تحقيق إخباري
عالم المواد الاصطناعية العجيبة
هناك هياكل مهندَسة بخصائص بصرية عجيبة على وشك الانتقال من المختبرات إلى الأسواق.
- Nature (2013)
- doi:10.1038/500138a
- English article
- Published online:
REF. 3
سيكون توم دريسكول سعيدًا إذا لم يسمع عبارة «عباءة إخفاء على طريقة هاري بوتر» مرة أخرى، لكنه يعرف أنه سيسمعها. فلا يبدو أن وسائل الإعلام تستطيع مقاومة استخدام المصطلح عند نشرها لأحدث التطورات في المواد الاصطناعية العجيبة التي تتألف من أنساق عناصر متناهية الصغر، تقوم بثني وتشتيت ونقل أو تشكيل الإشعاع الكهرومغناطيسي بطرق لا تستطيعها المواد الطبيعية. صحيح أن المواد الاصطناعية يمكنها مبدئيًّا تعديل مسار الضوء حول الأشياء؛ لجعلها غير مرئية، بشكل لا يختلف عن عباءة إخفاء ساحر أسطوري. ويحاول كثير من الباحثين بالمواد الاصطناعية جَعْل حَجْب الرؤية حقيقة واقعة، لأسباب ليس أقلها التمويل العسكري الشغوف بتطوير تلك القدرات.
وإذا قُدِّر لتلك التطبيقات أن ترى النور؛ فسيكون ذلك بعد عقود من الآن. إنّ التقنيات الأقرب للاستغلال التجاري أكثر أهمية لدى دريسكول، وهو فيزيائي يشرف على التسويق التجاري للمواد الاصطناعية بشركة المشروعات الفكرية Intellectual Ventures، وهي تجمع براءات الاختراع في بيليفيو، واشنطن. إن تطبيقات كاتصالات الأقمار الاصطناعية الأرخص، والهواتف الذكية الأرق سمكًا، والمعالجة الضوئية فائقة السرعة للبيانات، هي مجالات «تستعد المواد الاصطناعية لإحراز تأثير ضخم فيها»، حسب قول دريسكول.
ويضيف دريسكول قائلًا إن الباحثين لا يزالون يواجهون تحديات مثبطة، خاصةً في إيجاد طرق رخيصة لتصنيع ومعالجة عناصر المواد الاصطناعية نانومترية المستوى. ويُتوقع أن تُطرح أولى منتجات المواد الاصطناعية في الأسواق خلال عام تقريبًا. ويتوقع دريسكول أنه لن يمضي وقت طويل بعد ذلك قبل أن يبدأ المستهلكون العاديون جني الثمار، كخدمات إنترنت أسرع وأرخص على متن الطائرات، وهواتف محمولة، مثلًا. وحسب قول دريسكول.. ستنتقل تلك التطبيقات من كونها مادة لخيالات الناس «لتصبح أشياء لا يتصورون العيش بدونها».
وقد أُعلن عن أول عرض لمواد اصطناعية بالمختبر في عام 2000 بواسطة الفيزيائي ديفيد سميث وزملائه بجامعة كاليفورنيا، في سان دييجو1. وتابع الباحثون بحوثًا نظرية، أجراها في التسعينيات جون پندري بكلية إمبريال كوليدج، جامعة لندن. وأظهروا أن نسقًا من الأسلاك والحلقات النحاسية الدقيقة له معامل انكسار سالب لموجات الميكروويف، مما يعني أن أشعة الميكروويف الساقطة على هذه المادة تنحرف في اتجاه معاكس للاتجاه المشاهَد عادةً في حالة المواد الطبيعية (انظر: «هندسة الموجات»). أطلق ذلك اهتمامًا كثيفًا بالمواد الاصطناعية، ويعود ذلك جزئيًّا إلى أن القدرة على ثني الإشعاع بهذه الطريقة تتضمن إمكانية صنع عباءات الإخفاء.
ومنذ ذلك الحين، استكشف سميث وغيره تنويعات لفكرة المواد الاصطناعية، بحثًا عن التلاعب بالإشعاع بطرق لا علاقة لها بمعامل الانكسار السالب. كما أنهم تجاوزوا أيضًا الأنساق الساكنة، وابتكروا تقنيات لتغيير طريقة ترتيب العناصر، وكيفية تشكُّلها، وكيفية استجابتها للإشعاع. وبِوِسْع المواد الناتجة عن ذلك القيام بأشياء.. كالتحول من معتمة إلى شفافة، أو من اللون الأحمر إلى الأزرق.. كل ذلك بمجرد الضغط على زر.
