أخبار
جامعات تكافح لِجَعْل براءات الاختـراع مالًا
تدفع تخمة الملكيات الفكرية غير المرخَّصة تجاريًّا مؤسسات الأبحاث إلى مشاركات غير ملائمة.
- Nature (2013)
- doi:10.1038/501471a
- English article
- Published online:
سطح جرى تصويره بطريقة سُجِّلت كبراءة اختراع رَخّص معهد تكنولوجيا كاليفورنيا استخدامها لشركة «إنتلِّكتشوال فِنشرز». Nathan Litke, Adi Levin, Peter Schröder/Computer Aided Geometric Design/Elsevier
لم تكن براءة الاختراع الأمريكية رقم 7,023,435 لتظهر إلى الوجود تقريبًا. فقد رُفِض طلب تسجيلها كطريقة لتصوير سطح، أربع مرات من قبل مكتب براءات الاختراع والعلامات التجارية الأمريكي، لكن معهد تكنولوجيا كاليفورنيا (Caltech) في باسادينا ـ الذي تقدَّم بطلب التسجيل ـ ناضل لأجله؛ وفاز به في عام 2005.
هذا.. ولكن ثقة معهد تكنولوجيا كاليفورنيا ببراءة اختراعه ـ التي نالها بصعوبة ـ لم تلق ما يضاهيها لدى الصناعة. فبعد ثلاث سنوات من تسجيلها، لم يطلب أحد ترخيص حقوق استخدام الاختراع. لذا.. قام المعهد في 2008 بترخيص استخدامها ـ مع 50 براءة اختراع أخرى ـ حصريًّا لشركة فرعية تابعة لشركة المشروعات الفكرية «إنتِلِّكتشوال فِنشَرز» Intellectual Ventures، وهي شركة تحتفظ بحوالي 40 ألف براءة اختراع، تحصل منها على 3 مليارات دولار كعوائد ترخيص. تستعمل الشركة الحائزة براءات الاختراع أحيانًا لمقاضاة شركات أخرى تنتهك حقوق الملكية الفكرية، لكنها نادرًا ما تطوِّر الاختراعات الموصوفة في براءات الاختراع كمنتجات.
تُعَدُّ كينونات توكيد حقوق براءات الاختراع ـ وتسمَّى أحيانًا مجمِّعات أو محوِّلات القيمة إلى مال، أو «المتصيِّدين لبراءات الاختراع» ـ بيوتًا مريبة بالنسبة لاختراعات الجامعات، لكن في مسعى لإخراج الأبحاث من البرج العاجي وجني المال، أصبحت مكاتب نقل التقنية بالجامعات أقل تدقيقًا في اختيار شركائها.
تقول روبن فِلدمان، مدير معهد قانون الابتكار بكلية هيستنج للقانون بجامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو: «بينما تكافح الجامعات لإيجاد مصادر دخل مالية، نخشى أن تصبح عمليات تحويل القيمة إلى مال شديدة الإغراء». وتُضيف قائلة إن هناك إشارات على أن ذلك يحصل فعلًا. ففي السنة الماضي، نشرت فلدمان أدلة على أن 45 جامعة في العالم باعت أو رخَّصت استخدام براءات اختراع لشركات وهمية تتبع إنتِلِّكتشوال فِنتشَرز (T. Ewing and R. Feldman Stanford Technol. Law Rev. 1; 2012).
وتستاء شركة «إنتِلِّكتشوال فِنشَرز» ـ ومقرها الرئيس في بيلفيو بولاية واشنطن ـ من تعبير «المتصيِّدين لبراءات الاختراع». فالمسؤول العالمي للتكنولوجيا بالشركة، باتريك إنّيس، يُشير إلى دورها في إطلاق ثلاث شركات مبتدئة، وصفقات عقدتها مع معهد تكنولوجيا كاليفورنيا وجامعات أخرى؛ بغية تمويل أبحاث لقاء امتلاكها براءات الاختراع الناجمة عن تلك الأبحاث، كدليل على أنشطة الشركة التجارية.
وغالبًا ما تقول الجامعات إن الهدف من ترخيص استخدام براءات الاختراع للشركات هو تحفيز الاقتصاد بترجمة البحث المموَّل من المواطنين إلى شركات ومنتجات. أما الغرض غير المعلن، فهو جني مال لتمويل أبحاث أكثر، وتمويل مكتب نقل التقنية نفسه، حسب قول مِلبا كورمان، المسؤولة السابقة بمكتب نقل التقنية بجامعة كورنيل في إثاكا، نيويورك، التي تعمل كاستشارية حاليًا. هذا.. وقد تتعارض الأهداف أحيانًا. تقول كورمان: «إذا كان الهدف هو تحويل استثمار براءة الاختراع إلى مال، فمن المعقول بيعها بالمزاد لمن يدفع أكثر. وعندما تغطي براءة الاختراع أبحاثًا موَّلها دافع الضرائب، فذلك ليس حلًّا مقبولًا».
