أخبار
انطلاق خطـة الكربـون في الكونغو
جمهورية الكونغو الديمقراطية ترسم خريطة للكتلة الحيوية للغابات؛ لقياس أرصدة الكربون.
- Nature (2013)
- doi:10.1038/502151a
- English article
- Published online:
بعد الإقلاع في الأسبوع الثاني من شهر أكتوبر الماضي من غابة كينشاسا الحضرية العشوائية، وجَّه العلماء طائرة ذات محركين فوق الغابة الحقيقية. بوجود ليزر صغير على متن الطائرة، بدأوا باجتياح الغابات المطيرة الشاسعة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، محفزين الفوتونات من فوق الأوراق والأغصان. الهدف هو قياس ـ وربما حفظ ـ الكربون المنحبس في الغابات المطيرة التي تغطي ثلثي البلاد.
سوف تعزز البيانات أيضًا فهم العلماء لدور الغابات الاستوائية في تنظيم المناخ العالمي. يقول ساسان ساتشي، عالِم استشعار عن بعد في مختبر الدفع النفاث التابع لناسا في باسادينا، كاليفورنيا، الذي يقود تحليل بيانات المشروع: «نحن نعرف القليل جدًّا عن المناطق المدارية. وإذا عرفت هذه الدول كيفية رصد غاباتها كميًّا؛ سوف تساعدنا في حل المشكلة.»
هذه الرحلات هي جزء من مشروع ممتد لمدة عامين بتكلفة 6 مليون يورو (8 ملايين دولار أمريكي)، مموَّل من ألمانيا، لمكافحة إزالة هذا النوع من الغابات الاستوائية الذي يُعتبر اليوم مسؤولًا عما يصل إلى %15 من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم. ولعدة سنوات، ناقشت الحكومات معاهدة، من شأنها أن تسمح للدول المتقدمة التعويض عن انبعاثاتها من غازات الاحتباس الحراري من خلال مساعدة البلدان الاستوائية للحفاظ على غاباتها. تعطلت المفاوضات، لكن الدول الغنية كانت قد رصدت عدة مليارات من الدولارات للبدء في المخطط .
وجمهورية الكونغو الديمقراطية هي واحدة من عدة بلدان استوائية تأمل جذب بعض تلك الأموال، لكن أولًا، يجب رسم خريطة للكتلة الحيوية عبر 155 مليون هكتار مذهلة ـ أكبر غابة استوائية في بلد واحد خارج البرازيل ـ وبعد ذلك تأسيس نظام لرصد إزالة الغابات من الفضاء. يقول أوريلي شابيرو، الرئيس التقني للمشروع مع منظمة «التمويل العالمي من أجل الطبيعة» WWF بألمانيا، وهي جماعة بيئية تقوم بإدارة المشروع مع جمهورية الكونغو الديمقراطية: «البلد ضخمة جدًّا، لديها الكثير من الغابات، وهي فقيرة جدًّا». ويضيف: «إذا استطاعت جمهورية الكونغو الديمقراطية أن تحقق ذلك، فمن الممكن أن يستطيع آخرون».
وللمساعدة، توجهت منظمة «التمويل العالمي من أجل الطبيعة» في ألمانيا إلى ساتشي، الذي قام بالفعل برسم خريطة للكربون في المناطق الاستوائية حول العالم، ولكن بدقة منخفضة نسبيًّا هي 1 كيلو متر. وتشير حساباته إلى أن غابات جمهورية الكونغو الديمقراطية تحوي 22-24 مليار طن من الكربون، ما يعادل أكثر من ضعف غازات الدفيئة المنبعثة العام الماضي. لكن القياسات تحتاج إلى أن تكون أكثر دقة، كما يقول، لأن الكتلة الحيوية يمكن أن تتباين بنسبة تصل إلى %50 بين أجزاء الغابة. مع خريطة بدقة 100 متر، ستكون جمهورية الكونغو الديمقراطية قادرة بشكل أفضل على حساب الانبعاثات التي ستنتج عن إزالة قسم من الغابة. هذه، بدورها، ستكون معلومة أساسية للشركات أو الحكومات التي تسعى لتعويض انبعاثاتها من خلال حماية أراضي جمهورية الكونغو الديمقراطية.