المحرِّكون للسوق
في يناير، تولّى سميث ـ الآن بجامعة ديوك في دُرْهام، نورث كارولاينا ـ مهمة موازية؛ مديرًا لجهود تسويق المواد الاصطناعية تجاريًّا بشركة «المشروعات الفكرية» Intellectual Ventures. يقول سميث: «شعرت أن الوقت قد حان، وأننا لا نحتاج بحثًا علميًّا أكثر حول بعض تلك الأمور».
Jasiek Krzysztofiak/Nature
هناك حالة اختبار قد تأتي مبكرًا بحلول العام المقبل. وتأمل شركة كايميتا Kymeta في ريدموند، واشنطن ـ إحدى الشركات المنبثقة عن شركة «المشروعات الفكرية» ـ في تسويق هوائي (أنتينا) مدمج، سيكون أحد أول المنتجات الموجَّهة للمستهلك بمواد اصطناعية. سينقل الجهاز ـ منخفض الكلفة نسبيًّا ـ اتصالات الأقمار الاصطناعية عريضة النطاق من الطائرات وإليها، وكذلك من القطارات، والسفن، والسيارات، وأي منصة أخرى مطلوب تشغيلها بمواقع بعيدة عن شبكات المحمول، وإليها.
في قلب الهوائي ـ الذي تُعَدّ تفاصيله سرية ـ هناك لوحة دارات إلكترونية مسطحة تضم آلافًا من عناصر المواد الاصطناعية الإلكترونية، ويمكن تغيير خصائص كل منها لحظيًّا بواسطة برمجيات الجهاز الداخلية. يتيح ذلك للهوائي تتبُّع قمر اصطناعي عبر السماء، دون حاجة إلى الحفاظ على تموضع محدد نحوه، كما يفعل طبق الهوائي القياسي، بل يبقى الهوائي الجديد ثابتًا، بينما تضبِط البرمجياتُ ـ بشكل متواصل ـ الخواص الكهربية لكل عنصر من المواد الاصطناعية منفردًا. وعندما يُفعَل هذا بشكل صحيح، ستعزز الموجات المنبعثة من عناصر المواد الاصطناعية بعضها، وتنتشر نحو السماء باتجاه القمر الاصطناعي فقط؛ بينما تلغي الموجات المنبعثة في أي اتجاه آخر بعضها؛ فلا تنتقل. وفي الوقت نفسه ـ وللسبب نفسه ـ سيلتقط الهوائيُّ بسهولة الإشارات القادمة من القمر الاصطناعي.
يقول سميث إن هوائيات هذه التقنية مدمَجة أكثر من بدائل أخرى، كهوائيات الأطباق. إنها تقدم «توفيرًا كبيرًا من حيث التكلفة والوزن واستهلاك الطاقة». وقد قدمت شركة «كايميتا» بالفعل عروضًا عملية لهذه التقنية للمستثمرين وشركاء التطوير المحتملين، لكن سميث ينبه إلى أنه لا يزال يتعين على الشركة تحديد سعر للهوائي، وينبغي لها تخفيض كلفة الإنتاج، بينما تحافظ على معايير الأداء الصارمة التي تتطلبها الوكالات الحكومية المعنيّة من أي جهاز يتصل بالأقمار الاصطناعية.
أماطت شركة «كايميتا» اللثام عن قليل من تفاصيل الهوائي الجديد، بحيث يقول الباحثون إن من الصعب تقديم أي تقييم، لكن سميث يحظى بتقدير كبير في هذا المجال، فإذا طرحت شركة «كايميتا» المنتَج في السوق، فقد تتيح الهوائي أولًا لاستخدام الطائرات الخاصة وطائرات الركاب. وإذا استجاب المشترون جيدًا، تأمل الشركة في تضمين التقنية الجديدة في خطوط إنتاج أخرى، كوحدات الاتصال المحمولة الموفرة للطاقة بالأقمار الاصطناعية لاستخدام عمال الإنقاذ، أو الباحثين في الميدان.
في يناير، ذُهلت عقولٌ عندما أعلنت مجموعة سميث عن عرض جهاز آخر بالمواد الاصطناعية: كاميرا يمكنها إنتاج صور أشعة ميكروويف مضغوطة بدون عدسة، أو أي أجزاء متحركة2. قد يكمن أحد التطبيقات المهمة لهذه الكاميرا الجديدة في خفض تكلفة وتعقيد الماسحات الضوئية لأمن المطارات.
