تحقيق إخباري

كيف تعيد بناء قلب

لما كان آلاف المرضى يحتاجون عمليات زرع القلب، حاول الباحثون استنبات أعضاء جديدة.

برندان ميهر
  • Published online:

لا تعتبر دوريس تايلور إطلاق لقب الدكتور فرانكنشتاين عليها إهانة لها. تقول تايلور «لقد كان في الواقع أكبر إطراء تلقيته»، وهو تأكيد على أن أبحاثها توسِّع حدود الممكن. ونظرًا إلى طبيعة عملها كمدير لأبحاث الطب التجديدي بمعهد تكساس لطب القلب في هيوستن، ينبغي لتايلور أن تعترف بأنّ المقارنة في محلها. فهي تحصد بانتظام أعضاء المتوفين حديثًا كالقلوب والرئتين، وتعيد هندستها، بدءًا من الخلايا، وتحاول إعادتها الى الحياة، بأمل أن تتمكن من النبض أو التنفس مرة أخرى في أجسام الأحياء.

وتُعتَبر تايلور في طليعة الباحثين الذين يتطلعون إلى هندسة أعضاء جديدة بالكامل، لتمكين عمليات زرع الأعضاء، دون التعرّض لخطر الرفض من قبل النظام المناعي للمتلقي. واستراتيجية هذه الفكرة بسيطة بشكل كاف مبدئيًّا. أولًا، ينبغي إزالة جميع الخلايا من العضو الميّت ـ الذي لا يشترط أن يكون مأخوذًا بالضرورة من إنسان ـ ثم خُذ سقالة البروتين (الهيكلي) الباقية، وأعد تزويدها بخلايا جذعية مطابقة مناعيًّا للمريض المحتاج. لقد أُنجزت العملية! وتوصلنا إلى حلٍّ لمشكلة النقص الحاد في الأعضاء القابلة للزرع بجميع أنحاء العالم.

من ناحية الممارسة العملية، تُحاط هذه العملية بتحدّيات هائلة. لقد جنى الباحثون بعض النجاح باستنبات وزرع أعضاء جوفاء وبسيطة نسبيًّا، كالقصبة الهوائية والمثانة (انظر: go.nature.com/zvuxed)، لكن استنبات الأعضاء المصمتة ـ كالكلى أو الرئتين ـ يعني الحصول على عشرات أنواع الخلايا في مواضعها الملائمة بالضبط، واستنبات شبكات كاملة من الأوعية الدموية في الوقت نفسه؛ لإبقائها على قيد الحياة. ويجب أن تكون الأعضاء الجديدة معقمة، قادرة على النمو، إذا كان المريض صغير السن، وقادرة على إصلاح نفسها، على الأقل اسميًّا. والأهم من ذلك.. يجب أن تتمكن من العمل ـ من الناحية المثالية ـ مدى الحياة. القلب هو ثالث أكثر الأعضاء المطلوبة بعد الكلى والكبد، مع قائمة انتظار يبلغ طولها حوالي 3,500 مريض بالولايات المتحدة وحدها، لكنه يشكل تحديات إضافية للزرع والهندسة الحيوية. ويتعين على القلب أن يخفق باستمرار ليضخّ حوالي 7 آلاف لتر من الدم يوميًّا دون مساعدة. وهو يتألف من حجرات وصمامات مبنيّة من عدة أنواع مختلفة من الخلايا العضلية المتخصصة، تدعى الخلايا العضلية القلبية. والقلوب المتبرَّع بها نادرة، لأنها غالبًا ما تكون تالفة بسبب المرض، أو جهود الإنعاش، ولذلك فإن تأمين إمدادات ثابتة من الأعضاء المهندسة بيولوجيًّا سيكون موضع ترحيب.

كبر الصورة

NIK SPENCER/NATURE

تبدو تايلور ـ التي قادت بعض التجارب الأولى الناجحة لبناء قلوب الفئران1 ـ متفائلة تجاه هذا التحدي النهائي في هندسة الأنسجة. تقول تايلور: «أعتقد أنه أمر قابل للتنفيذ بشكل مرموق»، ثم تضيف بسرعة: «لكنني لا أعتقد أنه بسيط». ويبدو بعض الزملاء أقل تفاؤلًا. يقول باولو ماكياريني ـ جراح الصدر والعالم بمعهد كارولينسكا في ستوكهولم، الذي زرع قصبات مهندسة حيويًّا لعديد من المرضى ـ رغم أن هندسة الأنسجة قد تصبح روتينًا لتبديل البِنَى الأنبوبية، كالقصبات الهوائية والشرايين والمريء، إلا أنه «ليس واثقًا من إمكانية تطبيق هذا الأمر على أعضاء أكثر تعقيدًا».

