تأبين

جوزيف إي. موراي (1919 – 2012)

أول باحث ينجح في القيام بعملية زراعة لعضو بشري من متبرِّع حيّ.

بيتر موريس
  • Published online:

Chuck Nacke/Time Life Pictures/Getty

وقد أسهم هذا العمل الفذ مع غيره من عمليات الزرع ـ بالإضافة إلى أبحاثه المتعلقة باستخدام الإشعاع والعقاقير التي تمنع رفض الأعضاء المزروعة ـ في بزوغ عهد طبي جديد؛ أدّى به إلى الفوز بجائزة نوبل مناصفةً في عام 1990.

ولد موراي في عام 1919 في ميل فورد في ماساتشوسيتس، وتوفّي في 26 نوفمبر 2012 في مستشفى بريجهام آند ومنز في بوسطن بماساتشوسيتس أيضًا.

التحق موراي ـ بعد مغادرته المدرسة الثانوية ـ بكليّة هولي كروس في ورشستر، حيث نال درجة البكالوريوس في عام 1940، ثم التحق بمدرسة هارفارد الطبية في بوسطن.

وبعد عمله كطبيب لفترة قصيرة في مستشفى بيتر بينت بريجهام ـ الذي سمي لاحقاً بمستشفى بريجهام آند ومنز ـ التحق بالجيش، وأُرسِل إلى مستشفى فالي فورج في بنسلفانيا، حيث كانت فالي فورج في ذلك الوقت تُعنى بتطبيب الجنود المصابين العائدين من الحرب العالمية الثانية.

وأثناء وجوده في فالي فورج، اهتم موراي بضحايا الحروق، وغالبًا ما كان هذا يتضمن ترقيع الجلد من المصابين أنفسهم، لكن في بعض الأحيان من المتبرعين الموتى. عاد موراي إلى بريجهام لاستكمال عمله كطبيب جراح مقيم، بعد تسريحه من خدمة الجيش في 1947. وعُين كجراح عام وتجميلي في المستشفى في عام 1954.

وفي أواخر الأربعينات، وأوائل الخمسينات، نشط موراي بمجال زراعة الكلى. وكان هناك جَرّاحان آخران، هما ديفيد هيوم، وتشارلز هافناجل، يقومان بعمليات زرع الكلْية لدى الكلاب، إذ قام هيوم بعدة عمليات زرع، مستخدمًا كُلَى من متبرعين موتى. وقد ظلت إحدى الكُلَى المزروعة تؤدي وظائفها لمدة ستة أشهر. أما موراي ـ الذي أُولع بزراعة الأعضاء منذ عمل في فالي فورج ـ فقد تولى المختبرات الجراحية في بريجهام عندما أُرسِل هيوم للالتحاق بالحرب الكورية.

وبينما كان موراي يستكشف طُرُقًا لتثبيط الجهاز المناعي لدى البشر، مستخدمًا علاجات تتضمن تعريض أجسامهم بالكامل للأشعة، تَمَّ تحويل مريض في الثالثة والعشرين من عمره ـ يُدعى ريتشارد هيريك ـ للغسيل الكلوي في بريجهام، تحت إشراف جون ميريل. وكان ريتشارد يحتضر، جرّاء التهاب كلوي مزمن. وبعد أنْ علم ميريل أن لريتشارد أخًا توأمًا، تناقش هو وموراي ورئيس قسم الجهاز بولي هارتويل هاريسون بخصوص إمكانية (وأخلاقيات) زرع كلْية لريتشارد من توأمه رونالد، الذي كان سليمًا، ولا يعاني من أي مشاكل صحية.

وأكدت سِجلّات الولادة أن التوأمين كانا مرتبطين بالمشيمة نفسها، وتكلل تطعيم جلدي من ريتشارد لرونالد بالنجاح. كما أكدت دائرة شرطة بوسطن أن بصمات التوأمين متطابقة. وفي 23 ديسمبر من عام 1954، أخذ هاريسون وفريقه كلْية من رونالد، ثم قام موراي بزرعها لريتشارد. شرعت الكلْية بأداء وظائفها على الفور. وعقب مغادرته المستشفى، تزوج ريتشارد من ممرضته؛ وأصبح أبًا لطفلين، وعاش في صحة جيدة لمدة ثماني سنوات، قبل وفاته إثر معاودة مرضه الكلوي الأصلي في الكلْية المزروعة.