في شكلها الحالي، ينبغي لتلك الماسحات الضوئية مسح مجس استشعار ميكروويف فعليًّا فوق وحول الجسم المطلوب فحصه. تنتج عن ذلك كمية بيانات ضخمة جدًّا، يتعين تخزينها قبل معالجتها؛ للحصول على صورة. وعلى نقيض ذلك.. يحتاج الجهاز الذي صممه فريق جامعة ديوك إلى حيز قليل جدًّا لتخزين البيانات. فالجهاز يأخذ لقطات عديدة بإرسال حزم من أشعة الميكروويف بأطوال موجية متعددة عبر الهدف بمعدل عشر مرات في الثانية تقريبًا. وعندما تنعكس موجات الميكروويف على الجسم، فإنها تقع على شريط رقيق من عناصر مواد اصطناعية نحاسية مربعة، يمكن ضبط كل منها، بحيث يمنع أو يتيح مرور هذا الإشعاع المنعكس من خلاله. ويمكن تغيير النمط الناجم للعناصر الشفافة أو المعتمة سريعًا جدًّا، حيث ينقل كل ترتيب لقطة مبسطة للجسم الممسوح إلى مجسّ استشعار مفرد. يقيس مجسّ الاستشعار الشدة الكلية للإشعاع من كل لقطة، ومن ثم يُخرِج تيارًا من الأعداد التي يمكن معالجتها رقميًّا لبناء صورة مضغوطة جدًّا للجسم.
المسلَّم به أن هذه التطبيقات ليست إلا خطوة أولى. فالتطبيقات العملية التي تمت حتى الآن لا تعدو كونها استخدامات مبدئية تقتصر على صور ثنائية الأبعاد لأجسام معدنية بسيطة. والتوسع إلى صور ثلاثية الأبعاد لأجسام معقدة لا يزال تحديًا، لكن إذا أمكن التغلب على هذا التحدي، حسب قول دريسكول؛ فسيكون بوسع المطارات الاستغناء عن أكشاك ضخمة ومكلفة وبطيئة تشكل نقاط التفتيش الأمنية حاليًا، لتستعمل بدلًا منها عددًا أكبر من كاميرات المواد الاصطناعية الرقيقة غير المكلفة، ومتصّلة بالحواسيب. يقول دريسكول إن هذا التحول قد يساعد في مدّ المسح الأمني؛ ليشمل غرف وصالات وممرات المطارات، ومرافق حساسة أخرى.
في هذه الأثناء.. الهدف البحثي الرئيس لسميث ومجموعته هو تطوير أجهزة مواد اصطناعية متينة قابلة للتسويق، ولا تقتصر على الأطوال الموجية للراديو والميكروويف والأشعة تحت الحمراء. أما إذا أمكن تشغيل التقنيات في الضوء المرئي؛ فستصبح أكثر فائدة لتطبيقات عدة، كاتصالات الألياف الضوئية، أو الكاميرات، وشاشات العرض الموجهة للمستهلك.
يحذِّر ستيفان لاروش ـ عضو فريق سميث البحثي بجامعة ديوك ـ قائلًا: «لن يكون ذلك أمرًا سهلًا»، ويشرح أن المواد الاصطناعية يمكنها استخدام خواصها العجيبة فقط إذا كانت العناصرالمكونة لها أصغر حجمًا، والمسافات فيما بينها أقل من الطول الموجي لذلك الإشعاع. يقول لاروش: «لذا.. كلما قصر الطول الموجي الذي نرغب في استخدامه، ينبغي أن تكون عناصر المواد الاصطناعية أصغر».
في نطاقات الميكروويف والراديو من الطيف الكهرومغناطيسي، الأمر سهل نسبيًّا.. فالأطوال الموجيّة تقاس بالسنتيمترات والأمتار، لكن عناصر المواد الاصطناعية البصرية يتعين أن تقاس أقل كثيرًا من الميكرومتر. وذلك ليس مستحيلًا، فالرقائق الإلكترونية عالية الأداء تحتوي اليوم سمات، أبعادها بضع عشرات النانومترات. وبخلاف ذلك.. يقول لاروش إن عناصر المواد الاصطناعية في تطبيقات عديدة تحتاج أن تضم طرقًا تمكِّن البرمجيات من تغيير خواصها ديناميكيًّا حسب الحاجة. ويضيف لاروش قائلاً: «غالبًا ما تكون لدينا أفكار رائعة، لكن لا سبيل لتصنيعها عمليًّا».