وهذا الجهد قد يكون مطلوبًا، حتى لو فشل، حسب قول أليخاندرو سوتو جوتييريز ـ باحث وجراح بجامعة بيتسبرج في بنسلفانيا. يقول سوتو جوتييريز: «بالإضافة إلى حلم صنع أعضاء للزرع، هناك أشياء كثيرة يمكن تعلمها من هذه الأنظمة»، بما في ذلك فهم أساسي أفضل للتنظيم الخلوي في القلب، وأفكار جديدة حول كيفية إصلاحه.


الهيكل الداعم

لأكثر من عقد، تَمَكَّنَ علماء الأحياء من تحويل خلايا جذعية جنينية إلى خلايا عضلية قلبية نابضة في طبق المختبر. ومع قليل من تنظيم الوتيرة كهربائيًّا من الخارج، تمكنت هذه الخلايا القلبية المهندَسة من اكتساب إيقاع، وحافظت على ضربات متزامنة لمدة ساعات.

ويتطلب الانتقال من نقط صغيرة مرتعشة في طبق بتري إلى قلب ينبض من الهيكل الداعم (السقالة) تنظيم الخلايا في ثلاثة أبعاد. وقد يتمكن الباحثون في نهاية المطاف من ابتكار مثل هذه البِنَى ثلاثية الأبعاد، كما تبيّن في أوائل هذا العام بإنجاز قصبة هوائية اصطناعية2 (انظر: Nature http://doi.org/m2q; 2013)، لكن البنية المعقّدة للقلب البشري بعيدة المنال في المستقبل المنظور، حتى عن أكثر الآلات تطوّرًا. وهذا الأمر تحديدًا صحيح بالنسبة إلى الشبكات المعقدة من الشعيرات الدموية التي يجب أن تزود القلب بالأُكسجين والمغذيات، وتخلصّه من النفايات من أعماق أنسجته. يقول أنتوني عطا الله، جراح الجهاز البولي بجامعة ويك فورست في ونستون سالم، نورث كارولينا، الذي زرع مثانات مهندَسة حيويًّا للمرضى3، ويعمل الآن على بناء كلى: «الشبكة الوعائية هي التحدي الرئيس»، (انظر: Nature http://doi.org/dw856h; 2006).

وعمومًا، تشمل التقنيات الرائدة المتاحة لمن سيصبحون بناة القلوب إعادة استخدام ما أنتجته البيولوجيا بالفعل. وأحد الأماكن الجيدة لمعرفة كيف يتم ذلك هو مستشفى ماساتشوستس العام في بوسطن، حيث يوضح هَرَلد أوتّ ـ وهو طبيب جراح، وباحث في الطب التجديدي ـ أسلوبًا طوّره عندما تلقى تدريبه تحت إشراف تايلور في منتصف العقد الماضي.

ستجد قلبًا بشريًّا جديدًا معلقًا بأنابيب بلاستيكية في حجرة أسطوانية من الزجاج والبلاستيك. وبالقرب منه سترى المضخة التي تدفع المنظفات بهدوء عبر أنبوب يمر في شريان الأورطى بالقلب. وتدفّق هذه السوائل يفرض على صمام الأورطى الإغلاق، ويرسل المنظفات من خلال شبكة أوعية دموية كانت تغذي عضلة القلب حتى وفاة صاحبها قبل بضعة أيام. يشرح أوت أنه على مدى حوالي أسبوع، سيجرد هذا التدفق من المنظفات القلب من الدهون، والحمض النووي، والبروتينات الذوّابة، والسكريات، وجميع المواد الخلوية الأخرى تقريبًا، ولن يترك سوى شبكة شاحبة من الكولاجين واللامينين والبروتينات الهيكلية الأخرى: أي «مجموعة خارج الخلية» التي كانت فيما مضى تمسك القلب إلى بعضه.

ليس ضروريًا أن يكون هيكل (سقالة) القلب بشريًّا؛ إذ تبدو الخنازير بديلاً واعدًا: فهي تحمل كافة المكونات الحاسمة لـ«مجموعة خارج الخلية»، ولا يُرجّح أن تحمل أمراضًا بشرية. ونادرًا ما تُضْعِف قلوبها أمراض أو جهود إنعاش. يقول ستيفن باديلاك، الباحث في الطب التجديدي بجامعة بيتسبرج: «أنسجة الخنزير أكثر أمانًا من أنسجة البشر، وتتوافر بكميات غير محدودة».

