أخبار
انطـلاق الوقـود الأخضـر
وقودا الدفع الجديد يوفِّران للأقمار الاصطناعية كفاءةً أعلى وسُمِّيَّة أقل من الهيدرازين السائل.
- Nature (2013)
- doi:10.1038/500509a
- English article
- Published online:
أطلق في عام 2010 القمر الاصطناعي السويدي «بريزما» PRISMA الذي يختبر بديلًا أقل ضررًا من الهيدرازين السام. SSC
يبدو كالنبيذ الأبيض، ورائحته كمنظف الزجاج، وله قوة كافية لتحريك قمر اصطناعي. إنه «وقود دفع أخضر» سويدي الصنع، وبسرعة شديدة يصبح وقودًا فعّالًا في تمكين مركبة من المناورة في المدار. يقدم هذا الوقود ـ بالإضافة إلى وقود دفع أمريكي الصنع ـ بديلًا جذابًا للهيدرازين، المركب الكيميائي السُّمِّيّ المسيطر على هذا الركن من صناعات الفضاء لعقود.
يدفع وقود الدفع السويدي حاليًا قمرًا اصطناعيًّا في الفضاء، وقد يُستخدم في كوكبة من الأقمار الاصطناعية التجارية الصغيرة لتصوير الأرض. وسوف يأخذ الوقودُ الأمريكي موقعَ الصدارة في بعثة اختبار تنطلق في عام 2015 بواسطة «ناسا».
يوفر نوعا الوقود الأخضر كفاءة أعلى وسُميّة أقل، وتناولهما أسهل من الهيدرازين، أي يمكن تحميلهما في المركبة الفضائية بشكل أسرع وأرخص، لأن عمال منصة الإطلاق لن يضطروا لارتداء سترات حماية ثقيلة تغطي الجسم كاملًا. هذا الوقود الدافع «ليس معنى كونه أخضر أنه صديق للبيئة تمامًا، لكنه أسهل كثيرًا في التناول»، حسب قول جيمس روذر، نائب المدير المعاون لإدارة بعثات تكنولوجيا الفضاء بوكالة «ناسا».
ربما لن يحل الوقود الأخضر محل الهيدرازين تمامًا، حيث يمثل الهيدرازين العمود الفقري لأقمار اصطناعية بحثية كثيرة وبعثات بين الكواكب. ولن يحل أيضًا محل الوقود القوي المستخدم عادةً لإطلاق الصواريخ، لكنّ نوعي الوقود الجديدين، أحدهما يتحمل درجات حرارة أكثر انخفاضًا؛ ستتيح تصميمات أقل تكلفة وأكثر مرونة للبعثات الفضائية.
يُستخدم الهيدرازين (N2H4) في تزويد محركات الصواريخ بالطاقة منذ الحرب العالمية الثانية. ومعروف عنه أنه لا يميل إلى الاحتراق كالنفط؛ بل هناك محفز يُستخدم لإطلاق تفكيك الهيدرازين إلى نشادر ونيتروجين وهيدروجين، وهي عملية تطلق الطاقة الكيميائية. يُثمَّن هذا الوقود لكونه سائل مستقرًّا يمكنه أن يوفر دفعًا دقيق التوجيه لتعديلات مداريّة صغيرة.
يتسبب الهيدرازين في مشكلات صحية عديدة إذا استُنشِق أو لُمِس. ويصنِّف البرنامجُ القومي الأمريكي لعلم السموم الهيدرازين كمادة مسرطنة مُحتمَلة للبشر. وعندما تفكَّك المكوك الفضائي «كولومبيا» في الجو أثناء عودته في 2003؛ ناثرًا حطامه فوق تكساس، ولويزيانا، وولايات جنوبية أخرى؛ حذرت «ناسا» المواطنين من الاقتراب من الحطام أو لمسه، بسبب مخاطر التعرض للهيدرازين.
في 1995، قام مجلس الفضاء الوطني في السويد بتمويل العمل؛ لاستكشاف بدائل بأداء وكفاءة الهيدرازين على الأقل، لكنها أسهل في التعامل. يقول ماثياس بيرسون رئيس «إيكابس» (ECAPS) ـ شركة قرب ستكهولم، طوَّرت الوقود السويدي الأخضر ـ إنّ وقود دفع أقل ثقلًا من الهيدرازين سيساعد في توفير الوقت والمال عند منصات الإطلاق».
