أخبار
اصطدام الحَفْر بمشكلات الميزانية
التمويل الأمريكي لسفينة الأبحاث غير مؤكد مع إعادة تنظيم برنامج دولي.
- Nature (2013)
- doi:10.1038/501469a
- English article
- Published online:
IODP-USIO
سفينة الأبحاث الأمريكية جويديس ريزوليوشن في رحلة استكشافية بخليج ألاسكا.
يمثل وصول سفينة الأبحاث الأمريكية «جويديس ريزوليوشن» JOIDES Resolution مؤخرًا إلى بوسان، بكوريا الجنوبية، معلمًا مهمًّا في الحفر العلمي. ففي 30 سبتمبر، توقف وجود برنامج حفر المحيطات المتكامل (IODP)، وهو الإطار الذي نظم استخراج النوى الجيولوجية من قاع البحر خلال العقد الماضي. وفي اليوم التالي، وُلد البرنامج مجددًا لعقد آخر باسمٍ جديد، ومخطط عمل جديد، لكن بالمشكلة القديمة نفسها: كيف سيكون تمويل ما يُعتبر التعاونَ البحثي الدولي الأكثر نجاحًا من أي وقت مضى.
إنّ مستقبل جويديس ريزوليوشن تحديدًا مشكوك فيه، مما يشكل مصدر ذعر الجيولوجيين المعتمدين على خدماتها. فخلال العقد الماضي، كانت السفينة هي العمود الفقري للحفر العلمي للمحيط، إذ نفذت 34 بعثة تحت مظلة برنامج حفر المحيطات المتكامل. وعلى النقيض، السفن التي تديرها بلاد أخرى نفذت 18 بعثة فقط (انظر: «تراجع الحفر»).
وشعبة علوم المحيطات بمؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية (NSF) ـ التي تمول جويديس ريزوليوشن من مقرها بأرلنجتون، فيرجينيا ـ دخلت عاصفة تامة من الالتزامات المالية.. فارتفاع تكاليف المنشآت الجديدة، مقترنًا بتخفيضات في الميزانية بنسبة مئوية ذات خانتين في برامج العلوم الأساسية خلال العامين الماضيين، أدى بالمؤسسة إلى النظر في خفض الأموال المتاحة للسفينة.
Source: IODP-USIO
وأثارت الشائعات حول التغيير الوشيك صخبًا بين الجيولوجيين الأمريكيين؛ فأرسلوا سيلًا من الرسائل إلى مؤسسة العلوم الوطنية؛ لإلقاء الضوء على أبحاث قيمة أجريت بحفر المحيط ـ كطريقة وحيدة للوصول إلى سجلات جيولوجية مستمرة، عمرها أقدم من مليون سنة. والمتعاونون الدوليون ـ كالبرازيل والصين ـ الذين يجلبون المال إلى خزائن مؤسسة العلوم الوطنية كرسوم عضوية من المحتمل الآن أنْ يقضوا وقتًا أقل في استكشاف البحر.
وقد أشار ديفيد كونوفر ـ رئيس شعبة علوم المحيطات بمؤسسة العلوم الوطنية ـ إلى أن برامج أخرى في شعبته تعاني أيضًا. يقول كونوفر: «يتمنى الجميع لو أن لدينا مزيدًا من المال لمنحه». وتُوُقِّع في هذا الشهر ظهور خيارات أمام مجلس العلوم الوطني حول سبل تشغيل جويديس ريزوليوشن بعد انتهاء عقدها مع مؤسسة العلوم الوطنية في سبتمبر 2014. فالمجلس سيصوت للسماح بمستوى من التمويل وفق مقدار الأبحاث التي تستطيع السفينة عمله. وتتكلف السفينة حاليًا حوالي 65 مليون دولار سنويًّا لإجراء 4 بعثات تقريبًا.
قادت الولايات المتحدة مجال حفر المحيط العلمي منذ 1968، واليوم تشترك 26 دولة بعدة سفن استكشافية تحت مظلة برنامج حفر المحيط المتكامل. والسفينة الرئيسة الأخرى للبرنامج هي اليابانية «شيكيو» Chikyu، بقيمة 540 مليون دولار، وبتقنية «رايز» التي تسمح لها بالحفر أعمق بكثير مما تستطيع جويديس ريزوليوشن.