سيبدأ المشروع مع بيانات الليزر التي تم جمعها بواسطة الطائرات المحلقة خارج كينشاسا (انظر: «ورقة بورقة»)، ثم سيقوم الفريق بالعمل خارجًا من مطارات أكثر بعدًا، ليست إلا عدة ممرات صغيرة أكثر من موحلة في الغابة. الخطة تهدف إلى أخذ عينات في أكثر من 200 موقع، تم اختيارها لالتقاط أنواع مختلفة من الغابات، مع تجنب مناطق الصراع في البلد الذي مزقته الحرب. إنها مهمة شاقة احتاجت أكثر من عامين من التخطيط. يقول ساتشي: «علينا أن نحمل وقودنا معنا»، ويضيف: «لدينا مناطق محدودة، هي التي يكون فيها الهبوط آمنًا».
والقياسات الجوية سوف تغطي نصف مليون هكتار فقط، ولكن يمكن استقراؤها للغابة بأكملها من خلال المعايرة مع البيانات الأرضية وصور الأقمار الصناعية. تتم أولًا مطابقة البيانات مع قياسات محيط الشجرة والارتفاع في عدة مئات من النقاط الأرضية؛ الطريقة الكلاسيكية لحساب الكتلة الحيوية للغابات. ثم يتم استخدام تقديرات الكتلة الحيوية لمعايرة الصور من مركبة «لاندسات» الفضائية التابعة لناسا، وبيانات الرادار من القمر الصناعي الياباني المتطور لرصد الأرض، لإعطاء قياس للكربون لكافة الـ155 مليون هكتار من الغابة.
«لدينا مناطق محدودة، هي التي يكون فيها الهبوط آمنًا».
إنّ جمهورية الكونغو الديمقراطية ليست البلد الوحيد الذي يسعى لقياس الغابات على نطاق واسع. والجابون، في حوض الكونغو الغربي، تخطط لترسيم غاباتها باستخدام التقنية نفسها. وخلال السنوات القليلة الماضية قامت بيرو بترسيم الكربون في الجزء الخاص بها من الأمازون (انظر: Nature 461,1048–1052; 2009). وقد قامت البرازيل بعمل تقييمات أقل تفصيلًا لكربون الغابات، لكن نظامها لرصد إزالة الغابات هو الأكثر تقدمًا في العالم. يساعد حاليًا العلماء مع معهد البلاد الوطني لبحوث الفضاء في ساو جوزيه دوس كامبوس جمهورية الكونغو الديمقراطية لإقامة نظام مماثل، استنادًا إلى بيانات «اللاندسات» المتاحة بحرية، لتعقب إزالة الغابات، وفي النهاية.. للتحقق من التخفيضات في مثل هذه المفقودات، وبيع موازِنات الكربون.
يعمل ماثيو هانسين ـ عالِم استشعار عن بعد في جامعة ماريلاند في كوليدج بارك ـ مع راسمي الغابات في كينشاسا، ويقول إن مشروع جمهورية الكونغو الديمقراطية يواجه عقبات. فالكثير من إزالة الغابات ـ الذي يتم من قِبَل سكان المناطق الحضرية، بحثًا عن الخشب والفحم النباتي، ومن قبل مزارعين يفرغون مساحات صغيرة من الأرض ـ يتم على نطاق صغير، ويصعب أن يُرى عبر القمر الصناعي. كما تعقِّد الغيوم الثابتة أيضًا هذا النوع من الرصد الذي تصدرته البرازيل.
إنّ إزالة الغابات على نطاق واسع ـ التي سيكون من الأسهل رصدها ـ لم تبدأ حتى الآن في حوض الكونغو. ويرجع ذلك جزئيًّا إلى عدم الاستقرار السياسي، لكن هانسن يخشى أن يتغير هذا إذا ازدادت الاستثمارات في المشاريع الزراعية، مثل زراعات نخيل الزيت». وإذا حدث ذلك في أي وقت، «يمكنك ملاحظة بعض التغيرات الهائلة».