والعثور على راغب في الشراء، من حيث المبدأ، يمكن أن يمثِّل ضربة موفقة لدى مسؤولي مكاتب نقل التقنية، الذين هم غالبًا مُثقَلون ببراءات اختراع أمامها سنوات لتصبح تطبيقات عملية. ويقدِّر معاون مدير مكتب نقل التكنولوجيا بجامعة ديلاوير في نيُوَارك، جوي جوسوامي، أن %5 فقط من براءات الاختراع بمعظم الجامعات يرخص استخدامها. أما البقية، حسب قول جوسوامي، فتمثِّل إهدارًا لموارد المكتب، بسبب نفقات حفظها ورسومها القانونية.
وفي اجتماع لجمعية مديري تكنولوجيا الجامعات مؤخرًا ببوسطن، ماساتشوستس، قاد جوسوامي نقاشًا عن كيفية التخلص من عبء %95 من البراءات التي بقيت دون ترخيص لاستخدامها. وأحد الخيارات التي طُرحت استخدام بيت سمسرة أو مزادات، تَخَصُّصه تجارة الملكية الفكرية. وهذا حل خلافي، تخشى بعض الجامعات الاقتراب منه. تقول كلي سكستون، رئيسة مكتب نقل التقنية بجامعة نورث كارولينا في رالي، الذي يُرخِّص استخدام %15 ـ وهي نسبة عالية نسبيًّا ـ من براءات الاختراع بحوزته: «عندما تذهب لبيع براءة اختراع، تفقد الجامعة أي قدرة على ضمان أن البيع يجري وفقًا للمصلحة العامة العليا».
«في النهاية، كان المال هو العامل الحاسم»
أمّا توماس ميجور، نائب رئيس شركة IPOfferings ـ وهي شركة سمسرة براءات اختراع في بوكاراتون بفلوريدا ـ فلا يفهم سبب التردُّد. فقد قضى تسع سنوات في إدارة الملكية الفكرية بجامعة يوتا بسولت ليك سيتي، ويرى أن الجامعات ستكون متهوِّرة بتجاهلها بيوت السمسرة والمزادات. يقول ميجور: «عندما كنت بجامعة يوتا، بِعْت براءات الاختراع تلك بسرعة».
يقول ميجور أيضًا إن شركته تناولت نحو 20 براءة اختراع من الجامعات خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وهذا يُكافئ نحو %7 من أعمال الشركة الإجمالية. أما جيمس مالاكوسكي، المسؤول التنفيذي لشركة «أوشين تومو» بشيكاجو، إلينوي، وهي شركة مشهورة بمزايدات براءات الاختراع العلنية، فيقول إن الجامعات تأتيه بشكل متزايد، وتمثِّل نحو %20 من أعماله. يقول ميجور ومالاكوسكي إن شركتيهما تستطيعان وضع قيود على مَنْ يشتري براءة اختراع، أو يُرخِّص استخدامها حَصريًّا. ومع ذلك.. يقول ميجور إن جامعة واحدة على الأقل من عملائه تخَّلت عن تلك القيود، بعد أن عرفت مقدار المبلغ الذي كان مُجمِّعُ براءات اختراع مستعدًا لدفعه. «في النهاية، كان المال هو العامل الحاسم».
مثل هذه القرارات تنتهك روح مذكرة 2007 التي أقرَّتها أكثر من 100 مؤسسة. تتضمن المذكّرة إرشادًا بخصوص ترخيص الاستخدام الأخلاقي لبراءات الاختراع، وتذكر مخاطر التعامل مع مجمِّعي براءات الاختراع. ومع ذلك.. كان بين الموقِّعين عليها معهد تكنولوجيا كاليفورنيا، وثلاث جامعات أخرى قامت بترخيص استخدام براءات اختراع لشركة «إنتلّكتشوال فنشرز»، وحسبما ورد في بحث فِلدمان: جامعة ديوك في درهام بنورث كارولاينا، وجامعة فلوريدا في جينزڤيل، وجامعة أوتاوا بكندا. ورفضت تلك الجامعات التعليق على صفقات براءات الاختراع.
أمّا بيتر شرويدر، عالم الرياضيات بمعهد تكنولوجيا كاليفورنيا، وأحد المخترعين الثلاثة المسجلين في براءة الاختراع رقم 7,023,435، فلم يزعجه الأمر كثيرًا، لكنه يقول إنه كان سينزعج لو أن شركة «إنتلّكتشوال فنشرز» استعملت براءة اختراعه لابتزاز شركات أخرى، لكنه لم يسمع أن ذلك قد وقع حتى الآن. ويقول: «إنها لا تسبب لي متاعب».