وفي السنين اللاحقة، قام موراي بعمليات زراعة متعددة لتوائم متطابقين، وكان يأمُل في أن يبتكر طريقة لنقل الأعضاء بين الأفراد غير المتطابقين، كما قام أيضًا ببعض عمليات الزرع من متبرعين أموات، وكان يلجأ إلى تعريض أجساد متلقِّي الكُلَى للإشعاع؛ لتثبيط أجهزتهم المناعية. وباستثناء حالة واحدة فقط، فشلت كل عمليات الزرع الأوليّة هذه، لأن الإشعاعات أبطأت ـ أو أوقفت ـ إنتاج نخاع العظام لخلايا الدم البيضاء، الذي بدوره أدَّى إلى العدوى.

في عام 1959، اكتشف كلٌّ من روبرت شوارتس، وويليام داميشيك ـ المتخصصان في أبحاث الدم من مركز نيو إنجلاند ميديكال سنتر (ويُعرَف حاليًا باسم توفتس ميديكال سنتر) في بوسطن ـ أن العقار المضاد للسرطان ـ المسمى 6 ميركابتوبورين (6-Mp)، والمنتَج من قِبَل جيرترود إيليون، وجورج هيتشينجس في مختبرات ويلكوم ريسيرش في نيويورك ـ قادر على أن يمنع الأرانب من إنتاج أجسام مضادة؛ استجابة لبروتين أجنبي.

كما أطال العقار كذلك حياة الطعوم الجلدية الأجنبية بين الأرانب. وبعد ذلك بفترة قصيرة، اكتشف كلٌ من روي كالن، وهو جراح متدرب شاب في مستشفى لندن الملكي المجاني، وتشارلز زوكوسكي وهيوم، الذي يشغل منصب رئيس قسم الجراحة في كلية فيرجينيا الطبية في ريتشموند، أن عقار 6 ميركابتوبورين يمكنه إطالة حياة الكُلَى المزروعة لدى الكلاب.

وفي عام 1960، وبينما كان موراي يفكر في تحويل تركيز عمله المخبري من الإشعاع إلى استخدام عقار 6 ميركابتوبورين، حاز كالن على منحة هاركنيس؛ لينضم إلى مختبرات موراي في بريجهام. وفي ذلك الوقت.. كان إيليون وهيتشينجس قد أنتجا مشتقًا من العقار، يسمى «آزاثيوروبين» aza-thioprine، وأعطيا بعضًا منه لكالن، الذي زار مخبرهما وهو في طريقه إلى بوسطن.

وباستخدام الآزاثيوروبين، تمكَّن كالن وموراي مع غيرهما من زملاء البحث من تطوير زراعة الكلى في الكلاب بشكل كبير. ومنذ ذلك الوقت.. بدأ حقل زراعة الأعضاء في الانطلاق، واستُخدم العقار للمرة الأولى في زراعة الكلْية البشرية في عام 1963.

تقاعد موراي من برنامج الزرع في عام 1971، وظل رئيسًا لقسم الجراحة التجميلية في بريجهام آند ومنز حتى عام 1986، وكان في الوقت نفسه رئيسًا لقسم الجراحة التجميلية في مستشفى بوسطن للأطفال من عام 1972 حتى عام 1985، حيث قام بتصحيح تشوهات وجهِيّة قحفِيّة لدى الأطفال؛ تكللت بنجاح باهر.

وفي عام 1990، مُنح موراي جائزة نوبل في الطب أو الفسيولوجيا ـ مناصفةً مع دونال توماس ـ لأعماله في مجال الزرع. وكان من بين المناصب التي تقلّدها، أنْ انتُخب عام 1993 كعضو في الأكاديمية الوطنية للعلوم، كما كان عضوًا في مجلس الأكاديمية الأمريكية للجراحين من عام 1970 حتى 1979.

تزوج جوزيف بزوجته بوبي في عام 1945، وأنجبا ستة أطفال. كان رجلاً محترمًا بحق، وقد أحب كافة نشاطات الهواء الطلق، كما كان رياضيًّا ممتازًا، وشغوفًا بلعبة التنس.