المحمول جوا» «Airborne Volcanic Object Imaging Detector» (AVOID)، كاميرات أشعة تحت الحمراء للكشف عن جزيئات السيليكات في الرماد البركاني. في عام 2011، طار المستشعر بنجاح لاختبارات منخفضة الارتفاع اختبرت بركاني «إتنا» و«سترومبولي» الإيطاليَّين. أما هذه التجربة الجديدة، فستكون أكبر سحابة رماد اصطناعية على الإطلاق فوق خليج بسكاي، في المجال الجوي الذي تسيطر عليه العسكرية الفرنسية. (هناك موقع احتياطي على ساحل البحر الأبيض المتوسط في فرنسا في حالة سوء الأحوال الجوية).

كبر الصورة


سوف تطير طائرة نقل بضائع من طراز إيرباص A400M في دوامة محكمة، لذر رماد من 50 برميلًا، وبينما هي تَصَّعَّد محلقةً من 3000 متر إلى 4000 متر (انظر: «بطانة فضية»). تحلق طائرة ثانية من طراز إيرباص A340 للنقل التجاري، تحمل مستشعرًا «كاشف الجسم البركاني المحمول جوًّا»، قريبًا من السحابة على ارتفاعات شتى، لأخذ القياسات. كما أن طائرة مروحية ذات أربعة مقاعد من جامعة دوسلدورف للعلوم التطبيقية في ألمانيا سوف تقيس الخصائص الضوئية من داخل السحابة. وبدون محرك نفاث، لن تكون هذه الطائرة معرضة لخطر عطب المحرك أو تعطله؛ فلقد طارت من قبل في أعمدة رماد كثيفة فوق براكين نشطة، كما يقول كورادين فيبير، قائد فريق دوسلدورف .

وفي أشدّ حالة لها، من المرجح أن تكون السحابة الاصطناعية محتوية على ما لا يزيد عن 1 ملليجرام من الرماد لكل متر مكعب، كما يقول براتا. وهذا يجعلها دون

النهاية الصغرى من مستوى تلوث الهواء الذي تسمح به اللوائح الأوروبية المنظمة، المعتمد بعد بركان «ايافيالايوكل». ويعتبر أي شيء أقل من 0.2 ملليجرام آمنًا للطيران، وما بين 0.2 و2 ملِّيجرام، يوجب على الطيار أن

يكون منتبهًا لمخاطر الرماد؛ بينما بين 2 و4 ملِّيجرام،

يتوجب على الطيار إجراء تقييم خاص للخطر؛ أما ما فوق 4، فينبغي على جميع رحلات الطيران أن تهبط إلى الأرض.

وليس من الواضح ما إذا كانت سحابة الرماد الاصطناعية سوف تكون مرئية للعين البشرية، أم لا، على الرغم من أن العلماء على متن طائرة الأبحاث الألمانية رصدوا بقعة رماد بركان «ايافيالايوكل» عام 2010، وكانت بتركيزات تقل عن 0.2 ملِّيجرام من الرماد لكل متر مكعب (U. Schumann et al. Atmos. Chem. Phys. 11, 2245–2279; 2011). من المرجح أن تتبدد السحابة الاصطناعية في غضون 6-12 ساعات، وتسقط بلا أضرار فوق المحيط، كما يقول براتا. تتكلف التجربة نحو نصف مليون يورو (680.000 دولار أمريكي)، لذا.. يقول: «أمامنا فرصة واحدة». سوف يعرف الباحثون كمية الرماد التي أطلقوها، وهندستها الدقيقة، ومن ثم فإن التجربة سوف تمنح أفضل اختبار يمكن تقديمه لمستشعر «كاشف الجسم البركاني المحمول جوا» حتى الآن، لكن تظل هناك العديد من العقبات أمام النظام قبل إمكان استخدامه تجاريًّا، بما في ذلك ضرورة إدماجه في قمرة القيادة، وجعله مناسبًا للإنتاج. يقول براتا: «ليس واضحًا ماذا سنفعل لاحقًا». يقع القرار في الغالب على إيرباص، يتعين عليها أن تقرر ما إذا كانت تريد تطوير التقنية أكثر، أم لا. يأمل براتا أن يستخدم المستشعر يومًا ما على الطائرات التي تحلق في المناطق النشطة بركانيًّا من إندونيسيا إلى تشيلي، أو ألاسكا .

وبالعودة إلى حيث بدأ كل شيء، ثمة مبادرة « تحسين رصد البراكين الأيسلندية» FUTUREVOLC. فبقيادة جامعة أيسلندا في ريكافيك، والمكتب الأيسلندي للأرصاد الجوية، يحشد الباحثون شبكات من المعدات والتجهيزات تشمل محطات زلزالية، وكاميرات، ومجسات غاز. يقول فريشتاين سيجموندسون، عالم الأرض في جامعة أيسلندا، والمنسق المشارك في المشروع: «نعمل على جميع الجوانب، من نشوء الصهارة داخل القشرة، إلى الكيفية التي ترتقي بها في شكل أعمدة، وطريقة توزيعها».

حتى براتا مشارك في «مبادرة تحسين رصد البراكين الأيسلندية».. فهو يخطط لنشر ثلاث من كاميرات الأشعة تحت الحمراء من نيكارنيكا على أرض الواقع في أيسلندا. إنها سوف تقيس سرعة وارتفاع أعمدة الرماد، وهي في طريقها لإثارة الاضطراب في المجال الجوي في مكان ما.