الجزء الصعب، حسب قول أوتّ، هو التأكد من أن المنظفات ستذيب فقط القدر الصحيح من المواد. فإذا جرَّدت القلب أقل من الضروري، فقد تحتجز «مجموعة خارج الخلية» بعض جزيئات سطح الخلايا؛ مما قد يؤدي إلى رفض من قِبَل الجهاز المناعي للمتلقي. وإذا جرَّدته أكثر مما ينبغي، فقد تفقد بروتينات حيوية وعوامل نمو ستوجِّه الخلايا التي أُدخلت حديثًا إلى مكان التصاقها وطريقة سلوكها. يقول توماس جلبرت، الذي يدرُس التجريد الخلوي بشركة ACell في كولومبيا، ميريلاند، التي تنتج منتجات «مجموعة خارج الخلية» لاستخدامها بمجال الطب التجديدي: «إذا كان بإمكانك استعمال عامل منظف ألطف في إطار زمني أقصر، ستحصل على مزيد من تجاوب إعادة التشكيل».

وباعتماد نهج التجربة والخطأ، ورفع درجة تركيز وتوقيت وضغط المواد المنظفة، حسّن الباحثون عملية التجريد الخلوي لمئات من القلوب وغيرها من الأعضاء. ربما كان هذا هو أفضل مرحلة متطورة لمشروع توليد الأعضاء، لكنها ليست سوى الخطوة الأولى. وفي الخطوة التالية، سيحتاج الهيكل إلى تزويده بخلايا بشرية.


الخلايا

تقدم عملية «إعادة التزويد الخلوي» عددًا آخر من التحديات، حسب قول جيسون فيرتهايم، الجراح بكلية طب فاينبرج، بجامعة نورث وسترن في شيكاغو، إلينوي، «أولها: ما هي الخلايا التي نستعملها؟ وثانيها: كم عدد الخلايا التي نستعملها؟ وثالثها: هل ينبغي أن تكون خلايا ناضجة، أم خلايا جذعية جنينية، أم خلايا مستحثة متعددة القدرات؟ وما هو مصدر الخلايا الأمثل؟».

تقول تايلور إن أقل ما يقال في استخدام الخلايا الناضجة أنه مخادع. فـ«لا يمكنك إرغام خلايا القلب الناضجة على التكاثر». وتقول تايلور أيضًا: «لو كان الأمر لنا، لَمَا كانت هناك حاجة إلى إجراء هذا الحوار على الإطلاق»، نظرًا إلى أن القلوب التالفة كانت ستتمكن من إصلاح ذاتها، ولن تكون هناك حاجة إلى إجراء عمليات الزرع.

ويستخدم معظم الباحثين في هذا المجال مزيجًا من نوعين أو أكثر من أنواع الخلايا، مثل طلائع الخلايا البطانية؛ لتبطين الأوعية الدموية، وطلائع العضلات؛ لزرعها في جدران حجرات القلب. قام أوت باشتقاق هذه الخلايا من خلايا مستحثة متعددة القدرات ـ خلايا ناضجة، أعيدت برمجتها إلى حالة مشابهة للخلايا الجنينية الجذعية، باستخدام عوامل النمو ـ لأن هذه الخلايا يمكن أن تؤخذ من مريض بحاجة إلى زراعة عضو، وتستخدم في صنع أنسجة متطابقة مناعيًّا.

مبدئيًّا، يمكن لنهج استخدام الخلايا المستحثة متعددة القدرات أن يقدّم قلبًا جديدًا بمجموعته الكاملة من أنواع الخلايا، بضمنها الخلايا الوعائية وعدة تنويعات من الخلايا العضلية القلبية، ولكن عمليًّا، سيواجه ذلك مشكلاته الخاصة.. وأحدها: حجم قلب الإنسان في حد ذاته. فالأرقام تلقى تقديرًا أقل مما ينبغي، حسب قول أوت. ويضيف أوت: «إن تخليق مليون خلية يختلف عن تخليق 100 مليون خلية، أو 50 مليار خلية». ولا يعرف الباحثون ما إذا كانت أنواع الخلايا المناسبة هي التي سوف تنمو عند استخدام الخلايا المستحثة متعددة القدرات؛ لتختصر التطور الجنيني في هيكل قلب ناضج.