حفر العلماء على متن «شيكيو» الصدع الذي سبب الهزة الأرضية المهلكة في 2011 قرب توهوكو، اليابان، واستكشفوا صدعًا خطيرًا أقرب لطوكيو، لسبر ميكانيكا هذه المخاطر القاتلة، لكن «شيكيو» ـ مثل جويديس ريزوليوشن ـ واجهت تكاليف تشغيل أعلى من المتوقع؛ إذ تقضي السفينة حوالي 5 أشهر سنويًّا في أعمال العلوم، وبقيه وقتها في أعمال صناعية، معظمها للمساعدة في تغطية التكاليف. وخلال ورشة عمل بإبريل في طوكيو، وضع علماء «شيكيو» قائمة رغبات طموحة لمشروعاتهم، من استكشاف فترة جافة قديمة بالمتوسط إلى الحفر في الحدود بين قشرة الأرض ووشاحها، مما سيملأ بسهولة جدول عمل 12 شهرًا سنويًّا، إذا استطاعت الحكومة اليابانية تحمل تكاليفها.
والأجزاء الأخرى من جهود برنامج حفر المحيط المتكامل يديرها اتحاد الحفر الأوروبي لأبحاث المحيطات، التي تُشَغِّل منصات «خاصة بالبعثات»، بالتعاقد مع سفن تضاهي طبيعة كل بعثة. وقد تدافعت المجموعة لإيجاد المال لتشغيل بعثة واحدة سنويًّا، وتملك حاليًا سفينة تحفر في بحر البلطيق؛ لاستكشاف دورات الجليد السابقة.
وقد تم تعديل هذه الترتيبات طويلة الأمد. وخلال تدشين «البرنامج الدولي لاستكشاف المحيط»، الذي أعيد تنظيمه، ستمول الولايات المتحدة واليابان وأوروبا منصاتها الخاصة مباشرة، بدلًا من دمج التمويل في موازنة مركزية تبلغ 200 مليون دولار. وبعد سنوات من التقارب، جلب المسؤولون الأمريكيون أيضًا شركاء كالبرازيل والصين، حيث تدفع كل منهما 3 ملايين دولار سنويًّا لبرنامج الولايات المتحدة. وعقد الكثيرون الأمل على أنّ تدفق الأموال الدولية قد يتيح لجويديس ريزوليوشن أن تبحر لاستكشافات أكثر سنويًّا، لكن مشكلات موازنة مؤسسة العلوم الوطنية جعلت ذلك يبدو غير مرجح. فقبل سنوات، أنفقت الوكالة 115 مليون دولار على إعادة تجهيز السفينة جويديس ريزوليوشن، لكنها أمضت فقط 7 ـ 8 أشهر سنويًّا منذئذ في العلوم. «إذا كانت تستطيع الاستمرار بذلك المستوى، أعتقد أن المجتمع سيشاهد الكأس نصف ممتلئة، وليست نصف فارغة»، حسب قول كير بيكر، جيولوجي البحار بجامعة ميامي بفلوريدا، ورئيس المجموعة الجديدة التي ستنسق الأنشطة بين الولايات المتحدة واليابان وأوروبا.
يقول مايك كوفين، جيولوجي البحار بجامعة تَسمانيا في هوبارت، بأستراليا: «إذا تعثرت الولايات المتحدة، فكل هذه الدول الأخرى ستُترك مُعَلَّقَة». ويضيف: «الجميع مهتمون جدًّا بما تفعله الولايات المتحدة». (طرحت أستراليا عرضًا لمدة خمس سنوات لمواصلة المشاركة في البرنامج).
نحّى كونوفر الشائعات حول تخلي الولايات المتحدة عن الحفر العلمي، وقال: «نحن لا ننهي البرنامج»، لكنه يضيف أن شعبة علوم المحيطات بمؤسسة العلوم الوطنية تستطيع فقط العمل بمواردها القصوى حتى الآن. فميزانيتها لهذا العام 343 مليون دولار تقريبًا، أي تقل 9 ملايين دولار عن السنة السابقة. وتقليص الميزانية إلى جانب الاقتطاعات الأخرى خفَّض تمويل العلوم الأساسية بنحو %12 خلال عامين. وفي الوقت نفسه، فإن جويديس ريزوليوشن ذات الخمسة وثلاثين عامًا لديها فقط ما تبقى من حياتها. يقول برادفورد كليمنت، الذي يشرف على الخدمات العلمية للسفينة بجامعة تكساس A&M بكوليج ستيشن: «يستيقظ المجتمع ليرى أننا لا نملك هذه الأداة إلى الأبد. هناك إحساس بمطلب مُلِحّ هنا».