يقوم الوقود السويدي المسمى LMP-103S على الأمونيوم داينِتراميد، وهو ملح عالي الطاقة. استُخدم هذا الوقود لأول مرة في 2010 على متن «بريزما» (PRISMA)، وهو قمر اصطناعي سويدي، أُطلق لإظهار أداء الوقود في الطيران دقيق التوجيه بدافعات (محركات) صغيرة. استخدمت البعثة الهيدرازين أيضًا بهدف المقارنة. واستغرق تحميل الوقود الأخضر على منصة الإطلاق 7 أيام باستخدام 3 أشخاص، و14 يومًا لتحميل الهيدرازين بـ5 أشخاص.
تسعى «إيكابس» الآن لموافقة عامة من وكالة الفضاء الأوروبية على وقود الدفع. وتقوم وكالة الفضاء الفرنسية بدراسة الوقود؛ لاستخدامه في خط جديد من الأقمار الاصطناعية الصغيرة، وستبدأ شركة «سكايبوكس» للتصوير بماونتن فيو، كاليفورنيا، في استخدام الوقود عند إطلاق كوكبتها الثالثة المكونة من 24 مركبة لتصوير الأرض في 2015. يقول جوني داير، كبير المهندسين بشركة سكايبوكس: «نؤمن حقًا بأن هذا سيكون المستقبل، خاصةً بالنسبة إلى المركبات الفضائية الصغيرة».
والوقود الأخضر ليس فقط أسهل تناولًا؛ بل يقدم أيضًا أداءً أفضل لكل كيلوجرام من وقود الدفع، مقارنةً بالهيدرازين (انظر: «الوقود المصمَّم»). وذلك يعني إجراء مناورات أكثر باستخدام خزان وقود واحد. في الحقيقة، ظهر وقود الدفع الأخضر الأمريكي عندما تصادم برنامجان لأبحاث القوات الجوية: أحدهما يدرس جيل تقنيات الدفع القادم، والآخر يدرس المواد كثيفة الطاقة.
كانت النتيجة AF-M315E، سائل بلون سمك السلمون من تخليق توم هوكِنز، الكيميائي بمختبر أبحاث القوات الجوية بقاعدة «إدواردز» للقوات الجوية بكاليفورنيا. يقوم الوقود على نترات الأمونيوم هيدروكسيل، وهو أكفأ قليلًا من الوقود السويدي. يقول كريستوفر ماكلين، مدير برنامج بمؤسسة بول للفضاء والتكنولوجيا ببولدر، كولورادو: «ما يثير حماستي هو الجزء الخاص بالأداء».
وتُعِدّ مؤسسة «بول» حاليًا لبعثة ضخ وقود الدفع الأخضر تتبع ناسا، وهي مركبة فضائية تكلفتها 45 مليون دولار، يُتوقع إطلاقها في 2015 حاملة 14 كيلوجرامًا تقريبًا من وقود القوات الجوية. وستحرقه محركات المركبة الخمسة في عمليات مختلفة خلال أشهر، اختبارًا لموثوقية ودقة دفع المحركات.
وإذا نجح ذلك؛ فسيتيح وقود الدفع الأخضر للبعثات المستقبلية الباهظة أن تنطلق الآن، حسب ماكلين. ويخضع الوقود الأمريكي لعملية التحول الزجاجي عند 80 درجة مئوية تحت الصفر، ويمكن إعادة تسخينه دون تغير خواصه. وذلك يجعله أنسب من الهيدرازين لبعثات الأماكن فائقة البرودة ـ كسطح مذنب أو كاب قطبي مريخي ـ نظرًا إلى أن الهيدرازين ينبغي حفظه فوق درجة تجمده دائمًا؛ مما يهدر الطاقة.
لن يُزاح الهيدرازين بين ليلة وضحاها. فهناك ميراث طويل من الخزانات والدافعات القائمة حول هذا المُرَكَّب الكيميائي، وقد اعتاد مهندسو المركبات الفضائية استخدام هذه الأجزاء. يقول هوكنز: «إن وقود الدفع الجديد سيكون عليه إظهار إمكاناته التشغيلية وأداءہ بمرور الوقت».
ويقول كييل أنفلو، كبير مهندسي «إيكابس»: «إنّ التغيير قادم. نحن فقط في البداية».