<p>قلب بشري مجرّد من الخلايا، ينتظر إعادة بنائه بحقنه بالخلايا الطليعية.</p>

قلب بشري مجرّد من الخلايا، ينتظر إعادة بنائه بحقنه بالخلايا الطليعية.

OTT LAB/MASSACHUSETTS GENERAL HOSPITAL

ولَدَى استيطانها هيكل القلب، تتجذر بعض الخلايا غير الناضجة وتشرع في النمو، لكن دفعها لتصبح خلايا عضلية قلبية نابضة فعالة وظيفيًّا يتطلب أكثر من مجرد وسط مؤكسج وعوامل نمو. فهذه «الخلايا تستشعر بيئتها» حسب أنجيلا بانوسكالتسيس مورتاري، التي كانت تحاول بناء رئات للزرع، بجامعة مينيسوتا في مينيابوليس. وتضيف: «إنها لا تشعر فقط بالعوامل، بل تشعر بالصلابة والضغط الميكانيكي أيضًا»، مما يدفع بدوره الخلاياه لتأخذ مسار تطورها السليم.

لذا.. ينبغي للباحثين وضع القلب في مفاعل حيوي يحاكي الإحساس بالخفقان. وتستخدم مفاعلات أوت الحيوية مزيجًا من الإشارات الكهربائية ـ أقرب إلى منظِّم ضربات القلب ـ للمساعدة في تزامن ضربات الخلايا العضليّة القلبية النابضة المزروعة في هيكل القلب، جنبًا إلى جنب مع الحركات النابضة المستحثة بمضخّة (راجع: «أعضاء حسب الطلب»)، لكن الباحثين يواجهون معركة مستمرة في محاولة تقليد الظروف الموجودة بالجسم البشري، كالتغيّرات في معدّل ضربات القلب وضغط الدم، أو وجود العقاقير. يقول باديلاك: «يتفاعل الجسم مع الأمور، ويغير الظروف بسرعة كبيرة، تجعل من المستحيل تقليد ذلك في مفاعل حيوي».

عندما كان تايلور وأوت في البداية يطوّران المفاعلات الحيوية، لتجريد قلوب الفئران من الخلايا ثم أُعادة تزويدها بالخلايا، كان عليهما أن يتعلما كلما مضيا أبعد. يقول أوت: «كان هناك كثير من الأشرطة اللاصقة في المختبر». وفي نهاية المطاف كانت القلوب قادرة على الخفقان من تلقاء نفسها بعد ثمانية إلى عشرة أيام في المفاعل الحيوي، منتجةً %2 تقريبًا من قدرة قلب فأر ناضج على الضخّ1. تقول تايلور إنها تحصَّلت على قلوب من الفئران وثدييات أكبر تضخّ حوالي %25 من قدرة القلوب الطبيعية، رغم أنها لم تنشر هذه البيانات بعد. إنّ تايلور وأوت واثقان من أنهما على المسار الصحيح.


الخفقان

التحدي الأخير هو أحد أصعب التحديات: وضع قلب مستنبت حديثًا ومهندَس بيولوجيًّا في حيوان حيّ، واستمرار خفقانه لزمن طويل.

إن سلامة شبكة الأوعية الدموية ـ الجملة الوعائية ـ هي العائق الأول. فأي جزء عارٍ من المجموعة يشكِّل أرضًا خصبة لجلطات دموية قد تكون قاتلة للعضو أو الحيوان. يقول جلبرت: «ستكون بحاجة إلى بطانة سليمة جدًّا تبطن كل وعاء دموي، وإلا فستواجه التجلط، أو التسرب».