عدسة مسطحة
رغم هذه الصعوبات، بدأت تظهر تصاميم عملية للمواد الاصطناعية البصرية. نَشَر أحدها في مارس3 فريق يقوده نيكولاي چيلوديڤ، الفيزيائي بجامعة ساوثامبتُن، بالمملكة المتحدة، ويدير مركزًا للأبحاث حول المواد الاصطناعية بجامعة نانيانج التكنولوجية في سنغافورة. يمكن للجهاز الذي طوره الفريق أن يغير كثيرًا قدرته على نقل أو عكس الأطوال الموجية الضوئية بواسطة عناصر مواد اصطناعية نانومترية القياس منحوتة من رقائق الذهب ومحكومة كهربائيًا. يمكن استخدامها يومًا كمحول لشبكات اتصالات الألياف الضوئية عالية السرعة.
ونظرًا لصعوبة صنع أنساق المواد الاصطناعية ثلاثية الأبعاد بالمستويات البصرية والتحكم بها، يركز باحثون على «الأسطح الاصطناعية» ثنائية الأبعاد. في أغسطس 2012، كشفت مجموعة بقيادة فيديريكو كاپاسّو ـ بجامعة هارفارد بكمبريدج، ماساشوستس ـ عن عدسة مسطحة من المواد الاصطناعية، يمكنها تركيز ضوء الأشعة تحت الحمراء في نقطة بطريقة العدسة الزجاجية نفسها تقريبًا4. يقول كاپاسّو: «لا أريد أن أدَّعِي ابتكارًا مطلقًا»، «لكن أعتقد أننا أول مجموعة بحث وضعت البصريات المسطحة بوضوح على جدول أعمال التطبيقات التجارية».
تعتمد العدسة التقليدية على الانكسار؛ لثني الضوء إلى نقطة بتمريره عبر أسماك متفاوتة للزجاج. تمرِّر عدسة كاپاسّو الضوء عبر نسق ثنائي الأبعاد من عناصر مواد اصطناعية من الذهب، ومنحوتة من رقاقة سيليكون، سمكها 60 نانومترًا، باستخدام طباعة ليثوجرافية بشعاع الإلكترون، تم تطويرها لصناعة الرقائق الدقيقة. إنّ العناصر ثابتة، فلا يمكن ضبطها بعد التصنيع، لكن باختيار حجم معين للعناصر، ومسافات بينيّة معينة أثناء التصنيع، يمكن للفيزيائيين تشكيل ضوء الطول الموجي المختار بالطريقة المطلوبة بالضبط؛ لجعله يتجمع في نقطة.
«تستـعد المـواد الاصطناعيـة لإحـراز تأثيـر ضخـم».
ينبِّه كاپاسو إلى أنّ التطبيقات التجارية لتلك العدسات المسطحة ربما لن تتحقق قبل عقد. يعود ذلك جزئيًّا إلى صلابة وهشاشة السيليكون كركيزة لحفر العناصر؛ ولذا.. ينظر الباحثون في بدائل أكثر قوة ومرونة، تكون أسهل في التناول على خط الإنتاج. ويبحثون أيضًا عن سبل أفضل لضبط نحت العناصر نانوية الحجم، مما ينبغي فعله بدقة عالية.
يقول كاپاسو: «بمجرد إتقان تقنية العدسات المسطحة، سيكون أحد تطبيقاتها الواضحة في كاميرات الهواتف الذكية». فالعدسات مع البطاريات تُعَدّ من أشد المعوقات لتقليل سُمْك الهاتف الذكي، ويتوقع كاپاسو أن يصبح الهاتف الذكي المزود بعدسة تصوير مسطحة «في رقة بطاقة الائتمان». وتتجنب العدسة المسطحة الانحرافات التي تعوق العدسات الزجاجية، كالهوامش الملونة الناجمة عن عدم قدرة العدسة الزجاجية على تركيز جميع الأطوال الموجية في النقطة نفسها. وهذا يعني أن عدسة كاپاسو المسطحة يمكن استخدامها أيضًا لصنع مجاهر أفضل خالية من الانحراف.
ومهما كانت جودة العدسات المسطحة، ستبقى في نهاية المطاف خاضعة لمحدودية الحيود، التي تمنع أي عدسة تقليدية من تحديد تفاصيل أصغر كثيرًا من طول موجة الضوء الذي ينير هدفها. تبلغ هذه المحدودية في المتوسط 200 نانومتر للضوء المرئي، لكن بوسع المواد الاصطناعية توفير وسائل لإنتاج «عدسات فائقة» يمكنها تجاوز تلك المحدودية؛ مما يتيح للباحثين رؤية تفاصيل دون الطول الموجي لأشياء مستهدَفة، كالفيروسات، والبِنَى المتغيرة باستمرار في الخلايا الحية.