وكان أوت قد برهن أن الأعضاء المهندَسة بيولوجيًّا يمكنها البقاء حية لبعض الوقت. فقد زرعت مجموعته رئة مهندَسة بيولوجيًّا في فأر، وظهر أنها تستطيع دعم تبادل الغازات في الحيوان، لكن سرعان ما امتلأ الفراغ الهوائي بالسوائل4. ونجحت كلية مهندَسة بيولوجيًّا زُرِعت لفأر ـ كانت مجموعة أوتّ قد أشارت إليها في وقت سابق هذا العام ـ في الاستمرار دون تجلط الدم، لكن قدرتها على ترشيح البول كانت في الحدود الدنيا فقط، ربما لأن عملية البناء لم تنتج ما يكفي من أنواع الخلايا التي تحتاجها الكلية5 (انظر: Nature http://doi.org/m2r; 2013). قام فريق أوت وسواه بزراعة قلوب مُعادة البناء في الفئران، وكان هذا الزرع يتم عمومًا في العنق، وفي البطن، أو بجانب قلب الحيوان نفسه. لكن رغم تمكُّن الباحثين من تغذية الأعضاء بالدم، وحَمْلها على الخفقان لفترة من الوقت، لم يتمكن أيٌّ من هذه القلوب من دعم وظيفة ضخّ الدم. يحتاج الباحثون لإظهار أن القلب يتمتع بقدرة على العمل أعلى كثيرًا قبل أن يستطيعوا زرعها في حيوان أكبر من فأر.

ومع القلب، يقول باديلاك: «عليك أن تبدأ بشيء يمكنه أن يعمل جيدًا جدًّا» منذ لحظة زَرْعه في المكان. ويضيف: «لا يمكنك الاقتناع بشيء يضخّ ما لا يزيد عن 1 أو 2 أو %5 مما يلفظه قلب طبيعي، وتتوقع أن تُحْدِث فرقًا»، في إشارة إلى مستوى شائع لكفاءة الضخ. فهناك مجال كبير للخطأ. بدورها، تقول بانوسكالتسيس مورتاري: «مازلنا نخطو خطوات صغيرة». وتضيف: «وما زلنا حيث كان يحاول الناس مع زرع القلب قبل عدة عقود».

إن عملية تجريد الخلايا التي يرعاها أوتّ وسواه تُطْلِعنا بالفعل على تطوير صمامات محسَّنة، نسيجية الأساس، وغيرها من أجزاء القلب والأعضاء الأخرى. فمثلًا، قد يتمكن الصمام المهندَس بيولوجيًّا من الاستمرار لفترة أطول من الصمامات الميكانيكية، أو صمامات الأنسجة الميتة، لأنها تمتلك القدرة على النمو مع المريض؛ وإصلاح ذاتها. وقد لا تحتاج الأعضاء الأخرى إلى تبديلها كليًّا. يقول باديلاك: «سأندهش إذا لم تصادف خلال السنوات الخمس أو السبع القادمة مريضًا قد زرع له جزء من شريان، أو فص من رئة، أو فص من كبد على الأقل».

تتوقع تايلور أن هذا النهج الجزئي سيساعد مرضى يعانون من عيوب قلبية حادة، مثل متلازمة القلب الأَيسر نَاقص التنسج، حيث يعاني نصف القلب نقصًا شديدًا في التطور. تقول تايلور إن استرداد النصف الآخر «يرغمك أساسًا على بناء الغالبية العظمى من الأشياء التي تحتاجها».

ويمكن لهذه الجهود أن تشكل دروسًا لتطوير العلاجات الخلوية التي تُجرى على القلب. يتعلم الباحثون، مثلًا، كيف تتطور خلايا القلب، وتعمل في ثلاثة أبعاد. في المستقبل، يمكن للهياكل (السقالات) الجزئية ـ سواء أكانت مخلقة، أم مأخوذة من الجثث ـ أن تتيح لخلايا جديدة ملء المناطق التالفة من القلوب؛ وإصلاحها كالرقع.

قد تبدو الأواني الزجاجية ـ بما تحويه من أعضاء شبحيّة عائمة ـ كأنها صدى بشع لقصة فرانكنشتاين، لكن تايلور تقول إن ما تقوم به هو عمل لأجل الحب. «هناك بعض الأيام التي أقول فيها لنفسي: «يا إلهي ما هذا الذي ورّطت نفسي فيه؟» ومن ناحية أخرى، كل ما يتطلبه الأمر طفل يناديك قائلًا: «هل يمكنكِ أن تساعدي أمي؟»، وهذا سيجعل كل الجهد مستحقًّا».

  1. Ott, H. C. et al. Nature Med. 14, 213221 (2008).

  2. Zopf, D. A., Hollister, S. J., Nelson, M. E., Ohye, R. G. & Green, G. E. N. Engl. J. Med. 368, 20432045 (2013).

  3. Atala, A., Bauer, S. B., Soker, S., Yoo, J. J. & Retik, A. B. Lancet 367, 12411246 (2006).

  4. Ott, H. C. et al. Nature Med. 16, 927933 (2010).

  5. Song, J. J. et al. Nature Med. 19, 646651 (2013).