يكمن السر في إدراك أن التفاصيل المفقودة لا تزال موجودة، تحمُّلها موجات «مضمحلة» من الضوء المنعكس، تخفت سريعًا جدًّا بازدياد المسافة من الجسم المضاء. وعادةً، تتلاشى تلك الموجات فعليًّا قبل أن يتم التقاطها وتركيزها بعدسة، لكنّ عدسة فائقة مصنوعة من مواد اصطناعية ومصمَّمة لتُوضع في حدود عشرات النانومترات من الجسم سيمكنها التقاط وتضخيم تلك الموجات.
لقد شهد عام 2005 إثباتًا مبكرًا لصحة مفهوم العدسة الفائقة بواسطة فريق يقوده شيانج چانج، الفيزيائي بجامعة كاليفورنيا، بيركلي5. أنتج فريق چانج مادة اصطناعية بسيطة، تتألف من طبقة فضة سُمْكها 35 نانومترًا داخل شطيرة من طبقتين نانويّتين من الكروم والبلاستيك. ومنذ ذلك الحين.. والفريق يعكف على صقل مفهوم العدسة الفائقة؛ ففي عام 2007 دفع الباحثون الفكرة بتطوير «عدسات هايبر» من طبقات منحنية متداخلة من مركبات معينة، كالفضة والألومنيوم والكوارتز6. هذه العدسات لا تلتقط فقط الموجات المضمحلة، لكن يمكنها أيضًا إدخالها لنظام بصري تقليدي. ويمكن أن يسمح ذلك بمشاهدة تفاصيل دون الطول الموجي من خلال العدسة العينية لمجهر عادي، غير أن البنية والسلوك المعقدين لعدسات الهايبر يجعلان من الصعب تصنيعها واستخدامها بهذه الطريقة.
عدسات قابلة للعكس
بالمزاوجة بين البصريات التقليدية وعدسات المواد الاصطناعية الفائقة والهايبر، يطمح چانج للتوصل في نهاية المطاف إلى تطبيقات تتجاوز المجاهر كثيرًا. كما أن تركيبات المواد الاصطناعية يمكنها تكبير تفاصيل دون الطول الموجي ـ ويمكنها أيضًا العمل بالعكس ـ بتوجيه حزم من الضوء إلى بؤر تركيز أقل من الطول الموجي، وهي سمة عظيمة الأهمية لتصنيع البِنَى الدقيقة بواسطة طباعة ليثوجرافية ضوئية. وإذا أمكن تسخير العدسات الفائقة والهايبر لهذا الغرض، فسيمكن استخدام حزم الضوء بالغة الدقة لحفر ملامح أدق كثيرًا من المتاح حاليًا. ويمكن أن يزيد هذا كثيرًا كثافة تخزين البيانات على محركات الأقراص الضوئية، وكذلك عدد المكونات التي يمكن حشوها على رقائق الحاسوب الإلكترونية.
يتوخى سميث الحذر بهذا الخصوص، مشيرًا إلى أن العدسات الفائقة والهايبر تميل إلى تبديد كمية أكبر كثيرًا من طاقة الضوء الذي يمر عبرها من أي تقنيات طباعة ليثوجرافية متقدمة يجري تطويرها حاليًا. ويقول إنّ هذا يجعلها أمثلة واضحة «لفتوحات علمية قوية ودامغة، لكنها ليست عملية لمسار منتج تجاري من أي نوع» في نطاق الأطوال الموجية الضوئية. لكنه يضيف قائلاً إن جهود چانج «تجارب بطولية تُظْهِر إمكانات المواد الاصطناعية بطريقة جوهرية».
ويقرّ چانج بأنّ العدسات الفائقة والهايبر ليست جاهزة لتتصدّر المشهد بعد، لكنْ يعتقد أن هناك مجالًا واسعًا للبحوث الجارية لتغيير ذلك الوضع في السنوات القادمة. يقول چانج: «إن التأثير الاقتصادي يمكن أن يكون ضخمًا». ويضيف: «أنا متفائل بحذر بأنّ المواد الاصطناعية، والعدسات الفائقة، والطباعة الليثوجرافية ستثبت بحق أنها ثوريّة. وإذا لم يكن الناس قصيري النظر جدًّا، فما يمكننا تحقيقه باستخدام المواد الاصطناعية لا حدود له سوى تخيلاتنا»
References
Phys. Rev. Lett. 84, 4184–4187 (2000).
, , , &Science 339, 310–313 (2013).
et al.Nature Nanotechnol. 8, 252–255 (2013).
, &Nano Lett. 12, 4932–4936 (2012).
et al.Science 308, 534–537 (2005).
, , &Science 315, 1686 (2007).
, , , &